قال البنك الدولي في تقرير نشره أمس "إن الكوارث الطبيعية تدفع نحو 26 مليون شخص إلى الفقر كل عام وتتسبب في خسائر تزيد على 500 مليار دولار". وبحسب "الفرنسية" أضاف التقرير الذي نشر على هامش مؤتمر الأطراف بشأن المناخ المنعقد في مراكش في المغرب، أن "هذه الأرقام سترتفع خلال العقود المقبلة نظرا لأن التغير المناخي سيضاعف القوة التدميرية للإعصارات والفيضانات وموجات الجفاف". وحتى الآن فإن الحسابات العالمية للأضرار التي تلحقها الطبيعة بالمجتمعات لم تأخذ في الحسبان تفاوت الثروة، بحسب التقرير المؤلف من 190 صفحة بعنوان "بناء صمود الفقراء في مواجهة الكوارث الطبيعية". والمنهجية الجديدة في الحساب لها تأثيرات كبيرة في الطريقة الأفضل لإنفاق المال وكيفية إنفاقه لجعل المدن والمناطق الريفية أكثر صمودا في مواجهة مثل هذه الصدمات. وأوضح البنك الدولي أن هذه التقديرات للخسائر تزيد بـ 60 في المائة عن تقديرات الأمم المتحدة، موضحا أنه أخذ في أرقامه بالأضرار التي يتكبدها الأكثر فقرا. وكتب البنك الدولي في تقريره أن "العواقب الاقتصادية والإنسانية المترتبة على الكوارث الطبيعية أكبر بكثير مما كنا نعتقد". ولم يقتصر معدو التقرير في تقديراتهم على الخسائر المادية وحدها "مبان ومنازل وطرقات وغيرها" بل أيضا على خسائر "رفاهية" السكان "العجز عن تأمين نفقات الصحة والغذاء والتعليم وغيرها". وقال ستيفان هاليجات كبير معدي التقرير "إن خسارة دولار واحد ليس لها نفس التاثير بالنسبة إلى شخص غني وآخر فقير". وأضاف "أن نفس الخسارة تؤثر في الفقراء والمهمشين أكثر بكثير، لأن مصادر رزقهم تعتمد على أصول قليلة، كما أن استهلاكهم يكاد يصل إلى مستوى الكفاف". واليوم فإن قرار أي حكومة لإنشاء بنية تحتية لتجنب فيضان في مدينة ما سيفضل منطقيا المنطقة الغنية التي تكبدت خسائر في الممتلكات تقدر بنحو 20 مليون دولار على المنطقة الفقيرة التي لم يتعد إجمالي الخسائر فيها عشرة ملايين دولار. إلا أن الحسابات تتغير فور إدخال المعاناة الإنسانية الدائمة التي يتسبب بها فيضان اجتاح منطقة فقيرة في هذه الحسابات. وقال التقرير "إن بناء السدود المانعة للفيضانات وأنظمة تصريف المياه في المناطق الأفقر سيولد مكاسب أقل من حيث قيمة الأصول التي كان يمكن أن تفقد، لكنه سيولد مكاسب أكثر في رفاهية العيش بالنسبة إلى سكان هذه المناطق". وخلص التقرير إلى أن تقديرات التكلفة الحقيقية للكوارث الطبيعية كانت أقل بكثير من الحقيقة. وقدرت دراسة أجرتها الأمم المتحدة أخيرا في 117 من الدول الغنية والنامية، إجمالي الخسائر العالمية من الأصول نتيجة الكوارث الطبيعية بنحو 327 مليار دولار "304 مليارات يورو" في العام. لكن إذا تم احتساب الاستهلاك المفقود - عندما تصبح الأدوية والدراسة على سبيل المثال التي كان يصعب الحصول عليها من قبل، ليست في متناول اليد ماليا - فإن إجمالي الخسائر السنوية يصل إلى نحو 520 مليارا سنويا، بحسب التقرير. واستنادا إلى دراسة عالمية أجريت على 1.2 مليون شخص في 89 بلدا، أظهر التقرير أن رواتب 26 مليون شخص هي تحت عتبة 1.9 دولار "1.75 يورو" يوميا، وهو مقياس معتمد لمستوى الفقر. وصرح هاليجات للوكالة الفرنسية، "هذا الرقم هو الأقل تقديرا بالتأكيد". وطبقا للأمم المتحدة فإن إعصار نرجس الذي ضرب بورما في 2008 وأدى إلى مقتل نحو 140 ألف شخص، تسبب في خسائر وصلت إلى أربعة مليارات دولار. كما أجبر نصف مزارعي البلاد الفقراء على بيع أراضيهم وما لهم من ممتلكات لتسديد الديون عقب الإعصار، ما أدخلهم في صعوبات ومعاناة لا حصر لها، وهو ما جعل تكلفة الإعصار أعلى بكثير". ولم تكن الظروف الجوية المتطرفة هي السبب في الكوارث الأقوى والأشد منذ بداية القرن ومن بينها إعصار نرجس، وتسونامي المحيط الهندي في 2004، وزلزال في الصين وهايتي. إلا أنه مع بدء التغيرات المناخية فإن القوة المدمرة للطبيعة ستزداد، بحسب ما يرى العلماء. وقال رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونج كيم في بيان "إن الصدمات المناخية الشديدة تهدد بتدمير عقود من التقدم في مكافحة الفقر". وأضاف أن "بناء الصمود في مواجهة الكوارث له جدوى اقتصادية، إضافة إلى أنه واجب أخلاقي".
مشاركة :