منذ أن قرعت البطالة أبوابنا تعود الجالسون وراء مكاتبهم الوثيرة والمتنعمون بالظل وأجهزة التكييف أن يعيدوا مشكلة البطالة إلى عزوف شبابنا عن تقبل الأعمال الحرفية والمهنية وإصرارهم على أن يجدوا وظائف توفر لهم المكاتب الوثيرة وأجهزة التكييف الأثيرة، ومنذ أن أصبحت البطالة عضوا له مقعد دائم في أسواقنا والمتحدثون نيابة عن الشباب الباحث عن أي فرصة عمل يؤكدون أن المشكلة في جوهرها مشكلة اجتماعية تتمثل في تحكم قانون العيب الذي يجعل من الشباب مستنكفين عن تقبل بعض الأعمال لأنهم يرون أنها لا تليق بهم. ووجد الجالسون وراء مكاتبهم والمتحدثون باسم الشباب فيما كانوا يرونه ويتوهمونه ويحاولون إقناع المجتمع والمسؤولين به حجة كي يغلقوا الباب دون أي فرصة عمل للمواطنين، وأن يفتحوه واسعا للاستقدام من شرق الدنيا وغربها حتى كدنا نصبح أغرب بلد في العالم يعجز عن أن يوظف أبناءه في الوقت الذي لا يعجز سكان العالم عن أن يجدوا فرصة عمل فيه. وبعد مرور سنوات برهن خلالها شبابنا أنهم قادرون على العمل تحت لظى الشمس، كما برهنوا على أنهم أكثر وعيا من أن يصنفوا الأعمال تصنيفا يجعل من بعضها شرفا يسعون إليه ومن بعضها الآخر عيبا يتجنبونه، بعد مرور هذه السنوات لا يزال هناك من يردد الحجج القديمة، ويرى أن شبابنا أضعف من تقبل الأعمال الحرفية الشاقة وخاضعا لتصورات تجعل من تقبل بعض الأعمال عيبا، والمرددون لتلك المقولات التي عفى عليها الزمن لا يرغبون في شيء كما يرغبون إعادة فتح باب الاستقدام كما كان عليه سابقا. أولئك المرددون لتلك المقولات يبحثون عن علل وهمية لعزوف الشباب السعودي عن الالتحاق بما يعرضونه عليه من فرص عمل، ولو أنصفوا لاعترفوا أن مرد ذلك العزوف إنما يعود إلى ضعف ما يعرضونه من أجر نظير القيام بما يطلبونه من أعمال، وكذلك افتقار العاملين في مؤسساتهم وشركاتهم للأمن الوظيفي من ناحية، والحقوق التي كفلها نظام العمل من ناحية أخرى.
مشاركة :