أجمع عدد من الخبراء على أن معركة الموصل للقضاء على تنظيم الدولة، تعد هدفاً ثانويّا للأطراف المشاركة في معركة الموصل، وتخفي وراءها معارك أخرى كثيرة في انتظار أطراف محلية وإقليمية ودولية، ورجحوا أن نشوء صراعات جديدة على إرث تنظيم الدولة، في ظل غياب أي ترتيبات لما بعد القضاء على تنظيم الدولة، وعدم وجود أساس لعملية مصالحة شاملة فى العراق. بالمقابل، حذّر الخبراء من أن التحول في السياسة الأميركية ينذر بحروب إسلامية مسيحية، مما ينذر بمزيد من التطرف في سوريا. جاء ذلك، خلال ندوة نظمها مركز الجزيرة للدراسات، بعنوان «معركتا الموصل والرقة ومصير تنظيم الدولة»، تحدث فيها كل من د.مروان قبلان منسق تحليل السياسات بالمركز العربي للأبحاث، ود.لقاء مكي الباحث والكاتب بشبكة الجزيرة، ود.سمير صالحة أكاديمي تركي عميد مؤسس كلية القانون في جامعة غازي عنتاب. والبروفسير دانيل سيروير أستاذ فض المنازعات بجامعة جون هوبكينز في واشنطن. البروفسور دانيل سيروير: يصعب التنبؤ بقرارات ترامب في المنطقة قال البروفيسور دانيل سيروير أستاذ فض المنازعات بجامعة جون هوبكينز فى واشنطن: إن معركة الرقة أكثر صعوبة من معركة تحرير الموصل، رغم أن الموصل أكبر مساحة، لكنها محاطة بقوة متسقة من الجيش العراقي والبشمركة والأكراد، وتعمل وفق خطة مشتركة، بينما المشكلة في حكم الموصل بعد انتهاء المعركة وتحقيق الانتصار لوجود عرقيات مختلفة على عكس الفلوجة والرمادي وبيجي وغالبيتها من السُّنة. وأشار إلى أن الرقة أصغر مساحة وبها خيارات مختلفة للهجوم على تنظيم الدولة، سواء من جانب حزب سوريا الديمقراطي أو القوات الكردية والقوات المدعومة من تركيا، كما أن هناك خيارات مختلفة بمشاركة قوات النظام السوري بدعم روسي، وليس لديهم خطة مشتركة ما يبعث على خطر يؤدي إلى فوضى. وأضاف قائلاً: هناك حاجه لوقت أكبر للتخطيط لتحرير الرقة، لأن الأتراك لا يريدون للأكراد أن يسيطروا على الرقة، ولذلك فالأوضاع بها أكثر اضطراباً من الموصل. وفي نظره البروفيسور، فإنه من الصعب التنبؤ بما سيقوم به الرئيس المنتخب دونالد ترامب، ولكنه أعطى أولوية لمواجهة تنظيم الدولة وهي نفس سياسة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته باراك أوباما، ولكن المتغير الجديد هو اتجاه ترامب إلى علاقات أقوى مع روسيا، ما يعني تراجع الدعم الأميركي للمعارضة السورية المعتدلة ومساعدة النظام السوري على تثبيت أركانه، وستأخذ قواته مجالاً أكبر لمواجهة التنظيمات المسلحة. وعلق قائلاً: إن حديث ترامب عن أنه يريد السيطرة على نفط المنطقة كلام جنوني، سيختفي بشكل سريع، والعراق لن يسمح بذلك، وواشنطن تريد أن تعود الدولة الديمقراطية ودولة المؤسسات إلى العراق، رغم أنه أمر بعيد المنال في الوقت الحالي. وأكد البروفيسور التزام أميركا اتجاه تدمير وهزيمة تنظيم الدولة، لافتاً إلى أنه في الوقت الذي يدعم فيه الروس والإيرانيون بشار الأسد، فإن الأميركيين لا يبذلون كل ما هو لازم لإسقاط الأسد ويعتقدون أنه فاعل في وجود تنظيم الدولة، وأنه يصعب هزيمة هذا التنظيم مع بقاء الأسد في الحكم. وأوضح أن الأميركيين ليسوا مرتاحين لبقاء الأسد، ولا لتمدد النفوذ الإيراني في المنطقة، ولكنهم لا يواجهون ذلك بشكل حاسم، معتبراً في الوقت ذاته أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب سيحاول تقديم تنازلات أكثر من أوباما عبر وقف الدعم للمعارضة، وتعاون فعال مع روسيا، بشرط بقاء الأسد، ممّا يؤدي إلى مزيد من التطرف. بالمقابل، اعتبر البروفيسور أن واشنطن لا تدعم دولة كردية مستقلة، لأن ذلك سيخلق مشاكل في أماكن أخرى من العالم، وتركيا لن تقبل بدولة كردية على حدودها. د.