الآثــار الاقتصاديــة المترتبة على فــوز ترامــب

  • 11/13/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

شكل انتخاب دونالد ترامب مفاجأة سياسية أخرى للعالم مماثلة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فبمجرد إعلان نتائج الانتخابات، ساد الأسواق المالية على الفور مزاج مضاد لتحمل المخاطر. وعلى إثر ذلك هبطت أسعار الأسهم والعائدات، وارتفع الين الياباني واليورو بفضل التدفقات المالية الباحثة عن ملاذ آمن، في حين تراجعت عملات الأسواق الناشئة، وخاصة البيزو المكسيكي. غير أن هذه الآثار السلبية كانت قصيرة الأجل، ثم سرعان ما انتعشت الأسواق وانتقل الدولار الأمريكي والأسهم العالمية والتغيرات في العائدات إلى المنطقة الموجبة في اليوم التالي للانتخابات. ويعكس هذا التحول سرعة استيعاب الأسواق للفوز المفاجئ لترامب وتحول اهتمامها إلى السياسات الاقتصادية التي عرضها الرئيس المنتخب وانعكاساتها على اقتصاد الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي. وبالرغم من أن ترامب لم يفصح إلا عن القليل من تفاصيل سياسته طوال الحملة الانتخابية، فإنه كان يركز باستمرار على مجالين رئيسيين من برنامجه الاقتصادي. الأول هو مجال السياسة المالية. فقد تحدث الرئيس المنتخب بإيجاز عن خطته لتنفيذ برنامج تيسير مالي طموح وجريء ينطوي على تخفيضات ضريبية شاملة وعمليات كبرى لتجديد البنية التحتية. ووفقاً لمركز السياسات الضريبية غير الحزبي، بلغت قيمة مقترحات ترامب خلال الحملة الانتخابية في مجموعها ستة تريليونات دولار أمريكي من التخفيضات الضريبية على مدى العقد المقبل، والتي إذا تم تطبيقها قد ترفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من 84% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015 إلى أكثر من 100% خلال مدة رئاسة ترامب. جاءت هذه المقدمة في تقرير اقتصادي لبنك قطر الوطني، تلقت «أخبار الخليج» نسخة منه، يضيف فيه التقرير أن السياسة المالية المشددة في الولايات المتحدة لها تأثير كبير على السياسة النقدية. فاعتماداً على طريقة تنفيذها، يمكن للسياسة المالية المشددة أن تحفز الطلب الكلي وتزيد التضخم، مما سيستوجب قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة، ونظرًا إلى أنّ الاقتصاد الأمريكي بالفعل قريب من مرحلة التوظيف الكامل والتضخم آخذ في الارتفاع، قد تؤدي المحفزات الكبيرة المقترحة من قبل ترامب إلى رفع التضخم فوق المستوى المستهدف، وذلك سيؤدي إلى تشديد السياسة بوتيرة أسرع. وعلاوة على ذلك، سيتردد صدى دورة التشديد السريعة هذه في الأسواق المالية العالمية التي اعتادت مؤخراً السياسات النقدية الميسرة. ونتيجة لذلك، سترتفع قيمة الدولار الأمريكي وعائدات السندات الأمريكية، وهو ما يُنذر بإمكانية حدوث مشاكل في الأسواق الناشئة الأكثر عرضة للمخاطر. ويشير منحنى العقود الآجلة على سعر الفائدة الرسمي الأمريكي بالفعل إلى احتمال حدوث خطوة في هذا الاتجاه. أما الجزء الثاني من البرنامج الاقتصادي لترامب فهو موقفه من حرية التجارة. فطوال حملته الانتخابية، كان من الواضح أن ترامب يعارض حرية التجارة، فقد أعرب عن مواقف مثيرة للقلق، مثل بناء جدار بين الولايات المتحدة والمكسيك، ودعم التعريفات الجمركية لحماية الصناعة الأمريكية، والخروج من اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية ومن منظمة التجارة العالمية، واتهام الصين بالتلاعب بالعملة. وعلاوة على ذلك، كان ترامب من أكبر المعارضين للشراكة عبر المحيط الهادئ، ومن المؤكد أنه سيشرف على إنهاء هذا الاتفاق. ويقول التقرير إنه بينما يتعين الانتظار لنرى مدى نجاح ترامب في تنفيذ أجندته المناوئة للتجارة الحرة، فإنه لا يستبعد أن يتباطأ نمو التجارة الأمريكية في ظل رئاسة ترامب. وسيكون لذلك تداعيات خطيرة على الاقتصاد العالمي، حيث شكلت الولايات المتحدة 11% من تجارة السلع العالمية في عام 2015. وقد يتباطأ النمو العالمي نتيجة لتراجع التجارة وأيضا بسبب تباطؤ نمو الإنتاجية. (انظر تحليلنا الاقتصادي ما هي أسباب تباطؤ نمو الإنتاجية العالمية؟). ختاماً، يبدو أن الأسواق قد استوعبت حقيقة فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة، وهي حريصة جداً على الفهم الكامل للانعكاسات الاقتصادية لهذا الفوز، لكن السؤال الرئيسي في المدى القصير هو: هل سيخفف ترامب من حدة مواقفه أم لا؟ وإلى أي مدى؟ ويمضي التقرير في تحليله أنه من المرجح أن يمارس «النواب المؤيدون للسياسات المالية المحافظة والأعضاء الداعمون للتجارة الحرة ضغوطاً على الرئيس المنتخب ليقدم تنازلات. وأيضاً بصفته جديداً على إدارة الشأن العام في واشنطن، فقد يجد ترامب أن تنفيذ وعوده أصعب من تبنيها في الحملة الانتخابية، وبالتالي فقد يغير بعض وعوده. لكن في الوقت الراهن، فإنّ حالة عدم اليقين هي التي تسود، والشيء الوحيد الذي نعلمه بيقين هو أن دونالد ترامب سيكون الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة للأربع السنوات القادمة على الأقل».

مشاركة :