أكدت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا والواقعة في ثول شمال محافظة جدة، أنها تمتلك واحداً من أكبر برامج رصد أسماك القرش بالعالم، إذ عملوا على تثبيت أكبر عدد من أجهزة الرصد بالأقمار الاصطناعية على زعانف أسماك القرش الحوت، مشيرة إلى أن الصيد الجائر لأسماك القرش في البحر الأحمر لا سيما الجزء المتعلق بالسعودية قلل من تواجدها بشكل متنوع. وقال البروفيسور في العلوم البحرية والهندسة مايكل بيرومين الذي يعمل في مركز أبحاث البحر الأحمر بـ«كاوست»: إن المركز نفذ عدداً من المشاريع حول أسماك القرش بصورة عامة وليس فقط القرش، وكان الهدف الرئيسي منها هو تقييم أنواع أسماك القرش الموجودة في البحر الأحمر، ونتجت عن تلك المشاريع الحصول على تنوع فريد في أسماك القرش في البحر الأحمر أكثر مما كان يعتقد في السابق، غير أن هذا التنوع يقابله ندرة كبيرة في العدد، مرجعاً سبب ذلك إلى الصيد الجائر في المنطقة لتلك الأسماك. أوضح مايكل بيرومين أن الجامعة تمتلك واحداً من أكبر برامج رصد أسماك القرش في العالم، حيث عملوا على تثبيت أكبر عدد من أجهزة الرصد بالأقمار الاصطناعية على زعانف أسماك القرش، كما يرى أنهم من أكبر الفرق البحثية في العالم التي قامت بتثبيت أكبر عدد من أجهزة الرصد الصوتية على أسماك القرش، منوهاً إلى وجود بعض المجموعات البحثية في العالم تنفذ أبحاثا على أعداد أكبر من الحيتان وأسماك القرش، إذ إن منها من يمتلك المئات من الأفراد وسبق له العمل في هذا المجال لسنوات طويلة جداً. وبين أن الفريق استخدم تقنيات وطرق مختلفة في مشاريعه البحرية وذلك مثل عمل استطلاعات في سوق السمك المحلي، إجراء مقابلات مع الصيادين والمراقبة باستخدام كاميرات فيديو تحت الماء مزودة بطعم خاص لجذب أسماك القرش، لكن ما يختص لأسماك القرش التي تتجمع في منطقة الليث، فإنهم يعملون على مراقبة مناطق تغذيتها بالقرب من سطح البحر، وكذلك يلتقطون الصور ويأخذون عينات من الحمض النووي، مشيراً إلى أن تقنيات الرصد التي يستعينون بها مختلفة، لكنهم يحصلون من خلالها على المعلومات اللازمة عن الأماكن التي تذهب اليها أسماك القرش والأعماق التي يمكن أن تصلها، والشواطئ الساحلية التي تفضلها، ومعرفة أين تذهب عندما تغادر منطقة التجمع. وحول تعرض طاقم فريقهم البحثي لأي هجمات من قبل أسماك القرش، وذلك بحكم اقتراب أفراد الطاقم من الأسماك بشكل كبير، أجاب مايكل بيرومين: «أثبتت الدراسات أن أسماك القرش لا تفضل المناطق التي يتواجد فيها البشر إذ إنها تستطيع معرفة تواجد الغواصين من مسافات بعيدة ومن خلال الضجيج والأصوات غير الطبيعية التي تحدثها المراكب والغواصين وتتجنب الذهاب إلى هذه المناطق، لذلك فإن رؤيتنا لأسماك القرش في بيئتها الطبيعية تعتبر حدثاً مثيراً وغير عاد بالنسبة لنا كعلماء، وبالتالي فإن الغالبية العظمى من البيانات المتوفرة لدينا حول أسماك القرش تأتي من جمعنا لها باستخدام التقنيات عن بعد مثل كاميرات الفيديو ولكن حتى هذه الطريقة تستغرق وقتاً طويلاً جداً لتوثيق أسماك القرش في البحر ولحسن الحظ لم تواجهنا أي هجمات لأسماك القرش»، واستدرك «لكن الوضع مختلف بالنسبة لأسماك القرش التي تظهر في الغالب على سطح البحر عندما تبحث عن الغذاء ولا تكترث بالغواصين الذين يسبحون حولها بشرط ألا يتم لمسها، وهذا يسمح لنا بالتقاط صور