قيافة \ بقلم : محمد السحيمي \ الأمير خالد بن فهد بن خالد: كان شمس التعليم وأمسى الليلة بدراً!!

  • 11/18/2016
  • 00:00
  • 455
  • 0
  • 0
news-picture

لم يعش المعلمون والمعلمات قلقاً على المستقبل الوظيفي كهذه الأيام، حيث تزايدت أعداد المتقدمين على التقاعد المبكر بشكل مربك ومخيف؛ نتيجة للشائعات التي سرت كالنار في الهشيم فور إعلان وزارة التعليم تشكيل لجنة عليا لإعادة هيكلة السلم التعليمي. ولكن لماذا يقلق المعلمون والمعلمات ويشعرون بأن توصيات اللجنة لن تكون في صالحهم إطلاقاً؟ وهو ما لم يشعر به موظفو وزارة البرق والبريد والهاتف، حين أقرّت الحكومة خصخصتها سنة 1995م، على يد الوزير الدكتور علي بن طلال الجهني! ولم يشعر به موظفو الخطوط السعودية حين تسلمها المهندس خالد بن عبد الله الملحم 2006م قادماً من شركة الاتصالات السعودية (stc)! هل يعود قلق المعلمين إلى خيبة أملهم في أن تنجب وزارتهم من يعمل لمصلحتهم؛ وقد اعتادوا منذ منتصف الثمانينيات الميلادية على تجرع القرارات، وتوقيع التعاميم؛ دون أن تأخذ الوزارة برأيهم أو تحسب لهم حساباً فيما هو من صميم رسالتهم؟! أم أن قلقهم يعود إلى كون السُّلَّم التعليمي هو الأفضل والأعلى منذ اعتماده أواخر السبعينيات الميلادية. وبالتالي فإن التقاعد بناء عليه خير من انتظار مجهول صورت لهم وزارتهم نفسها أنه لن يكون أحسن؟! وبين التساؤلين، وإلى أن تعلن اللجنة توصياتها، سيظل حال من بقي في الساحة من المعلمين والمعلمات، مسرحية عبثية كمسرحية (يا طالع الشجرة) لتوفيق الحكيم، التي استلهمها من أهزوجة شعبية للأطفال تقول: «يا طالع الشجرة.. هات لي معاك بقرة.. تحلب وتسقيني.. بالمعلقة الصيني»! وتقوم أحداثها على ما تومض به ذاكرة الزوجين العجوزين من مواقف وأحداث لا ترابط بينها، ولا انسجام لحضورها مع الواقع البائس؛ تماماً كما يتذكر المعلمون اليوم الحقبة الذهبية للتعليم في الفترة ما بين 1970- 1982م، وهي الفترة التي تسلم التعليم فيها وزيران ينتمي كل واحد منهما إلى مدرسة إدارية تناقض الأخرى تماماً؛ إذ يؤمن الوزير الأول حسن بن عبد الله آل الشيخ (1970 1975) باللامركزية، وبالإنفاق غير المحدود على التعليم، وعلى العكس منه كان الوزير الثاني الدكتور عبد العزيز الخويطر (1976 1994) معروفاً بمركزيته، وبحرصه الشديد، إلى درجة أنه تقاعد ويد كرسيه الشخصي مكسورة ومجبَّرة ب(الشطرطون)؛ كما كتب عنه الروائي العربي الشهير الطيب صالح، في مجلة المجلة - مارس 1995. ولكن فارس المرحلة الذهبية للتعليم بلا منازع كان الأمير خالد بن فهد بن خالد، وهو اليوم في الصف الأول من رجال الأسرة الحاكمة الأفذاذ، وقد تسلم منصبه وكيلاً لوزارة المعارف آنذاك سنة 1972م فور عودته من الدراسة في أمريكا، ولم يكن قد تجاوز الخامسة والعشرين من عمره، فيما كان الوزير آل الشيخ في الثلاثين، وهي معدل أعمار الوزراء التكنوقراط في عهد الملك فيصل. وحسب اللقاء المستفيض النادر الذي أجراه معه رئيس تحرير مجلة المعرفة 1996، سفير المملكة في اليونسكو حالياً/ زياد الدريس، على جزءين؛ فقد كان سموه بمثابة المدير التنفيذي للوزارة، ولم يترك المنصب 1982م إلا وقد بلغ بها أقصى وأحدث ما كان في العالم المتقدم؛ بدءاً ببرامج الابتعاث للمعلمين في كل التخصصات، وانتهاء بالسلم الوظيفي الذي ما زال يثير حسد بقية القطاعات، مروراً بالمباني غير المكلفة، رغم تمتعها بأحدث المختبرات والمكتبات والملاعب الرياضية، والمقررات المنسجمة مع روح العصر، ونظام التغذية المدرسية، ونظام التعليم المهني، ونظام التعليم الشامل، الذي عادت إليه الوزارة مشوّهاً بمسمى (التعليم المطور). وقد اشتهر عند منسوبي التعليم بسؤال يكرره عند كل مشكلة وهو: «طيب وين المشكلة»؟ ومع ذلك يتواضع وينسب الفضل لوزيريه وزملائه، ويعد نفسه محظوظاً بهم وبالطفرة الأولى؛ فهل عقمت الوزارات أن يلدن مثله في الطفرات اللاحقة؟!

مشاركة :