بمشاركة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، و43 رئيس دولة، وآلاف الممثلين عن المنظمات الدولية المعنية، تتواصل في مدينة «مراكش» المغربية أعمال مؤتمر أطراف الأمم المتحدة حول المناخ (كوب22)، التي كانت قد انطلقت مطلع الأسبوع الماضي وتستمر حتى الثامن عشر من الشهر الجاري. يهدف المؤتمرون لصياغة «كتاب قواعد» تفصيلي عن اتفاق باريس لمكافحة الاحتباس الحراري، الذي كان قد أبرم نهاية العام الماضي لمواجهة التغير المناخي عن طريق خفض انبعاثات الغازات المتسببة في ارتفاع درجة حرارة الأرض، ولمناقشة ضرورة تطبيق التزاماته، وكل ما يتعلق بتشجيع الطاقات النظيفة والبديلة في العالم. تنفيذ «اتفاق باريس» ويأتي المؤتمر بعد أيام قليلة على دخول «اتفاق باريس» حيز التنفيذ، الذي يسعى إلى الحد من ارتفاع درجات حرارة الأرض التي أدت بدورها إلى أضرار اقتصادية متنامية مثل التصحر وانقراض أنواع من الحيوانات والنباتات وموجات حارة وفيضانات وارتفاع في منسوب المياه في البحار. وتهدف الخطط الراهنة حول المناخ إلى تجنب السيناريو الكارثي المتمثل بارتفاع حرارة الأرض 4 إلى 5 درجات في غياب اعتماد سياسات مناخية، إذ سيكون العالم ووفقاً لخبراء على مسار خطر للغاية مع زيادة متوقعة قدرها 3 درجات مئوية، داعين إلى تعزيز التزامات الدول بشأن المناخ بما يحمي الأرض والأجيال القادمة. ووفقاً لمصادر أممية، تدرس القمة في مراكش أجندة توفير 100 مليار دولار من أجل الدول النامية، حيث إن الحكومات ستعمل على إحداث آليات من أجل بناء قدرات الدول لتمكينها من امتلاك مخططات خاصة بها للطاقة النظيفة والمستدامة.. إذ تشكل القمة مرحلة مهمة في التقدم نحو تنفيذ اتفاق باريس بشأن المناخ، في حين عبَّر مشاركون عن الأمل في أن تفضي القمة إلى جمع التمويلات اللازمة لإقامة مشاريع مرتبطة بالتغيرات المناخية في البلدان التي تحتاج لذلك. ويسعى المفاوضون خلال «قمة مراكش» إلى الاتفاق على قائمة طويلة من الإجراءات التي من المفترض أنها كفيلة بنجاح اتفاق باريس، الأمر الذي يعني البت بسلسلة من المسائل الهامة منها كيفية متابعة انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة في كل بلد، وضمان تمويل السياسات المناخية في دول الجنوب الذي وعدت به دول الشمال، يضاف إلى ذلك الدعوة إلى تطبيق معايير «التعويض» على الدول الفقيرة المتأثرة بتغير المناخ والمعرضة لظواهر الجفاف والفيضانات والعواصف المختلفة، مع الإشارة إلى أن التفاهمات الراهنة حول ذلك تقضي بضرورة التوصل إلى اتفاق بشأن هذه المسائل بحلول العام 2018؛ حيث إنه من المتوقع وبصفة طوعية، وضع حصيلة عامة بالالتزامات الوطنية على صعيد خفض الانبعاثات الناجمة خصوصاً عن استخدام النفط والغاز والفحم. ووفقاً لمعنيين فإن اتفاق باريس يملك زخماً قوياً بعد أن أصبح ساري المفعول، وحصل على تأييد 55 دولة مسؤولة عن نسبة %55 من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وعلى رأسها الصين وأمريكا والهند، وتعد الولايات المتحدة ثاني دولة في العالم كمسببة لانبعاثات غازات الدفيئة وهي من أهم شركاء الاتفاق. وعقب فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية