كان آخر مشهد التقت فيه عينا زوجة الشاب اليمني وليد الإبي، هي لحظة اختطافه من قبل ميليشيات الحوثي وصالح في صنعاء الخميس الماضي، ولن تستطيع زوجته التي شاهدت بأم عينيها إحاطة عدد من المرتزقة بالشاب الذي اقترنت به منذ شهرين، واقتادوه بالقوة من حي الجراف جوار جامع التقوى في العاصمة اليمنية. يوم أمس أعلن عن وفاته داخل زنزانة في «البحث الجنائي». هذه الجريمة، وتلك الأرملة، لا يعتبران إلا حالة واحدة من جملة جرائم يرتكبها انقلابيو اليمن منذ استيلائهم على البلاد بالقوة منذ يوليو (تموز) 2014. وهو ما دفع المنظمات الدولية أخيرا إلى التحذير من الخطر الذي يحدق بحقوق الإنسان في اليمن. يوم أمس، اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الحقوقية ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية بتنفيذ عمليات «إخفاء قسري» لعدد كبير من المعارضين بالإضافة إلى عمليات تعذيب واحتجاز تعسفي منذ انقلابهم على الشرعية في اليمن وسيطرتهم على العاصمة صنعاء. وقالت المنظمة في بيان لها إن «الحوثيين في اليمن أوقفوا وعذبوا وأخفوا قسرا عددا كبيرا من المعارضين منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء قبل عامين». وأشارت المنظمة إلى أنها رصدت بين المئات من حالات الاحتجاز التعسفي التي كشفتها مجموعات يمنية منذ سبتمبر (أيلول) 2014 حالتي وفاة رهن الاحتجاز و11 حالة مفترضة من التعذيب أو سوء المعاملة بينها انتهاكات بحق طفل. وطالبت هيومان رايتس ووتش ميليشيات الحوثي بإخلاء سبيل المحتجزين تعسفا فورا والكف عن إعاقة وصول المحامين والأهالي للمحتجزين وملاحقة المسؤولين الضالعين في سوء المعاملة قضائيا. وقالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في المنظمة سارة ليا ويتسن إن «النزاع لا يُبرّر تعذيب وإخفاء من يُنظر إليهم على أنهم خصوم، ستكون سلطات صنعاء عُرضة لخطر الملاحقة القضائية في المستقبل إذا لم تعالج أوضاع المحتجزين دون موجب، وتعيدهم إلى عائلاتهم». كما أوردت المنظمة أمثلة دقيقة حول وفاة أشخاص أثناء الاعتقال وحالات تعذيب، ذاكرة الأسماء والأوقات. وأعربت عن قلقها من الاحتجاز التعسفي لأعضاء في حزب التجمع اليمني للإصلاح ومجموعات معارضة أخرى. إلى ذلك، رصدت مؤسسة وجود للأمن الإنساني ومقرها عدن، 257 واقعة انتهاك كنماذج وأنماط عشوائية متعددة من الجرائم التي مست حقوق الإنسان في عدن، من قبل ميليشيات الحوثي وصالح. وذكرت تقرير مؤسسة وجود بأن إجمالي عدد الحالات المرصودة بلغ 1998 حالة انتهاك (الذكور 1330. والإناث 668 حالة انتهاك) توزعت على القتلى 322 حالة، والجرحى 256 حالة، والنزوح غير الآمن 242 حالة انتهاك، والاختفاء القسري 10 حالات، والحرمان من الرعاية الصحية 86 حالة، ومحاولة القتل 141 حالة، وانتهاك الكرامة وسوء المعاملة والممارسات التمييزية 108 حالات. كما تضمن التقرير رصد الاعتقال والتعذيب لنحو 88 حالة، والخطف 28 حالة، وتدمير الممتلكات الخاصة والعامة 70 حالة، والسرقة والنهب 18 حالة، ومنع دخول المستلزمات الطبية 251 حالة، وعدم التفريق بين المدنيين والقوات المسلحة 98 حالة، والاحتجاز 101 حالة، والتدمير الكلي للمنازل 28 حالة، وقطع المياه ووسائل العيش عن السكان 120 حالة، والإجهاض 5 حالات، وقتل الأسرى والمرضى من القوات المعادية 20 حالة، واستهداف فرق الإغاثة الطبية 6 حالات. جاء ذلك في تقرير حديث تم استعراضه خلال حفل اختتام مشروع حماية حقوق الإنسان والدعم النفسي لضحايا الانتهاكات الذي نفذته المؤسسة بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة الإنمائي UNDP وبمشاركة عدد من الحقوقيين والإعلاميين والمنظمات الحقوقية والمجتمعية. وقالت مها عوض رئيسة مؤسسة وجود إن الفعالية تأتي متوجة لأعمال مشروع حماية حقوق الإنسان وتقديم الدعم النفسي لضحايا الانتهاكات الذي تم تنفيذه عقب انتهاء الحرب مباشرة في عدن، وذلك بهدف رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان التي رافقت الحرب ومواكبتهم وتقديم الدعم اللازم لهم. ممثل مكتب الأمم المتحدة الإنمائي، وليد باهارون قال: إن هناك خطوات كبيرة يجب أن تعمل عليها منظمات المجتمع المدني بعدن في نقل التقارير والصور الإنسانية التي تعرض الانتهاكات إلى العالم الخارجي بطريقة قوية وصحيحة تساهم في إصدار قوانين تمنع تكرار مثل هذه الانتهاكات خلال الفترة القادمة.
مشاركة :