مروان قبلان: «تنظيم الدولة» قد يفر إلى الصحراء بعد انهزامه في الموصل قال د.مروان قبلان منسق تحليل السياسات بالمركز العربي للأبحاث إن حجم المصالح للقوى المحلية والإقليمية والدولية في سوريا والعراق يتجاوز الصراعات الكبرى على مر التاريخ فهي حرب الجميع على الجميع ولكل مصالحه وأهدافه، لافتا إلى أن تنظيم الدولة سيخسر في الموصل والرقة، لأن حجم القوى التي تواجهه كبير، وهناك اتفاق بينها على محاربته. ونوه بأن إخراج تنظيم الدولة من الموصل والرقة لا يعني القضاء عليه، لأنه ربما يلجأ للصحراء ويعود بشكل جديد وقوة مختلفة. على الجانب الآخر، اعتبر الدكتور مروان قبلان أن العرب والأتراك لديهم مخاوف من مشروع إمبراطوري إيراني بالمنطقة، خاصة أن إيران طرف في كل المعارك في سوريا والعراق ولبنان واليمن. وقال إن السياسة الأميركية مسؤولة عن تعزيز وجود تنظيم الدولة، لأن الرئيس باراك أوباما كان يدعم نوري المالكي في ولايته الأولى للتخلص من شركائه الشيعة. كما دعمه في ولايته الثانية للتخلص من المكون السني. الأكاديمي سمير صالحة: تركيا غيرت سياستها الإقليمية في آخر ثلاثة أشهر جزم سمير صالحة، أكاديمي تركي عميد مؤسس كلية القانون في جامعة غازي عنتاب أن تنظيم الدولة سيذهب عاجلا أو آجلا، معتبرا أن الذي ساهم في نشأته هو الذي ساهم في الوصول إلى النتيجة التي تعرفها المنطقة اليوم. واعتبر صالحة أن المشهد في العالم العربي، على المستويين الشعبي والرسمي، يظل مبشراً، لأن خطورة التطورات دفعت الدول الخليجية للفعل السياسي في اتجاه استيعاب ما يجري. وأشار إلى تغيير تركيا لسياستها الإقليمية خلال الثلاثة شهور الماضية، بترجمة عملية على أرض الواقع والانخراط في الدفاع عن أمنها القومي. لقاء مكي: قتال «الدولة الإسلامية» يخفي مصالح استراتيجية لقوى التحالف أكد لقاء مكي الباحث والكاتب بشبكة الجزيرة أن الأطراف المشاركة في الحرب على تنظيم الدولة لها مصالح أكبر من مجرد القضاء على التنظيم الذي يعد أمراً ثانويّا لها، مرجحاً أن تظهر الخلافات بين هذه الأطراف لاحقاً. وبرأيه، فإنه لا توجد ترتيبات لما بعد تنظيم الدولة ولا يوجد أساس لعملية مصالحة شاملة في العراق، معتبراً أن الهدف الأساسي على الصعيد الإقليمي والدولي مختلف عن هدف القضاء على تنظيم الدولة الذي يُعد أمراً ثانويّا، بينما الهدف الأساسي هو تحسين الموقف الاسترايتيجي لكل دولة، مثل إيران وتركيا؛ فمثلا تركيا لا تريد أن يكون لحزب العمال الكردستاني موطئ قدم في العراق وسوريا، في ظل دعم أميركي مباشر للأكراد، ما يشكل تهديداً للأمن القومي لتركيا في جنوبها. واستطرد مكي قائلاً: إن تركيز الحشد الشعبي كان على مدينة تلعفر وليس الموصل كمدينة لأن لها حدوداً مع سوريا، وقريبة من تركيا، وأغلب سكانها من التركمان بأغلبية سنية، لافتاً إلى أن الحشد الشعبي يريد أن يصل بها بين الحدود ويفتح الطريق لرسم الهلال الشيعي، وصولاً إلى طرطوس في سوريا وحزب الله في لبنان، عبر تغييرات ديمغرافية للسكان. واعتبر الدكتور لقاء مكي أن فوز ترامب والشعبويين من حوله، وصعود اليمين، سوف يزيد من حدة التطرف في المنطقة والعالم، وسوف تنتقل من كونها صراعات سُنِّية شيعية إلى صراعات إسلامية مسيحية وتطرف آخر ينتقل إلى أوروبا، لافتاً إلى أن تنظيم الدولة ليس عميلاً لأحد، بل إنه يستفيد من حاجة الجميع له، وشدّد على أن الاستقطاب في العراق طائفي ويتحرك بفعل خارجي.;
مشاركة :