عفو الغنوشي يخفق في استمالة النهضويين الغاضبين

  • 11/14/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

قالت أوساط مقربة من حركة النهضة الإسلامية إن "العفو العام" الذي أصدره راشد الغنوشي عن القيادات والكوادر وجزء من القواعد المناهضة لقيادته لم يلق صدى وجوبه بالرفض. وشددت الأوساط على أن الغاضبين لم يرتكبوا ما يستوجب العفو، والحال أنه كان على رئيس الحركة الاعتذار عن أخطائه هو وفي مقدمتها سطوة قيادته والمقربين منه وتهميش نشطاء متنفذين سياسيا وتنظيميا. واعتبرت ان مسألة العفو التي يروج لها عدد من مناصري الغنوشي "لم تأت من فراغ" وإنما جاءت بعد أن اقتنع الشيخ بأن الكيان التنظيمي للنهضة بات يقف على شفا الهاوية وينذر بتشظي الحركة، خاصة بعد أن هجر العديد من القيادات المقر المركزي وقطعوا اتصالاتهم به رافضين أي شكل من أشكال مواصلة نشاطهم ما لم يتم فتح حوار جدي وحقيقي داخل التنظيم بشأن هيمنة القيادة الجديدة على إدارة شؤون الحركة بـ"طريقة تعسفية". وكان عدد من القيادات المقربة من رئيس النهضة روجوا خلال اليومين الماضيين إلى أنه "حريص كل الحرص على وحدة الحركة وتماسكها" وأنه يقود جهودا من أجل مصالحة داخلية تنأى بالتنظيم عن الأزمات التي انزلق فيها عدد من الأحزاب وفي مقدمتها نداء تونس. وقللت هذه القيادات من حدة الخلافات التي تعصف بالحركة الإسلامية منذ خلافة الغنوشي لنفسه على رأس النهضة خلال المؤتمر العاشر الذي أثار الكثير من الجدل. وتجلى الترويج للغنوشي كـ"رجل مصالحة داخلية" و"أب روحي" للجميع من خلال تصريحات عبد الكريم الهاروني رئيس مجلس الشورى الذي أعلن الأحد أن راشد الغنوشي "أصدر مؤخرا عفوا عاما عن المخالفين من أبناء الحركة إيمانا منه بأن النهضة التي تهيمن اليوم على المشهد السياسي في أمس الحاجة إلى جميع قياداتها وكوادرها وقواعدها". ويواجه الغنوشي منذ مؤتمر الحركة الماضي انتفاضة حقيقية ضد طريقة قيادته التي لا تخلو من التفرد بالقرارات وفرضها دون الرجوع إلى مؤسسات الحركة، الأمر الذي قاد إلى اهتزاز صورته والهالة الروحية التي ساعدته كثيرا على بسط نفوذه على التنظيم مند تأسيسه في بداية الثمانينات من القرن العشرين كجزء من تنظيم الإخوان. وتقود "الانتفاضة" قيادات متنفذة تنظيميا وسياسيا ترى أنها تمتلك من المسار النضالي ما يجعلها قادرة لا فقط على منافسة سطوة الشيخ التي طالت زهاء الـ40 عاما وإنما أيضا مؤهلة لمناهضة رئاسة الحركة خاصة بعد أن منح صلاحيات واسعة لعدد من المقربين منه وفي مقدمتهم زياد العذاري الأمين العام للحركة ووزير التجارة في حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها يوسف الشاهد. ويأتي في مقدمة القيادات المعادية لرئاسة الغنوشي كل من عبد اللطيف المكي وعبد الحميد الجلاصي الذي نافس الغنوشي خلال المؤتمر العاشر منافسة لم يكن يتوقعها، بعد أن رأى فيه تمردا على مكانته واستهدافا لشخصه ومؤشرا على بروز جيل جديد لا يستنكف من رفع صوته أمامه إضافة إلى قيادات عقائدية معروفة منها الصادق شورو والحبيب اللوز التي ترى أن الغنوشي يقود النهضة إلى الهاوية. وفيما ينتهج عدد من القيادات خطابا مخاتلا وذكيا بشأن معارضة قيادة الغنوشي، ما انفك الجلاصي يجاهر بأن الملف السياسي داخل النهضة يتوجب المراجعة وفتح حوار ديمقراطي جدي ينأى بالحركة عن التفرد بالقرار الذي أجج غضبا عارما في حركة تتحسس طريقها إلى الانخراط الفاعل في مشهد سياسي متعدد فكريا وسياسيا. ورأى المحلل السياسي هشام بن عمار أن "إصدار الغنوشي للعفو العام عن الرافضين لقيادته للنهضة يؤكد تمسكه بمبدأ الزعيم الواحد والأوحد الذي يرى أنه الوحيد المخول له الرضا عن قيادات والغضب عن أخرى". ويشدد بن عمار على أن "رفض العفو هو رفض مشروع لأنه يؤكد تمسك الغاضبين برجاحة مواقفهم وبأنهم لم يرتكبوا ما يستجوب العفو عنهم أصلا" مشيرا إلى أنه "كان الأحرى بالغنوشي أن يعتذر على تهميشه لهم". وقالت الدوائر المقربة من النهضة ان القيادات الغاضبة لم تر في قرار العفو سوى تأكيد ضمني من الشيخ بأنه ماض في انتهاج أسلوب غير ديمقراطي يكرس الهيمنة والنفوذ كما لو أن مخالفيه الرأي ارتكبوا خطأ يستوجب العفو، والحال أنهم عبروا بطريقة ديمقراطية ومن داخل مؤسسات الحركة على أن القيادة تسير بالتنظيم في اتجاه ترفضه العديد من القيادات والكوادر وجزء من القواعد التي تشعر بالاستضعاف. وخلال الأسابيع الماضية ارتفع منسوب الغضب لدى الشق المناهض للغنوشي على خلفية تحدي الغاضبين بل ومعاقبتهم من خلال فتح التنظيم أمام ما يعرف بـ"اليسار الإسلامي" وفي مقدمتهم محمد القوماني في وقت يطالب فيه عدد من القيادات بالانفتاح عليها أولا وتسوية الخلافات والإصغاء إلى مطالبها بدمقرطة الحركة بدل الهروب إلى الأمام. ويتوقع هشام بن عمار ألا يقود عفو الغنوشي سوى إلى مزيد من تأجيج غضب قيادات وكوادر وقواعد يبدو أنها كثيرا ما صبرت على سطوة رئيس النهضة على القيادة وعلى مؤسسات الحركة، مشددا على أن هكذا قرار يعد مؤشرا إضافيا الى أن راشد الغنوشي بدا فعلا يفقد زمام الأمور.

مشاركة :