بات اتفاق باريس محل الأنظار خاصة في ظل الوعد الانتخابي من قبل ترامب بالانسحاب من الاتفاق المبرم في باريس، ويأمل العديد من القوى العالمية بأن تبقى الولايات المتحدة كشريك فاعل وأساسي لتطبيق الالتزامات الدولية بشأن خفض الانبعاث الحراري. وأثارت تصريحات ترامب هذه تحفظات عالمية، حيث قال محامون إن ترامب قد «يستخدم طرقاً قانونية مختصرة للانسحاب من الاتفاق العالمي لمكافحة التغير المناخي خلال عام موفياً بوعد انتخابي ومتجنباً الانتظار لأربع سنوات» -وهي المدة القانونية للانسحاب من الاتفاق- إذ إن أقرب موعد للانسحاب من الناحية النظرية هو الرابع من نوفمبر 2020 بحلول انتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة. في موازاة ذلك قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إن إدارة الرئيس باراك أوباما ستفعل كل ما بوسعها لتطبيق اتفاق عالمي لكبح التغير المناخي قبل أن يتولى الرئيس المنتخب دونالد ترامب منصبه رسمياً. «كوب 21» «كوب 21» كان قد عُقد في العاصمة الفرنسية باريس بين 30 نوفمبر و11 ديسمبر 2015، وهو النسخة 21 من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة المبدئية بشأن التغير المناخي، وتقر هذه الاتفاقية بوجود «تغير مناخي مصدره الإنسان» داعية البلدان الصناعية إلى تحمل مسؤولية مكافحة هذه الظاهرة. تغير المناخ يزيد مخاطر موجات الحر والجفاف تشير مصادر أممية ذات علاقة إلى أن تأثيرات تغير المناخ كانت واضحة باستمرار على النطاق العالمي منذ ثمانينيات القرن العشرين، وهي ارتفاع درجة الحرارة العالمية على اليابسة وفي المحيطات على السواء وارتفاع في مستوى سطح البحر وانصهار الثلوج على نطاق واسع.. كما أدى تغير المناخ إلى زيادة مخاطر الظواهر المتطرفة من قبيل موجات الحر، والجفاف، وسقوط الأمطار بمعدل قياسي، والفيضانات التي تلحق أضراراً. إلى ذلك كانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية قد نشرت تحليلاً مفصلاً للمناخ العالمي في الفترة الواقعة بين 2011 حتى 2015، حيث أكدت مؤشرات تغير المناخ على استمرار «الاحترار» طويل الأجل الناجم عن غازات الاحتباس الحراري، إذ بلغ معدل ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي نسبة تاريخية هامة وهي 400 جزء في المليون لأول مرة في عام 2015. وتم تقديم التحليل المفصل هذا إلى مؤتمر مراكش؛ حيث يشير أيضاً إلى الظواهر المتطرفة مثل حالات الجفاف طويلة الأمد وموجات الحر المتكررة، كما سلط التقرير الضوء على بعض الظواهر الشديدة التأثير، وكان من بينها حالات الجفاف في شرق وجنوب إفريقيا وموجات الحر في الهند وباكستان والأعاصير في أميركا والفلبين والمجاعة في القرن الإفريقي التي تسببت جميعاً في خسائر مادية وبشرية هائلة. وفي سياق متصل فإنه ومن بين 79 دراسة نشرتها «نشرة الجمعية الأميركية للأرصاد الجوية» في الفترة الممتدة ما بين عامي 2011 و2014، تبيَّن في أكثر من نصفها أن تغير المناخ بفعل الإنسان ساهم بشكل واضح في الظاهرة المتطرفة المتمثلة في تغير المناخ، وتبيِّن في بعض الدراسات أن احتمال الحر المتطرف قد زاد بمقدار 10 أمثال أو أكثر.;
مشاركة :