الترجمة عالم وفضاء واسع متبادل ما بين حضارات وجسور مختلفة، بين الشعوب والمجتمعات، ونتيجة التحولات المتسارعة في حركة الأدب أصبح من الضروري مواكبة سريعة ودينامكية للترجمة، لاستيعابها ومسايرتها، والوطن العربي يعاني كثيرًا من نقص الكفاءة الكافية في هذا المجال الذي يتطلب همة وتحديا وصبرا من أجل تطويره. وستكون لنا في هذه المساحة وقفة مع المترجمة الكويتية إقبال عبيد، ستحدثنا عن تطلعاتها في هذا المجال الإنساني المهم ورؤيتها الخاصة في اختيار النصوص المترجمة وخلافه، واقتحامها هذا الأفق الرحب بما يعنيه من تطور وإبراز لجوانب أدبية خفية تكتنف ثقافات الآخر، كما ستحدثنا عبيد عن أحلامها وتطلعاتها عبر هذا الحوار الذي نورد إليكم نصه: - حدثينا في البداية عن اهتماماتك الأدبية وكيف اتجهت إلى الترجمة؟ • أنا كاتبة ولي ثلاثة إصدارات هي رواية «تكريت» ونصوص قصيرة «ليس كمثله شيء» ودراسة مقارنة في النماذج الإنسانية في الأدب الروسي والأدب العربي ستصدر قريباً، واتجاهي لمجال الترجمة لإيماني الكامل بأننا نحتاج طاقات جديدة لمد آفاق وجسور رحبة للعبور بالكلمة إلى ثقافات وحضارات مختلفة، كما أننا بحاجة إلى الإيمان بأهمية تطوير واستيعاب تلك الثقافة الواسعة للوصول إلى وعي كاف للمقارنة والنقد والتحليل. - ما هي عوائق ترجمة الروايات العالمية إلى العربية؟ • إشكاليات النص العالمي المباشرة تتمثل في الجمود والإشارات والمصطلحات المركبة، التي يضطر المترجم فيها إلى القفز لإعادة صياغته وإضافة لمسة لغوية له، شريطة ألا يبتعد عن النص وسلامته والمعنى الذي يجب ان يصل إلى القارئ سليما، فبعض الروايات يستوجب ترجمتها بجمال النص من خلال لغته الأصلية، فجرأة المترجم مطلوبة لمسايرة العمل. كما أن التباين في كل لغة عن الأخرى بخصائص وآثار، تكسب الترجمة خصوصيتها وتفردها. - دشنت الكثير من المؤسسات الأدبية جوائز مادية ومعنوية ما رأيك في هذه الخطوة ومدى تأثيرها على الترجمة وطموحاتك حول هذه الإضافة؟ • هي خطوة تشجيعية ومحفزة للمترجمين المبتدئين، في واقع الأمر المؤسسات المعنية بالترجمة الأدبية تحتاج المزيد من الدعم والتمويل لإثراء وشحذ الهمم في إنتاج أعمال أدبية تليق بمستوى المتلقي، بعيدة عن النص الركيك والبارد والمشوه والتجاري، ويمكن صناعة مشروع عربي كبير يهتم بالترجمة تحت طاقات شبابية متنوعة تخدم الأدب وتمثله. كما أن الجهد الفردي متعب جدًا ويحتاج طاقات جماعية مجهدة، لذا فإن غياب تلك المؤسسات مؤثر على الصعيد الثقافي. - ماذا تقصدين بنص مترجم ركيك تجاري؟ • كثير من الإصدارات خرجت إلى المكاتب بترجمة ردئية بحرفية معلوماتية كعمل الحاسب آلي، بعيدة عن الجماليات والإبداع وتفرد نكهة المعنى واللغة. أيضا جهل المترجم لتركيب الجمل والمعنى يكون نهايته مأسوية كارثية مخجلة. - هل ستصبح عمليات الترجمة موضة شبابية مقبلة؟ • لا أتوقع عملية الترجمة تأخذ الكثير من الجهد والوقت والبحث، إنها عملية احترام متبادل ما بين ثقافتين مختلفتين. الترجمة معركة لا تصلح لأصحاب المظاهر. - ما هي مميزات المترجم المطلوب في المعركة ؟ • قارئ شرس، مواكب للثقافات المختلفة، قادر على احتواء واستيعاب النص ثم تدويره وتطعيمه للعربية، معرفة كافية بالعمل المراد ترجمته، قادر على ترجمة لغة المشاعر والإحساس، يلامس نص الكاتب بمفرداته، يجعل من الجمود انسياب معان ملموسة للمتلقي. - مَنْ مِن المترجمين إلى العربية يعجبك ترجمته؟ • الكثير مميز.... أمثال سامي الدروبي، صالح علماني، أسامة منزلجي، غائب طعمه. - ما الأعمال التي تعكفين على ترجمتها؟ • اهتم في في ترجمتي ببدايات الكاتب... كيف نهض؟، كيف كان يكتب؟، لذلك فإن «متاهات صمت» تحت الترجمة الآن، وبدايات تولستوي، التي نشرت قصة منها في الموقع الرئيسي. هنالك الكثير من الأعمال المشتركة الجميلة القادمة في السنة الجديدة بأكثر من مؤسسة ثقافية محلية وعربية، كما أسعدني التعرف على الكثير من المترجمين الرائعين في العالم العربي والخليجي والذي من خلاله سنثمر بنتاج أدبي جميل ومميز.
مشاركة :