لها وأخذ عينات منها وإمكانية رصدها آلياً بسهولة كبيرة أكثر من أنواع أسماك القرش الأخرى». وأفاد بأن تقديرات أعداد أسماك القرش في المياه السعودية في البحر الأحمر منخفضة جداً، وتكثر بعض الأنواع في أقصى الجنوب وعلى سبيل المثال، في جزر فرسان، في حين تميل بعض الأنواع الأخرى إلى التواجد بالقرب من الشعاب المرجانية داخل المنحدرات العميقة جداً، خصوصاً على جوانب الشعاب المرجانية التي تنخفض من عدة أمتار إلى أكثر من 60-70 مترا تحت البحر، لكن فريقه لا يستطيع تحديد مناطق معينة في المياه السعودية تتجمع فيها أعداد كبيرة من أسماك القرش. تواجد موسمي لـ200 قرش بالليث البروفيسور في العلوم البحرية والهندسة مايكل بيرومين أشار إلى أن أسماك القرش غالباً ما تتجمع حول منطقة الليث بصورة موسمية، إذ استطاع فريقه البحثي تقدير عددها بنحو 200 سمكة تقريباً تنتشر حول منطقة التجمع على مدار موسم كامل، ومعظمها يتردد على المنطقة في كثير من الأحيان حيث تبقى في العادة ما بين 7 إلى 10 أيام. وقال إنه لا توجد أي تقييمات رسمية موثقة لحجم التهديدات التي تواجه معظم أنواع أسماك القرش في البحر الأحمر، ومع ذلك، فإن البحر الأحمر هو موطن للعديد من الكائنات المهددة بالانقراض على المستوى العالمي وكما هو الحال في معظم أنحاء العالم، فإن أسماك القرش مهددة بالانقراض بسبب الصيد الجائر. ولفت إلى أنه من النادر جداً حدوث هجمات للقرش في البحر الأحمر، وذلك كونه موطنا لعدد قليل من أنواع القرش التي اشتهرت بضراوتها، مثل قرش الزعنفة السوداء، وقرش ماكو، وقرش النمر (قرش ببري)، ومع ذلك، فمن النادر جداً رؤيتها خاصة في المياه السعودية. .. ولا تهاجم أحداً لا يعكر صفوها بينما لقي سائح ألماني مصرعه بين فكي سمكة قرش في مدينة القيصر السياحية بمصر قبل سنوات، يؤكد رئيس قسم الأحياء البحرية في كلية علوم البحار بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عبدالمحسن السفياني، طبقاً لما نشرته قناة العربية، أن أسماك القرش في البحر الأحمر ليست خطيرة، إذ إنها تعد نوعاً عادياً تعيش في الشعب المرجانية، مستثنياً ما يسمى بـ«القرش الأبيض» الذي لا يعيش في البحر الأحمر. لكن السائحين في شواطئ مصر تعرضوا إلى هجمات شرسة من قبل أسماك القرش على شواطئها، ففي عام 2010 نهشت سائحة ألمانية وأصيب سائحون روس بجروح عرضت حياتهم إلى الخطر. وفي منتصف عام 2009 لقيت سائحة فرنسية مصرعها على أحد شواطئ جنوب شرق مصر، ما أدخل سياحة الشواطئ في البحر الأحمر في تراجع رصده الاقتصاد المصري في عام 2011. وعزا علماء علوم البحار أسباب هجوم أسماك القرش إلى سلوكيات البشر الخاطئة، ما حدا دوريات بحرية تابعة لحرس الحدود السعودي إلى رصد المنطقة باستمرار، واضعين لوحات إرشادية تحذر من السباحة في المناطق التي توجد بها أسماك القرش، كما أنها لا تنصح المواطنين بالتعامل مع الكائنات ذات الأحجام الكبيرة أثناء ممارسة هوايات السباحة والغوص في البحر الأحمر. وأكد حرس الحدود في تقرير نشرته قناة «العربية» أن سواحل جدة خلت من أية حادثة هجوم تعرض لها أي مرتاد لشواطئ عروس البحر الأحمر. 