إن قادة الفكر التكفيري والسلوك الإرهابي المتطرف جماعات دينية ضلت الطريق الصحيح، ويعتقدون أنهم يخدمون الإسلام والمسلمين، والصامتون المتعاطفون معهم وأنصارهم المجاهرون بتأيدهم لا يقلون خطراً عنهم؛ لأنهم يسيرون في نفس طريق التطرف والضلال أيضاً. وقادة الفكر التكفيري يستغلون حماس الشباب الديني ويحرضون أتباعهم المغرر بهم على تنفيذ أفكارهم الإرهابية عن طريق تلقينهم بالأفكار المغلوطة التي تتمحور طريق الجهاد المقدس الذي يتحول إلى الرغبة الجامحة في الاستشهاد المزعوم، للانتقال إلى الدار الآخرة بتفسير بعض النصوص الدينية التي أوَّلوها تأويلاً يخدم فكرهم التكفيري وسلوكهم الإرهابي المنحرف؛ وبالتالي يحرضونهم على ترجمة أفكارهم الإرهابية ويقنعونهم بتنفيذها على أرض الواقع بارتكاب جرائم القتل وتنفيذ العمليات الانتحارية بالتفخيخ والتفجير.. وطبيعة العمليات الإرهابية المرتبطة بالفكر التكفيري يمكن أن تصنف كالتالي: النوع الأول: عمليات إرهابية تحقق أهداف سياسية: وهذه العمليات في الغالب تُوجه إلى الأنظمة الحاكمة وتقف وراءها وترعاها قوى خارجية تسعى لتحقيق أهدافها بتوظيف التكفيريين لقتل الأبرياء والقيام بالعمليات الانتحارية لخلق الاضطراب وزعزعة الاستقرار الأمني المتين تصل إلى حد إثارة القلاقل في الدول المجاورة ومحاربة الأنظمة القائمة في محاولة للسعي إلى تغييرها مثل: إيران وأذيالها في لبنان وسوريا والعراق واليمن. (أ): كما حدث في بعض مواسم الحج السابقة التي ثبت تورط إيران فيها آخرها حادثة منى في حج عام 1436هـ. (ب): والبحرين التي عانت كثيراً من مخططات إيران الإرهابية ومحاولاتها المتكررة لزعزعة الأمن فيها بتجنيد عملاء مندسين بين السكان لتنفيذ أجندات إيرانية كشفت عنها التحقيقات البحرينية. (ج): وقائمة المخططات الإرهابية الإيرانية الطويلة في اليمن التي أثبتتها وأكدتها الدلائل الواضحة لرعايتها للمخلوع صالح والحوثيين. النوع الثاني: عمليات إرهابية تخدم الفكر الأيدلوجي المتطرف: والأيدلوجيا هي نَسقٌ من الأفكار الاجتماعية أو السياسية أو الدينية والاتجاهات التي تُترجم إلى أنماطٍ سلوكيةٍ مرتبطة بالقوميات المختلفة؛ ومنها أيدولوجية الفكر الإسلامي المتطرف التي ترتكز على زيادة الانقسامات المذهبية والتشيع وإشعال الفتن الطائفية والعزل والإقصاء الذي يصل إلى حد العنصرية لتفتيت اللحمة الوطنية؛ ومن هذه الأفكار الأيدلوجية الخطيرة أفكار الثورة (الإسلامية) المزعومة في إيران، وسعيها لتصدير أفكارها الأيدولوجية إلى دور الجوار؛ وهذا الفكر الأيدولوجي المتطرف في الغالب يوجه إلى المجتمعات الأخرى للقضاء على عاداتهم وتقاليدهم ومعتقداتهم الدينية الأصيلة. النوع الثالث: عمليات إرهابية دينية: وهذه في الغالب تقوم بها جماعات متعددة تعتنق الفكر التكفيري وتوجه إلى الأنظمة الحاكمة والمجتمعات على النحو التالي: (1): الجماعات التي اخترعت لنفسها عالماً همجياً، وتعلن نواياها بصورة صريحة وتسعى لتحقيق أهدافها عن طريق ممارسة الإرهاب ضد من خالفهم سعياً إلى تحقيق وهم العودة إلى الخلافة الإسلامة مثل: جماعة داعش والجماعات التي أعلنت البيعة لها والانضواء تحت