رفض أئمة المساجد، وكذلك القادة السياسيون لفلسطينيي 48، بالإجماع، مشروع القانون الذي أقرته الحكومة الإسرائيلية بغية تخفيض صوت الأذان في المساجد. واعتبروا مشروع القانون، بمثابة «إجراء عنصري يستهدف الوجود العربي ويحول الصراع القومي إلى صراع ديني». وقال الشيخ يوسف الباز، الذي بدأت الحملة لإغلاق مكبرات الصوت في المسجد الكبير في اللد الذي يؤم المصلين فيه إن «هناك منطقا معوجا في هذا القانون. فهو، حسب الادعاء، يأتي بناء على طلب (جمهور المواطنين اليهود الذين يزعجهم صوت الأذان). ولكن المسجد قائم قبل أن يأتي هؤلاء المنزعجون. وقبل أن تقوم إسرائيل، كان يعيش يهود هنا ولم يزعجهم صوت الأذان. وفي اللد، يعاني المواطنون اليهود والعرب على السواء، من الضجيج الهائل الذي تحدثه الطائرات لدى إقلاعها وهبوطها، والقطارات التي تمر في المدينة كل ربع ساعة. فلماذا التركيز على صوت الأذان الذي لا يستغرق أكثر من دقيقتين؟» وقال إن هذا يبين أن الهدف ليس الضجيج، بل الوجود العربي كله. ولذلك، فإن الأئمة والمؤذنين لن يلتزموا بهذا القانون. وكانت اللجنة الوزارية لشؤون القانون، قد صادقت مساء أول من أمس، على مشروع القانون الذي يمنع تفعيل مكبرات الصوت في المساجد، بعد إعلان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، عن تأييده للقانون. وادعى نتنياهو، أنه لا يمكنه «إحصاء عدد المرات التي توجه خلالها مواطنون لي من كل الديانات، احتجاجا على ذلك». وقال: «إن إسرائيل ملتزمة بحرية العبادة لكل الأديان، لكنها ملتزمة بحماية المواطنين من الضجيج. هكذا في مدن أوروبا. وهكذا أيضا في الكثير من الدول العربية والإسلامية. أنا ادعم تطبيق قانون مشابه في إسرائيل». وقال «المعهد الإسرائيلي للديمقراطية» في بيان له، إن هذا القانون زائد. فهناك قانون واضح في إسرائيل يمنع تفعيل أجهزة مكبرات الصوت في أماكن العبادة، إذا «كان الضجيج قويا أو غير معقول». وقد حاول وزير الداخلية، اريه درعي، رئيس حزب اليهود الشرقيين المتدينين، «شاس»، وقف إجراء سن القانون الجديد ليتفاهم مع رجال الدين المسلمين أولا، لكن اليمين الحاكم رفض الانتظار. وتقرر تعديل القانون، بدعوى أن المساجد تستخدم اليوم لنقل رسائل قومية وتحريض بوساطة مكبرات الصوت فيها. وكتب في التفسير الجديد لتعديل القانون، أن الهدف هو «منع المس بجودة الحياة بسبب أضرار الضجيج». وقد رفض نواب «القائمة المشتركة» هذا القانون بالإجماع. وقال رئيس القائمة، النائب أيمن عودة، إن «المقصود قانون آخر في سلسلة القوانين العنصرية، التي لا تهدف إلا لخلق أجواء الكراهية ضد الجمهور العربي. هناك قوانين وأنظمة تتعلق بالضجيج وتسري على المساجد، ولذلك من الواضح أن هدف القانون هو استهداف المساجد واعتبارها مصدرا إشكاليا». وأضاف عودة، أن «هذا مس فظ بحرية العبادة للمسلمين، واستمرار لموجة الملاحقة التي يقودها رئيس الحكومة». وقالت عضو الكنيست حنين زعبي، إن «الذين يعانون من صوت المؤذن هم، بالذات، الذين اختاروا الاستيطان بالقرب من المسجد. وكما جاءوا، فإنهم مدعوون إلى الانصراف من هناك، إذا كانوا يعانون إلى هذا الحد». وأضافت: «قانون المؤذنين يطمح إلى تغيير الواقع وقوانين العالم، ولكن ليس وفقا للنظام الصحيح: لا يفرضون التغيير على المشهد الطبيعي وطبيعة الوطن. العمل القسري لا يحدث بفعل التماثل مع المكان وإنما من خلال كراهيته». ووصف