21 قرناً من العِشرة.. وبنو آدم يواصلون افتراس شريكهم في الأرض ! في القرن الواحد والعشرين تظهر الكثير من النتائج العلمية تحول البشر إلى مفترسين تجاه الكائنات الحيوانية وهي أحد الشركاء الأساسيين له في الأرض، تلك الصفة الحيوانية أصبحت لائقة أكثر على بني آدم الذين تسببوا في انقراض العديد من أجناس الحيوانات، وهم يهددون حياة الكثير منها الآن، فعلى الأقل لم يسبق لنوع من الحيوانات أن أباد جنساً بأكمله كما فعل البشر لبعضها. عداوة نشأت بين الكائنات البشرية والحيوانية لا يعرف لها أسباب لاسيما في 2015، فتلك المسالمة منها لم تنفذ بجلدها وواجه بعضها الانقراض، من بينها الوضيحي، والمها الذي كاد أن ينقرض من الجزيرة العربية، ليتم إنشاء محمية «الرمث» لإنقاذ الوضيحي والمها العربي من الهلاك، وفي أبريل ٢٠١٠ ألقت السلطات السعودية القبض على مواطن قتل ٢٠ غزالاً دفعة واحدة في إحدى المحميات الواقعة بالربع الخالي، وعمل على تصويرها بمقطع فيديو وبثه، ليصف رئيس الجمعية السعودية لعلوم الحياة الدكتور إبراهيم عارف الحادثة آنذاك بالمجزرة والجريمة في حق الحياة الفطرية. كما أن تلك المفترسة واجهت مفترساً أشد منها، فالذئب في السعودية يواجه الانقراض وبات على وشك تسليم مخالبه التي لم تعد لائقة على كفيه سلوكياً في الأرض ليرحل منها. ليس ذلك فقط، بل إن النمر العربي الأشد ضراوة منه أصبحت أعداده قليلة رغم محاولات الهيئة العامة للحياة الفطرية الحفاظ عليها من خلال مركز أنشأته في محافظة الطائف، وعملت مطلع ٢٠١٥ على توزيع نحو ١٦٠ كاميرا في مناطق وجودها بهدف الإمساك بها حية وإكثارها، لكنها وجدت بعضها مقتولة نتيجة التدخل البشري. وبقدر الهجمات المتكررة على بعض أنواع الكائنات الفطرية وعمليات الصيد الجائر لها في مواقع مختلفة تعمل السلطات السعودية بشكل جيد محاولة إيقاف عملية الافتراس تلك على أراضيها، إذ في 1973 وقعت السعودية اتفاقية «سايتس» بواشنطن، من بين أهدافها ضمان أن التجارة الدولية بالحيوانات والنباتات الفطرية لا تهدد بقاء تلك الأنواع على قيد الحياة، كما انضمت السعودية لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع الإحيائي التي أبرمت في البرازيل 1992، وتستهدف الاتفاقية صيانة التنوع البيولوجي واستخدام عناصر التنوع البيولوجي على نحو قابل للاستدامة والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية (الوراثية)، هذه الاتفاقات توضح الشوط الطويل الذي قطعته السعودية للحفاظ على الكائنات الفطرية على أراضيها. جامعة «كاوست»، التي تقع غرب السعودية في ثول التابعة لمحافظة جدة، أنشأت فريقاً بحثياً ضخماً يمتلك تقنيات عالية مدعمة بالأقمار الاصطناعية، ويضم ضمن أعضائه علماء من مختلف دول العالم، ليمدوا من خلاله جسر التواصل مع أسماك القرش الواقعة في البحر الأحمر، رغم ذلك لا تزال الأبحاث والدراسات مستمرة، فتطور الأحداث في أعماق البحار لا يكاد أن يتوقف، والإنسان يحاول جاهداً تقليص الفجوة المعلوماتية بينه وبين تلك الكائنات التي ربما أنها لا ترغب أن تتعرف أكثر على البشر رغم وجود صفات مشتركة بينهما. تعقيدات طبيعية كبرى تواجه علماء أمضوا عقوداً على متن القوارب لتسجيل ملاحظة جديدة تخص الكائنات البحرية، ويدرسون سلوكها باستمرار، ذلك وبكل تأكيد لا يسهل المهمة على «عكاظ» لتنفيذ تقرير موسع عن أسماك القرش في البحر الأحمر، ما دفع بمحررها إلى التواصل مع مركز أبحاث كائنات البحر الأحمر، الذي زودنا من خلاله البروفيسور مايكل بيرومين بأحدث المعلومات التي يمتلكونها عن أسماك القرش.
مشاركة :