بإعلان قوات سورية الديموقراطية وهي تحالف من فصائل عربية كردية سورية مدعومة من التحالف الدولي بقيادة أمريكية، الأحد الماضي بدء معركة تحرير الرقة، المعقل الأبرز لتنظيم داعش في سورية يمكن القول إن أيام هذا التنظيم الإرهابي قد باتت معدودة. فمقاتلوه المحاصرون في الموصل لا يمكنه إنقاذ «عاصمتهم» في سوريا بعد أن قطعت معظم الطرق والمعابر بين العراق وسوريا وما تبقى من مسلحين في «الرقة» لا يمكنهم الصمود طويلاً بعد أن نقل التنظيم معظم أسلحته ومسلحيه المدربين لخوض المواجهة في الموصل. وقالت المتحدثة باسم الحملة التي أطلق عليها تسمية «غضب الفرات» في مؤتمر صحفي: «إننا في القيادة العامة لقوات سورية الديموقراطية نزف لكم بشرى بدء حملتنا العسكرية الكبيرة من أجل تحرير مدينة الرقة وريفها من براثن قوى الإرهاب العالمي الظلامي المتمثل بداعش». وأوضحت أن العملية بدأت ميدانياً مساء السبت الماضي مع «تشكيل غرفة عمليات (غضب الفرات) من أجل قيادة عملية التحرير والتنسيق بين جميع الفصائل المشاركة وجبهات القتال». وأضافت أن «ثلاثين ألف مقاتل سيخوضون معركة تحرير الرقة»، مضيفة «ستتحرر الرقة بسواعد أبنائها وفصائلها عرباً وكرداً وتركماناً، الأبطال المنضوين تحت راية قوات سورية الديموقراطية وبالتنسيق مع قوات التحالف الدولي». ويأتي الهجوم على الرقة (شمال) بعد يومين من دخول القوات العراقية إلى مدينة الموصل، آخر معاقل المتطرفين في العراق، في إطار هجوم واسع بدأته قبل ثلاثة أسابيع بدعم من غارات التحالف الدولي. وتعد الرقة والموصل آخر أكبر معقلين للتنظيم الذي مني منذ إعلانه ما يسمى «الخلافة الإسلامية» على مناطق سيطرته في سورية والعراق في يونيو 2014، بخسائر ميدانية بارزة. وكان وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر قد قال إن فكرة شن عمليتين متزامنتين في الموصل والرقة «جزء من تخطيطنا منذ فترة طويلة»، مرجحاً بدء الهجوم «في الأسابيع المقبلة» بالتعاون مع «قوات محلية فاعلة ومتحمسة». ومنذ تشكيلها في أكتوبر العام 2015، نجحت قوات سورية الديموقراطية التي تضم نحو ثلاثين ألف مقاتل، ثلثاهما من الأكراد، بدعم من التحالف الدولي، في طرد تنظيم داعش من مناطق عدة كان آخرها مدينة منبج (شمال) في بداية شهر أغسطس الماضي. والمشكلة الوحيدة التي قد تكون عقبة حقيقية أمام تحرير الرقة قد تكون مخاوف تركيا من قوات سورية الديمقراطية التي يشكل الأكراد أغلبيتها وربما يجد الأمريكيون حلاً لهذه العقدة من خلال إعطاء دور رئيس لأنقرة في عملية تحرير الرقة. وبينما تطالب تركيا بوجود «عربي صميم» في الرقة بعد إعلان قوات سوريا الديموقراطية بدء تحرير المدينة قال المتحدث العسكري باسم هذه القوات: «اتفقنا بشكل نهائي مع التحالف الدولي على عدم وجود أي دور لتركيا أو للفصائل المسلحة المتعاونة معها في عملية تحرير الرقة» بينما حاول المبعوث الخاص لقوات التحالف الدولي ضد تنظيم داعش امتصاص الغضب التركي قائلاً: إن واشنطن على اتصال «وثيق جداً» بتركيا بشأن معركة الرقة. وقال في عمان «ندعم قوات سوريا الديموقراطية التي بدأت التحرك في الرقة ونحن على اتصال وثيق جداً بحلفائنا في تركيا». والرقة التي أعلنت قوات سورية الديموقراطية هي أبرز معاقل المتطرفين في سورية ووصفها مساعد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بأنها «العاصمة الحقيقية للتنظيم». وقال: «من هذه المدينة، يخطط داعش للهجمات الخارجية»، مضيفاً «يتعين علينا القيام بالأمرين، الموصل في العراق والرقة في سورية». وتقع الرقة على ضفة نهر الفرات وتبعد نحو مائة كيلو متر عن الحدود التركية. وكان يعيش فيها نحو 240 ألف شخص قبل بداية النزاع في 2011، انضم إليهم نحو ثمانين ألف نازح جاؤوا من منطقة حلب. وكانت مدينة الرقة، أول مدينة كبرى تسقط في أيدي مقاتلي المعارضة لنظام الرئيس بشار الأسد في 2013. وفي أغسطس عام 2014، سيطر المتطرفون على محافظة الرقة الغنية بالحقول النفطية وحقول القطن والقمح بكاملها، وسيطروا على مطار الطبقة فيها، حيث قتلوا 170 جندياً من النظام. وشهدت الرقة منذ ذلك الوقت أبشع الممارسات وعمليات قتل وخطف وتعذيب وحشية. وبات السكان يطلقون على دوار النعيم في وسط المدينة اسم «دوار الجحيم» بسبب عمليات الصلب وتعليق الجثث فيه. وكان المتطرفون يقومون بعرض ضحاياهم والرؤوس المقطوعة عمداً لبث الرعب بين السكان. وتحكم التنظيم المتطرف بمفاصل الحياة في المدينة، ونفذ إعدامات وفرض عقوبات على كل من خالف أحكامه أو عارضه، من دون تمييز بين طفل وامرأة ورجل أو عجوز. وتعد مدينة الرقة الوجهة الأساسية للمقاتلين الأجانب الذين ينضمون إلى صفوف تنظيم داعش بعد عبورهم الحدود مع تركيا، بحسب الوكالات الاستخباراتية الغربية.
مشاركة :