لكل عاصمة عربية حكايات وقصص لا تبوح بها إلا لأهلها ومن عاصروها في أوقات المحن والرخاء وكانوا شهود عيان على تاريخ سجلت الأوراق بعضه وحفظت الذاكرة معظمه. وفي فيلم «بيروت - حوار الدمار»، يطل المخرج بهيج حجيج بعدسة مكبرة على تاريخ العاصمة اللبنانية بيروت. عرض الفيلم الناطق بالفرنسة مساء الجمعة في إطار مهرجان بيروت للأفلام الفنية الوثائقية في نسخته الثانية ويتناول مرحلة إعادة إعمار وسط بيروت عام 1993 بعد انتهاء الحرب الأهلية في لبنان التي استمرت 15 سنة وانتهت عام 1990. يأخذنا حجيج خلال أقل من ساعة في رحلة غنية بالنوادر والمشاهد المؤثرة التي تظهر المدينة الجريحة وهي تغرق بالأنقاض والدمار على صدى أنغام موسيقية تنطوي على الحنين، وضعها المؤلف وعازف البيانو اللبناني زاد ملتقى لتعكس الحداد الطويل الذي عاشته بيروت قبل أن تولد مجدداً. ويركز الشريط على وسط العاصمة بمواقعه الأثرية التي يعود بعضها إلى مئات السنين. ويرى المخرج الذي كتب أيضاً نص الفيلم أن كومة الأنقاض التي آلت إليها المدينة جراء الحرب تشتمل في الواقع على روحها. وتحتوي هذه الأنقاض على تاريخ العاصمة وحكاياتها ونوادرها ويومياتها التي كانت مسيجة في تلك الفترة بالدماء التي أريقت. ويؤكد الفيلم أنه من الضروري الحفاظ على روح المدينة وإن كنا نعيد إعمارها من خلال الحفاظ على بعض من معالمها الأساسية والزاخرة بالتاريخ. وتضمن الوثائقي رسالة أمل لمستقبل وسط المدينة الذي وجد البعض أنه لا بد من أن يعود إلى مجده ولا بد من أن يستعيد تاريخه العابق بضحكات الناس ولقاءاتهم في المقاهي على اختلاف انتماءاتهم ويعود مجدداً ملتقى يعرف المعنى الحقيقي للحرية ويضخ حب الحياة. ويهتم مهرجان بيروت للأفلام الفنية الوثائقية بالأعمال التي تعالج الفنون وتنوعها مثل الهندسة المعمارية والآثار والمتاحف والرقص والموسيقى والسينما. وقد افتتح الاثنين الماضي ويشتمل برنامجه على 52 فيلماً وثائقياً في دور سينما كبيرة في وسط العاصمة، على أن ينتقل هذا الأسبوع إلى مناطق لبنانية مختلفة ويعرض في الجامعات والمراكز الثقافية. ويستمر المهرجان حتى 20 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري.
مشاركة :