لوائها. (2) أصحاب الفكر الإسلامي المتطرف والسلوك المنحرف الذين تغلبوا على أصوات أصحاب الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل في الحوارات والنقاشات المتعلقة بقضايا الاعتقاد والمجتمعات المعاصرة.. وهذه العمليات الإرهابية يتم تنفيذها من قبل الشباب المتحير الذين صدَّقوا المعتقدات الدينية التي تم تأويلها تأويلاً خاطئاً حسب أهواء قادة الفكر الإرهابي والسلوك المنحرف؛ فأصبحت تثير الشك والجدل وظهرت ضلالاتها على الإنترنت، فأصبح الشباب المتحير فريسة سهلة الانقياد ووقعوا في براثن الفكر المتطرف نتيجة الخواء العقلي والفراغ الديني، وافتقادهم طريقة التفكير السليم وملكة النقد البناء فتحولوا بوثبة واحدة أو فكرة ضالة عارضة إلى مجندين في المنظمات الدينية ومنفذين للعمليات الإرهابية، وقنابل موقوته جاهزة للتفجير في الوقت المطلوب بإشارةٍ أو أمرٍ من قادتهم الضالين مثل: خلية شقراء التي كشف عنها في المؤتمر الصحفي الأمني في 29 محرم 1438 هـ وتم القبض على عناصرها المغرر بهم. وهؤلاء الشباب أصبحوا لقمة سائغة لقادتهم؛ وكأنهم لسرعة استعدادهم إرهابيون جاهزون تحت الطلب لتنفيذ العمليات الانتحارية داخل البلد التي يسكنونها بإشارة من المنظمات الإرهابية لتحقيق أهدافهم السياسية والإيدلوجية تحت ستار الدين بالإضافة إلى الإرهابيين المرتزقة.. لذلك فإن استغلال قادة الفكر الإرهابي والسلوك المنحرف لهؤلاء الشباب المغرر بهم في تحقيق الأهداف السياسية والأيدولوجية لا يقل خطراً عن تحقيق الأهداف الدينية المتطرفة لأن تحقيق أهداف الجميع تعتمد على العمليات الانتحارية لقتل الأبرياء بالتفخيخ والتفجير، ولا يوجد فرق بين نوايا عناصر خلية شقراء التي استهدفت قتل المدنيين ورجال الأمن وبين نوايا الإرهابيين الذين حاولوا قتل جمهور كرة القدم بتفجير بسيارة مفخخة بأكثر من 400 كلجم من المتفجرات في ملعب الجوهرة بجدة خلال مباراة كرة القدم بين السعودية والإمارات بحضور أكثر من 60 ألف متفرج، واستطاع رجال الأمن إحباط عمليتهم الإرهابية في الوقت المناسب بعملية استباقية. وحسب التصريح الصحفي للمتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية والمدعوم بالتحليلات الأمنية والبيانات المستفيضة والأدلة القوية بأن الإرهابيين لو نجحوا في مخططهم الشيطاني بتفجير السيارة المفخخة في المكان الذي اختاروه والوقت الذي حددوه أثناء خروج الجماهير من المباراة لكانت مأساة، وقال المسؤول في التصريح: «لكنها ولله الحمد أُحبطت لحظة استلام عناصر الخلية الإرهابية للسيارة المفخخة، بفضل من الله -جل وعلا-، ثم بمتابعة رجال الأمن والجهات الأمنية».. وأقل ما يمكن قوله عن نجاح رجال الأمن في القبض على خلية شقراء والعملية الاستباقية في الكشف عن مخطط تفجير السيارة المفخخة في ملعب الجوهرة قبل حدوثه أنه عمل متقن وإنجاز مذهل. والشعب السعودي عامة وجمهور المباراة خاصة مدينون لرجال الأمن بهذا الإنجاز الأمني العظيم الذي يفرح القلوب ويثلج الصدور، فكل الشكر والتحية والتقدير لرجال الأمن وعلى رأسهم رجل الأمن الأول ولي العهد ووزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف.
مشاركة :