كتبت الشعر العاطفي ليس لأنه الأسهل، بل لأنهُ الأصعب فنتج ثمرة طعمها حلو، بعد ذلك الطحن يطرب لها الرجل وترقص لها الأُنثى، أسست مجلة نسائية تجاوز عدد المشاركات بها مائة شاعرة لا وجود لرجل بها وبلهفة معرفة ضيفتنا التقيناها في هذا الحوار الذي يضيء على تجربتها.. الشاعرة تهاني التميمي المعروفة بالأسمى. ،، كيف كانت البدايات وهل وضعتِ الحروف على النقاط؟ - البدايات جميلة جداً كيفما كانت بلهفتها، ونشوتها، وأخطاءها وصدقيني مهما كتبنا من نصوص وتفوقنا على أنفسنا لن تكون بمشاعر البدايات نفسها، وضعت الحروف فعلاً على النقاط.. فتعلمت كيف أتطور وأكتب، وأملأ فراغ النقاط بداخلي. ،، ذكرت في أحد لقاءاتك أن الشعر خاصة الشعر النسائي يمر بحالة ركود فهل ما زال ذلك الركود قائماً وما الأسباب لذلك؟ - نعم ذكرت ذلك وما زلت عند رأيي ركود حراك أدبي بشكل عام وشعري بشكل خاص.. لأنهُ من وجهة نظري جهد فردي لشاعرة، ومجموعات الملتقيات النسائية الخاصة.. التي لا تدعم من أي جهة حكومية أوأي جهات خاصة الشعر النسائي مغيب عن الفعاليات الأسباب لا أعلمها ولكني على يقين أننا كنا ملوك الحراك الشعري، وتنازلنا عن العرش، ونجهل أسباب التنازل! [،، حركة الركود التي ذكرتِ خاصة بالشاعرة السعودية أم أنها شاملة لجميع شاعرات النبط في الوطن العربي؟ - ما أراهُ أن الركود فقط في وطني.. في حين نجد شاعرات المملكة (دينامو) المهرجانات الشعرية بالخليج. ،، خصصتِ كتابتك الشعرية للمرأة فهل ذلك يعني أن الرجل لا يستحق منك تلك المشاعر، وكيف يخصص دفق القلب الشعري لجنس دون الآخر؟ - أنا لم أخصص كتاباتي لجنس دون آخر، كل ما في الأمر أني أنثى تكتب مشاعرها بصدق وإحساس يصل لمتلقٍ.. فيطرب لفيضه الرجل وتتراقص لهُ خلايا الأنثى.وحين تقول لي: أنثى زميلة أو أين كانت ما أجمل ما كتبتِ؟.. أعانق السماء نشوة وفرحة لأن مشاعري لامستها، وعبرت عنها، وهذهِ رسالة لي أني ما زلت على الدرب الصحيح إلى روما.. فليست كل الطرق تؤدي إلى روما. ،، يُطلب منكِ كتابة قصيدة معينة لعرض مشكلة عاطفية أو اجتماعية.. كيف يكون تفاعلك مع ذلك؟ - أنا رهن إشارة إلهامي عادة وليس العكس، ولكن إن طلب مني ذلك وجدولي غير مزحوم لا أمانع فتكون الكتابة لذلك من مقدرة فقط، وأحياناً يكون هناك حدث يستوجب التفاعل وتكون النتيجة مثمرة. ،، جردتِ قلمك الشعري للكتابة العاطفية ذلك لاستسهال كتابة ذلك النوع من الشعر أم أن هناك نوعاً من الشعر يفرض حضوره على الشاعر؟ - سأوضح لك الأمر: الحقيقة أنا مقلة بالكتابة في أي غرض آخر غير العاطفي ولم أجرد قلمي، أما كونه أسهل فهذه معلومة خاطئة جداً.. لأن القصائد الوطنية، والدينية وأي غرض آخر أسهل من العاطفي، وذلك لأنكَ تُقدم تَقريراً أو خِطاباً لا يخلو أحياناً من الصور الجميلة، وتلك نبتة معمرة، ولكن الكثير منها تنبت خاوية فلا تعمر. ،، حديثنا عن صحيفة البيان الإلكترونية، وما القفزات التي تمكنت المرأة من تقديمها للمرأة؟ - صحيفة سحر البيان كانت حلماً وأصبحت حقيقة؛ وهي في طور النمو وسترونها فتاة يافعة لا تشيب، خصصتها للأقلام النسائية بشكل عام أياً كانت توجهاتها فما دامت تقدم الجميل فالمكان مكانها، والمرأة إن أخلصت لزميلتها المرأة.. فلن يعوق مسيرتهن عائق بإذن الله، ومن خلال الصحيفة.. التي هي امتداد للمجموعة، وأنشطتها حققنا ما نصبو إليه من نشر ووجود. بدل من أن تملى علينا شروط المحررين وتطال نصوصنا أقلامهم أصبحت قصائدنا، ومقالاتنا تطلب بالصحف بل ويحرص على وجود الشاعرة، وقد نشرت نصوص سبق نشرها لكن طالها مقص الرقيب. ،، مائة شاعرة تضاعف ذلك العدد في مجلة سحر البيان وهل للرجل حضور، وماذا قدم للشاعرة من خلال ذلك الصرح؟ - نعم والعدد في ازدياد ولله الحمد، أما الرجل فلا مكان لهُ بين أقلام المجلة لأن ذلك ليس من ضمن المخطط لهُ. ،، حدثينا عن الأمسيات الشعرية التي نفذت، وهل هناك اختلاف من ناحية الجمهور والمتذوقين للشعر، وكيف كانت مشاركتك في مهرجان الجنادرية؟ - مجموعة سحر البيان نفذت عديداً من الأمسيات ضمن جهود فردية لمؤسسة المجموعة، وممثلات المجموعة بالمناطق.. حسب التغطيات، والحضور كانت ناجحة بكل المعايير..أما الأمسيات النادرة التي إقامتها الجهات الأخرى فكان لي مشاركات في أمسيات اليوم الوطني بالمنطقة الشرقية مكان إقامتي، وكانت تفتقد للأسف للكثير، أما بالنسبة للاختلاف فهو موجود فالبعض يحب التفعيلة، والبعض العمودي والبعض يميل للعاطفي. والآخر للوطني وهذا سر الجمال، والمتعة إضافة إلى مشاركتي بمهرجان الجنادرية.. ضمن احتفالات المناطق.. سعيدة بها وممتنة لمن دعاني، وتعرفت من خلالها على الكثير من جميلات الشعر والإعلام، ولكن للأسف ليست بحجم المناسبة، والتطلعات. ،، ما القصيدة التي حققت لكِ شهرة وانتشار في الساحة الشعرية الشعبية؟ - قصيدة كتبتها رداً على شاعر ظهر في لقاء في إحدى القنوات قال فيه: و(راء كل شاعرة شاعر) أو بما معناه. ،، في رأيك هل ما زالت تهمة أن الشاعرة يكتب لها تلاحق الشاعرة إلى اليوم، ولماذا ذلك التشكيك في شاعرية المرأة؟ - نعم هي مستمرة ولكنها لا تلاحق إلا فريستها، أما لماذا؟ هي عقول فارغة أسهمت بعض الشاعرات بإتاحة الفرصة لهم بشكل أو بآخر. ،، الإبداع وليد المعاناة ما رأيك في ذلك، وهل الكتابة الشعرية عند الأسمى وليدة معاناة أو شيء آخر؟ - الفكرة إن طحنتها رحى العقل ينتج شعر هو وليد قراءة واطلاع. وفلسفة وفكر، وإن طحنتها رحى المشاعر هو شعر إحساس حقيقي، وإن خالطه رحيق العقل سواء كان فرحاً أو معاناة، إذا العبرة بالطحن والرحى.. فكلما زادت جودة الرحى وطحنها نتج الإبداع، أما بالنسبة لي بدأت بكتابة الشعر حبا لهُ من قبل والدي، ولكن كإلهام لا يزورني إلا عند الحزن أو الشعور بالحاجة إلى الوحدة ولكن يكون الناتج حباً. ،، عرفت بالشاعرة الأسمى ثم صرحتِ باسمك الحقيقي، هل أوجد ذلك فارقاً في مكانتك الشعرية عند جمهورك، ولماذا بدأت الكتابة باسم مستعار؟ - بين الأسمى وتهاني التميمي وقت قصير جداً أعلنتهُ في أول لقاء لي مع المذيع القدير مطلق الدخنان في برنامج مرسى الأحاسيس بإذاعة الكويت ولم يوجد فارق كبير عند الجمهور.. فلم يعد للاسم قيمة ظاهرة عند المتلقي لا بالسلب أو الإيجاب.. أما لماذا بدأت بهِ فقط لأنه الأقرب لي من اسمي. ،، في الوقت الراهن هل ما زالت الشاعرة تهاب المجتمع فتكتب بالاسم المستعار أم أن ذلك يمنحها شعوراً مختلفاً؟ - هي حاجات شخصية أحياناً تحتاجها الشاعرة للتخفي عن أعين المتطفلين أو سلاح الأقارب أو سطوة العائل.. فالبعض يمنحها الاسم المستعار حرية أكثر للتعبير، والبعض لمجرد شعور مختلف تستشعرهُ. ،، كونك ضمن كوكبة لشاعرات من جميع أنحاء الوطن العربي فهل هموم ومشاكل الشاعرة متشابهة أو هناك اختلاف؟ - ضمن نطاق الأفكار والمشاعر والتعبير نعم متشابهة، أما فيما يخص البلدان، والأقطار والمجتمع.. أعتقد أن هناك اختلافات كبيرة بين مجتمع السائد عندهُ رفض الشاعرة، ومجتمع السائد به الافتخار بها. ،، ما أبرز المواضيع التي تناقشونها ضمن كوكبتكم الشعرية، وهل هناك تواصل منبري فيما بينكم؛ بمعنى أن تشارك الأسمى في محفل في الكويت أو مصر أو أن يكون هناك حضور لشاعرات من الخليج والدول العربية للمشاركة في المحافل الشعرية النسائية بالمملكة؟ - مواضيع الشعر هي الأساس من نشر إلى تنظيم إلى وجود وإقامة أمسيات، ولا ننفصل أبداً عن أحداث المجتمع والحياة والهموم الخاصة المشتركة وأجواء الضحك والتسلية عامل مهم جداً للتآلف، نعم نرشح بعضنا البعض في المحافل الخارجية والأمسيات والأنشطة الثقافية ونوجه الدعوات لبعض، فضمن هذه المجموعات أصبحنا أقرب إلى الحدث الشعري أو الأدبي في أغلب الدول. ،، الأحداث العربية الراهنة كان لها دفق خاص لدى الشاعرة تهاني التميمي؟ وماذا كتبت الشاعرة الأسمى في عاصفة الحزم؟ - الأحداث تؤثر كثيراً ودفعت بي لمتابعة الأخبار أولاً بأول، فمنطقتنا ولله الحمد لا تعرف إلا السلام، والأمن والأمان؛ وهذا ما أثر علي شخصياً، فلم أعتد الحروب وأجواءها كانت طاقة سلبية لا تحتمل. كتبت أبياتاً لا تتعدى كونها تغريدات متفرقة، شاركت ضمن أعمال إنشادية (شيلات) مع زميلاتي الشاعرات عن هذا الحدث: خبروا إيران وان نادى رخومه اليمن بالحفظ وأيدين أمينه راجت صقور الجزيرة في رجومه وارجمت روسٍ توارت في كمينه أيضاً بصوت النساء أقول: يا: سيدي سلمان حنا من جنودك الله مسخرنا دعاء بكل رمشه حنا وهبنا للوطن صفوة فهودك لبوا وكلٍ شايل بايديه نعشه ،، الإعلام السعودي ماذا قدم للشاعرة، وهل وجودها بكثرة على صفحات الإعلام العربي والخليجي دليل قصور من الإعلام السعودي، ما رأيك بذلك الخصوص، وماذا تتأملين من أعلامنا؟ - الإعلام السعودي مقصر جداً إلا من الندرة، والإعلامي السعودي هو من يحرك الإعلام المجاور بنسبة ليست ضئيلة، والشاعرة السعودية هي مطلب الصفحات والأمسيات والبرامج، أما ما أتأمله من إعلامنا يتلخص في جملة واحدة (زمّار الحي يطرب). ،، طبيعي أن يكون هناك طموح يسكنك بخصوص الشعر والحركة الشعرية، حديثنا عن ذلك وعن تطلعاتك المستقبلية؟ - أتطلع أن أقيم ملتقى شعرياً يتكرر ثلاث مرات في السنة في ثلاث مناطق بالمملكة يجمع الشاعرات ويكون «أبدي». في الختام أوجه شكري لكِ أستاذتي الفاضلة أسئلة رائعة ومميزة لم يسبق أن وجه لي مثلها قيمة وثقلاً، وللقائمين على مجلة اليمامة هذا الصرح العريق وللأستاذ الوالد راشد جعيثن كل الشكر.
مشاركة :