عندما كان دونالد ترامب مرشحا للوصول إلى البيت الأبيض وعد بـ «تمزيق» الاتفاق النووي الإيراني، إلا أنه بعد انتخابه سيجد صعوبة كبيرة في الالتزام بما وعد به، تحت طائلة عزل بلاده بمواجهة القوى الدولية الموقعة على هذا الاتفاق. ويعتبر الاتفاق حول الملف النووي الإيراني المثير للجدل أبرز خطوات أوباما في ملفات الشرق الأوسط، والذي وقع في فيينا في الرابع عشر من يوليو 2015، ودخل حيز التنفيذ في السادس عشر من يناير الماضي بعد 18 شهرا من المفاوضات السرية بين واشنطن وطهران خلال العامين 2012 و2013، وبعد عامين آخرين من المفاوضات الرسمية بين إيران ومجموعة القوى الكبرى الست (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا). وباشر ترامب إبان السباق الرئاسي هجومه على الاتفاق النووي الإيراني منذ صيف 2015، فوصفه بأنه «أسوأ اتفاق يتم التفاوض بشأنه» وقال إنه يهدد بحصول «محرقة نووية». وفي مارس الماضي قال ترامب أمام اللوبي اليهودي آيباك: إنه يضع «في صدر أولوياته إلغاء هذا الاتفاق الكارثي مع إيران، الذي يشكل كارثة بالنسبة إلى إسرائيل والشرق الأوسط». ووعد حتى بـ «تمزيق» الاتفاق في حال وصل إلى البيت الأبيض. ومن الأسماء التي يتم تداولها لتسلم وزارة الخارجية، نيوت غينغريتش الزعيم السابق للأكثرية الجمهورية في مجلس النواب، وجون بولتون السفير السابق لدى الأمم المتحدة، وبوب كروكر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ. والثلاثة كانوا من أبرز معارضي الاتفاق مع إيران. إلا أن مسؤوليات السلطة تفرض التخفيف من حدة المواقف التي أطلقها ترامب المرشح. وردا على سؤال لإذاعة بي بي سي في لندن قال وليد فارس المستشار لدى ترامب لشؤون السياسة الخارجية: «إن كلمة تمزيق قد تكون قوية جدا. سيعيد النظر في الاتفاق وسيرسله إلى الكونغرس وسيطلب من الإيرانيين تعديل بعض نقاطه». إلا أن الواقع يؤكد أنه سيكون من «المعقد» جدا على ترامب إعادة التفاوض حول الاتفاق، حسبما كتب تريتا بارسي الباحث والناشط الإيراني الأميركي الذي عمل كثيرا في واشنطن على التوصل إلى اتفاق يوليو 2015 مع إيران. ومما قاله الباحث بارسي «لن يكون بإمكان الولايات المتحدة إلغاء أو تعديل الاتفاق من طرف واحد من دون خرق القانون الدولي»، معتبرا أن «أية محاولة لإلغاء الاتفاق بشكل مباشر وحتى إعادة التفاوض بشأنه، ستؤدي إلى عزل الولايات المتحدة». وفي السياق نفسه يقول جورج بركوفيتش في مقالة صادرة عن مؤسسة كارنيجي: «في حال هددت الولايات المتحدة بإلغاء الاتفاق أو حاولت إعادة التفاوض بشأنه، فإن الدول الكبرى والاقتصادات الكبرى مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا وروسيا والصين والبرازيل والهند واليابان وكوريا الجنوبية سترى ذلك نوعا من العمل الخارج عن القانون وسيعارضونه بشدة».;
مشاركة :