الفطنة والكياسة في فصل الدين عن السياسة !!

  • 11/15/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تقول الحكمة العربية (الجهل مطية من ركبها زل ومن صحبها ضل) ويقول الإمام الغزالي (خاطبوا الناس على قدر عقولهم) ومايحدث هذه الأيام من ترويج لوثائق أبرزها وثيقة حماية الثوابت الشرعية هو ضحك على عقول وذقون المواطنين الذي يحق لهم المشاركة بالتصويت ولاشك أنها تستغل الدين لدغدغة المشاعر من ناحية ومن ناحية أخرى تعتبر نوع من أنواع الإرهاب الفكري لكل من يخالف بنود الوثيقة بأنه يعارض أحكام الشريعة وقد وصفها أحد المرشحين بأنها وثيقة داعشية وتعتبر مؤشر على الانقلاب على الدستور وتطبيق الشريعة وهو مايتعارض مع مواد الدستور التي تنص على أن الكويت دولة مدنية. بنود الوثيقة الستة تتلخص في الدفاع عن عرض النبي صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين والصحابة رضي الله عنهم وهو بند يشجع على إثارة الفتنة الطائفية وأيضا تدعو الوثيقة إلى الدفاع عن قانون منع الاختلاط الذي أقره مجلس الأمة وكان من أهم أسباب تأخر مشروع جامعة الشدادية وأزمة الشعب المغلقة التي تعرقل تخرج الطلبة من الجامعة نظرا لنقص عدد المحاضرين وكذلك قاعات الدراسة . أيضا تدعو الوثيقة المثيرة للجدل إلى منع الحفلات المختلطة وكذلك منع الأندية المختلطة ودعم أسلمة القوانين التي تتعارض مع الشريعة ولم يبق إلا المطالبة بإنشاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . المرشح في الدائرة الثالثة الدكتور في القانون الدستوري هشام الصالح يعتبر من أشد المدافعين عن الثوابت الوطنية ومن أهمها حماية الدستور من العبث، كشف في الحوار التلفزيوني الذي أجراه في قناة الراي قبل أيام عن مشاريع قوانين تم تقديمها في المجلس المبطل عندما كان مستشارا قانونيا في مجلس الأمة تتفق تماما مع وثيقة حماية الثوابت الشرعية ومن أهمها اقتراح الحشمة وهو ينص على فرض اللباس الشرعي والحجاب على النساء وكذلك فصل الإناث عن الذكور في المطاعم والأسواق ولعل من أغرب الاقتراحات هو منع إجراء أي عملية تجميل إلا بموافقة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو مايؤكد أن التيار الديني لم يتعلم من دروس الماضي وهو مصر على تطبيق الشريعة والانقلاب على الدستور لأن إنشاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو بمثابة تحويل الكويت من دولة مدنية إلى دولة دينية وهو ماترفضه غالبية الشعب الكويتي وكذلك القيادة السياسية الحكيمة. المرشح الدكتور هشام الصالح ذهب أبعد من ذلك في تحديه لهذا الفكر الضيق المتطرف وأعلن عن تبنيه لوثيقة الثوابت الوطنية التي تتكون من 6 بنود من أهمها العمل على خطة التنمية المستدامة وإشراك الشباب بها لضمان نجاحها ونبذ الطائفية والقبلية والفئوية التي تمزق الوحدة الوطنية وكذلك احترام الدستور الكويتي وتطوير الديمقراطية لمزيد من الحريات وفرض مبدأ احترام الرأي والرأي الآخر والتصدي للفساد المالي والإداري ومحاسبة كل من يتعدى على المال العام ويتسبب في إهداره. من المفيد القول إن فصل الدين عن الدولة هو مطلب قرآني فكل الرسل والأنبياء الذين وردت أسماؤهم في القرآن لم يحكموا دول ويسعوا إلى السلطة إلا 3 أنبياء وهم النبي يوسف وداوود وسليمان وذلك ليس بسبب صفاتهم الدينية ولكن لوجود صفات مثل الأمانة وتفسير الأحلام عند النبي يوسف الذي حكم مصر وأما النبي سليمان فكان يعرف لغة الطيور والحيوانات والرياح فكان يكلم حتى النمل كما ورد في القرآن وأما النبي سليمان فكان لديه علم القضاء واللبوس وكلها علوم دنيوية وليست دينية وأيضا على مر التاريخ الإسلامي لم يكن هناك شكل واحد للخلافة أو الدولة الإسلامية إن جاز التعبير فهي تحولت من خلافة الشورى إلى دول ملكية الحكم فيها وراثي واليوم لاتوجد دولة دينية يحكمها رجل دين إلا جمهورية إيران وهي دولة مذهبية ولاتشمل كل المسلمين وليس كل الطائفة الشيعية فقط كما ينص عليه الدستور الإيراني أن مذهب الجمهورية هو الاثني عشرية وهي أثبتت التجربة أنها دولة تهدد جيرانها وتسعى لنشر المذهب الشيعي الذي يؤمن بنظام الولي الفقيه ومن مبادئها تصدير الثورة وإثارة حرب طائفية كما هو المخطط الذي يجري تنفيذه في سوريا والعراق ولبنان واليمن ولهذا فهذا المشروع طائفي فاشل وهو يمثل حكم رجال الدين الذي يسبب الكوارث للدول . إن الدول المتحضرة وصلت إلى ما وصلت إليه من تطور في جميع المجالات واحترام حقوق الإنسان وأيضا حقوق الأقليات والديانات الأخرى وتوفير حياة كريمة لمواطنيها لأنها طبقت النظام الديمقراطي ووضعت دساتير وقوانين لها تنظم شؤونها وطبقت مبدأ فصل الدين عن السياسة فمن يريد أن يمارس شعائره الدينية فهناك دور عباده وهي علاقة بين الشخص والخالق وكما تقول الآية الكريمة (لا إكراه في الدين) . أحمد بودستور

مشاركة :