ليبيا: الحسم العسكري يغيب عن معارك سرت بين قوات السراج و«داعش»

  • 11/14/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

بينما نفذت الطائرات الأميركية أمس طلعات جوية جديدة فوق مدينة سرت المعقل الأخير لتنظيم داعش المتطرف في ليبيا، ما زالت القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة برئاسة فائز السراج تواجه صعوبة كبيرة في القضاء على فلول التنظيم نهائيا. وتترقب هذه القوات ما سيكون عليه الأمر عندما يبدأ الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب مهام عمله رسميا في إدارة البيت الأبيض، لمعرفة الحجم الذي سيكون عليه الدعم العسكري الأميركي لها. وقال مسؤول عسكري في هذه القوات الموجودة في سرت لـ«الشرق الأوسط»، إنها «فترة انتظار، نأمل أن تكون في صالح استمرار الغارات الأميركية على الدواعش، من دون هذا الدعم لنا، فإن المعركة ستطول أكثر مما قدرنا». وأضاف المسؤول الذي طلب عدم تعريفه: «الطائرات الأميركية توقفت منذ أسبوع عن شن غارات جديدة، نعتقد أن الأمر على صلة بنجاح ترامب في الفوز بمنصب الرئيس الأميركي». وتابع: «نأمل استئناف هذه الغارات، فقدرات سلاح الجو الأميركي كبيرة مقارنة بما هو متاح لنا». وفيما تشير تقارير صحافية أميركية إلى احتمال لجوء القوات الأميركية إلى تكتيك جديد للقضاء على «داعش»، فإن مصادر عسكرية لم تستبعد إمكانية وجود قوات أميركية خاصة في ميدان القتال في مرحلة لاحقة. وتعززت هذه التكهنات مع ما كشفت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية النقاب عنه بشأن وجود خطة ما زال يجري إعدادها لملاحقة عناصر تنظيم داعش الفارين من سرت، ونقلت عن مسؤولين عسكريين إن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تقوم حاليا بجمع وتحليل البيانات المتوفرة لديها حول فرار مقاتلين من سرت باتجاه مناطق مجاورة. ورصدت الوزارة فرار عشرات المقاتلين الدواعش من ساحة المعارك في سرت، علما بأنها المرة الأولى التي يعلن فيها البنتاغون عن رصد تجمع مئات المقاتلين خارج سرت؛ وسط مخاوف من احتمال تنفيذهم هجمات انتقامية ضد القوات الليبية. وعلى الرغم من أن قادة عملية «البنيان المرصوص» التي تخوضها هذه القوات منذ شهر يوليو (تموز) الماضي أكدوا اقترابهم من تحقيق انتصار كبير على «داعش»، فان الحسم ما زال غائبا عن أرض المعركة. وهدأت حدة الاشتباكات في سرت، لكن القوات الموالية للسراج أعلنت في المقابل أن تحسبها لإصابة مدنيين في المعارك يؤثر على تقدمها باتجاه السيطرة على مساحة كيلومتر واحد فقط، هي الباقية لـ«داعش» في المدينة. ويتخذ التنظيم المتطرف عائلات وسكانا محليين في المدينة دروعا بشرية، لكن من دون أن تقدم القوات الليبية أي دليل عملي على ذلك. وبحسب ما أعلنه الناطق باسم غرفة عمليات الطوارئ التابعة للقوات التي ينحدر أغلبها من مدينة مصراتة، فإن الطائرات التابعة لها نفذت 65 طلعة جوية بالمنطقة الوسطى منذ مطلع الشهر الحالي. ولفت إلى استمرار التعاون بين سلاح الجو والقادة الميدانيين لعملية «البينان المرصوص» على الأرض لدحر التنظيم، وإعلان تحرير المدينة. ونقلت عنه وكالة الأنباء المحلية قوله إن طيران الدعم الدولي، في إشارة إلى الطائرات الأميركية، نفذ 6 طلعات جوية بحي الجيزة البحرية، آخر معاقل «داعش» بمدينة سرت. وعلى ما يبدو، فقد دخلت القوات البرية الليبية في حرب استنزاف مؤلمة في مواجهة متطرفين يستميتون لإطالة أمدها، حيث تتقدم القوات التي تحاصر عناصر «داعش» منذ نحو أسبوعين في منطقة سكنية صغيرة ببطء شديد بسبب المقاومة الشرسة والخشية من خسارة مقاتلين ووجود مدنيين عالقين في هذه المنطقة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن رضا عيسى، وهو أحد الناطقين باسم القوات الموالية لحكومة السراج، في معرض تبريره لتأخر حسم المعركة، تحولها إلى ما وصفها بـ«حرب شوارع شرسة جدًا يستميت (داعش) لإطالتها في أمتارها الأخيرة». وأضاف أن «الحرب طالت، لكنها في النهاية معركة وليست مباراة كرة قدم حتى نضع لها إطارًا زمنيًا محددًا. الأهم بالنسبة إلينا الحفاظ على حياة مقاتلينا وعلى المدنيين الذين يتخذهم (داعش) دروعًا بشرية، ولو تطلب ذلك التقدم ببطء». وحققت القوات الحكومية تقدمًا سريعًا مع سيطرتها على المرافق الرئيسة في سرت التي تقع على بعد 450 كيلومترًا شرق العاصمة الليبية طرابلس بعد أقل من عام على سقوط المدينة في يد التنظيم المتطرف في يونيو (حزيران) 2015. ولكن هذا التقدم سرعان ما بدأ في التباطؤ مع وصول القوات المؤلفة من جماعات مسلحة ينتمي معظمها إلى مدينة مصراتة (200 كيلومتر شرق طرابلس) إلى مشارف المناطق السكنية في المدينة، لتتحول المعركة إلى حرب شوارع وقتال من منزل إلى منزل. وقتل في الحملة التي أطلق عليها اسم «البنيان المرصوص» أكثر من 650 مقاتلاً حكوميًا، وأصيب أكثر من 3 آلاف بجروح، فيما بلغ عدد قتلى المتطرفين في المدينة ما بين 1800 وألفي قتيل. وتنفذ عناصر «داعش» في سرت، مسقط رأس معمر القذافي، عمليات انتحارية، مما يفسر ندرة تعرضها للأسر أو الاعتقال، كما يلجا التنظيم إلى استخدام القناصة والألغام. وفى مواجهة عشرات الهجمات الانتحارية والسيارات المفخخة ومئات الألغام التي زرعت على الطرقات وفي المنازل، تواجه القوات الحكومية خطرًا إضافيًا يتمثل في وجود أعداد كبيرة من قناصة التنظيم في سرت التي شكلت على مدى عام قاعدة خلفية رئيسية له.

مشاركة :