النائب عيساوي فريج (من حزب ميرتس) القانون، بأنه لا سامي، وطالب رئيس الحكومة بإزالته عن جدول الأعمال. وقال: «ليس الضجيج هو الذي يعني مقدمي الاقتراح، وإنما رغبتهم بقيادة النموذج المعادي للإسلام، الذي أصبح رائجا في الائتلاف الحاكم. فإذا كان الضجيج هو المشكلة، فهناك قانون ضد الضجيج. لكن الوزراء ليسوا معنيين بمحاربة الضجيج، وإنما محاربة المسلمين، تماما كما تحاول اللاسامية في أوروبا محاربة اليهود من خلال منع وضع القلنسوة، أو منع الطهور». وقال النائب يوسف جبارين، من القائمة المشتركة، إن المصادقة على هذا القانون هو «إعلان حرب على الجمهور العربي». فيما دعا النائب جمال زحالقة المؤذنين إلى رفع المكبرات احتجاجا على هذا القانون، وقال: «ليس صوت المؤذنين هو ما يجب إسكاته، وإنما صوت العنصرية في الحكومة والكنيست». ووجهت منظمة «صندوق إبراهيم»، التي تعمل من أجل التعايش المشترك بين اليهود والعرب، دعوة إلى محاربة القانون. وجاء في بيانها، إن هذا القانون «ينطوي على تأثير مدمر لنسيج الحياة الهش بين اليهود والمسلمين الذين يعيشون في المناطق المختلطة والمدن المختلطة، وبين الحكومة ومواطني الدولة العرب». وأضاف البيان: «قانون المؤذنين يخلق ازدواجية قانونية، لأن قانون منع الضجيج يوفر ردا قانونيا على المشكلة، وكل تشريع آخر في الموضوع زائد، ويخلق التمييز المقصود ضد بيوت العبادة الإسلامية. لماذا لا تحرص الدولة على تطبيق القانون، وبدلا من ذلك تدفع قانونا يميز ضد بيوت العبادة الإسلامية؟». من جانبها، رفضت الحكومة الفلسطينية قرار دولة الاحتلال الإسرائيلي، واعتبرته خطيرًا يمس بوضع المدينة المقدسة، ويهدف إلى أسرلتها. وأكد الناطق باسم الحكومة يوسف المحمود، أن القرار يهدف إلى تحويل الصراع إلى ديني، وأنه يمس حرية الأديان والمعتقدات. وهددت السلطة بالرد على إسرائيل بواسطة مجلس الأمن الدولي، للاحتجاج على مشروع منع استخدام مكبرات الصوت في الأذان. وقال نبيل أبو ردينة، الناطق باسم الرئاسة، إن الإجراءات الإسرائيلية «مرفوضة بالكامل»، وأضاف أن القيادة الفلسطينية سوف تتوجه إلى مجلس الأمن الدولي وكل المؤسسات الدولية من أجل وقفها. وحذر وزير الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، الشيخ يوسف أدعيس، من أن المشروع يهدد بدفع المنطقة كلها إلى «حرب دينية». ووصف الإجراء بأنه «مساس بحرية المعتقدات ووسائل التعبير عنها كما كفلته الشرائع السماوية والقوانين الدولية». ومن جهتها حذرت حركة فتح، من المشروع التهويدي الجديد بحق القدس والمسجد الأقصى، الذي بدأت تظهر معالمه في دفع المستوطنين للتظاهر بهدف منع الأذان في مدينة القدس. وقال منير الجاغوب، رئيس اللجنة الإعلامية في مفوضية التعبئة والتنظيم لفتح، في بيان عن الحركة، إن محاولات الاحتلال رسم معادلة جديدة في القدس، باتت سياسة إسرائيلية تهدف إلى فرض واقع تهويدي مُمنهج لتغيير الوجه الديني الإسلامي في العاصمة المقدسة، الذي تتجاهل فيه حكومة نتنياهو المتطرفة، أبعاده على الفلسطينيين والعالم العربي والإسلامي. واعتبر الجاغوب، وصول الاحتلال والتطرف إلى مرحلة يمنع فيها الأذان في القدس، خطوة تحاول فيها إسرائيل استفزاز المسلمين، وكل مسلم فيه فكرة الله، وصلة الوصل بين الله والمؤمنين الصلاة والمساجد والأذان، ومن يمسها يضع نفسه في حالة لا يعلمها إلا الله ويتحمل تبعاتها.
مشاركة :