شكّلت زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لبيروت «فاتحة» محطات ستشهدها العاصمة اللبنانية، ولا سيما بعد ولادة حكومة الرئيس سعد الحريري، بهدف «المباركة الرسمية» للمرحلة الجديدة التي دخلتْها البلاد بإنهاء الفراغ في رئاسة الجمهورية عبر انتخاب العماد ميشال عون ووضْع البلاد على سكة عودة انتظام عمل المؤسسات الدستورية فيها. كما عكستْ الدعوة التي حملها شكري من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى عون لزيارة القاهرة، ما يشبه «تَسابُقاً» عربياً على الإحاطة بالواقع اللبناني الجديد، من فوق كل المؤشرات التي تعاطت مع التسوية الرئاسية على انها مكسبٌ للمحور الايراني في المنطقة. ذلك ان دعوة السيسي للرئيس عون، ترافقتْ مع تقارير رجّحت ان يحمل موفد سعودي الى بيروت بعد تشكيل الحكومة رسالة تهنئة ودعوة لزيارة الرياض، فيما كانت الكويت وجّهت دعوة شفوية للرئيس اللبناني خلال اتصال التهئنة الذي أجراه به سمو الامير الشيخ صباح الاحمد بعد انتخابه. وتشير معلومات في بيروت الى ان أجندة الزيارات الخارجية لعون مزدحمة بمحطات بينها ايضاً فرنسا والفاتيكان، وان الرئيس اللبناني سيجدْول هذه الزيارات بما يعكس أولويات لبنان وتكريس موقعه وتبديد المناخ غير المسبوق الذي ساد علاقة لبنان بمحيطه العربي والخليجي خصوصاً. وجاءت الرسالة الخطية التي بعث بها السيسي لعون لتكرّس اهتمام مصر بالاضطلاع بدور في لبنان على قاعدة «التزامنا الاستراتيجي الدائم بدعم وحدة واستقرار ورخاء الجمهورية اللبنانية الشقيقة» كما جاء في كلام الرئيس المصري الذي اعتبر انتخاب عون «تتويجاً مستحقاً لمسيرتكم السياسية والنضالية الطويلة»، معبراً عن الاعتزاز«بخصوصية العلاقات التاريخية الوطيدة التي تجمع بين بلدينا الشقيقين، والتزامنا الاستراتيجي الدائم بدعم وحدة واستقرار ورخاء الجمهورية اللبنانية الشقيقة»، وواضعاً دعوة نظيره اللبناني لزيارة القاهرة في سياق «تطوير واثراء العلاقات بين بلدينا الشقيقين، وتنسيق المواقف تجاه العديد من القضايا والتحديات التي تواجه امتنا العربية». وفي السياق نفسه جاءت محادثات وزير الخارجية المصري التي شملت الى عون، رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال تمام سلام والرئيس المكلف سعد الحريري، الذي أوْلم على شرف ضيفه، ووزير الخارجية جبران باسيل، الى جانب لقاءات ذات طابع اقتصادي. وفي المؤتمر الصحافي المشترك مع باسيل، عبّر شكري «عن مدى ارتياح مصر لانتخاب رئيس للجمهورية والعمل على تشكيل حكومة وطنية والمحافظة على مؤسسات الدولة اللبنانية»، وقال: «هناك غطاء سياسي لإخراج منطقتنا من الصراعات والقضاء التام على التنظيمات الإرهابية والفكر المتطرف الذي انتشر وتسبب بالمعاناة لشعوبنا ونحن لدينا نظرة مشتركة لتحقيق الاستقرار في مصر ولبنان وأن يعم الاستقرار في المشرق العربي كله».
مشاركة :