«الست نجاح» تتحدى ابتذال الفضائيات

  • 11/18/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

مارلين سلوم كل ما تملكه.. فن عريق، موهبة تمتد جذورها إلى أعماق روحها، زهد بالشكل الخارجي والهندسة التي صارت هوس كثير من الممثلات لدرجة أنهن ينشغلن بتصميماتها لأجسادهن ووجوههن فينسين المعنى الحقيقي للفن والهدف من وقوفهن أمام الشاشة، ضمير يقظ، إحساس بالمسؤولية تجاه الإنسانية والمجتمع، رسالة توعوية بأسلوب نقدي ساخر، خفة ظل بلا استظراف، كاميرا واحدة تصوّر لتنشر في عالم الافتراض محطات من عالم الواقع. عايدة صبرا التي صار اسمها الست نجاح، فنانة حملت منذ سنوات طويلة على عاتقها مهمة، رفضت التخلي عنها رغم كل الظروف الصعبة التي مر بها لبنان. لم تستسلم للاستسهال أو للفكر التجاري والابتذال، بل واصلت تقديمها للفن الراقي، الفن الذي يشعرك بأنه مهمة صعبة لا يقدر عليها أياً ما كان، فن يسري في العروق، يتسلل من دماء الواقفين على خشبة المسرح ومن عرق أبدانهم ومن لهاث أنفاسهم إلى كل مشاهد، يبهره ويترك أثراً عميقاً في نفسه، ويحثه على التفكير مرات ومرات بأحواله وأحوال الدنيا. الست نجاح صارت بطلة اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي. ومن لا يعرف عايدة صبرا، فهي ممثلة ومخرجة وكاتبة ومصممة رقص في المسرح والتلفزيون والسينما والإذاعة.. ومن لا يعرف الست نجاح، فهي شخصية ابتكرتها عايدة صبرا لتواكب العصر وتجعل من الشارع خشبة مسرحها. بلا ماكياج ولا تصفيف شعر ولا تنسيق أزياء ولا أي بهرجة، قررت عايدة صبرا أن تخرج إلى الشارع، لتبدو امرأة عادية جداً، تتكلم بلكنة بيروتية صرف، تتجول في كندا حيث كانت في زيارة لأقاربها، تنتقد النظافة، إضاءة الشوارع، الهدوء، الطبيعة الخلابة، مكتبات الشوارع التي تتيح القراءة للجميع، الأمان الزائد، الشجر الكثيف، احترام الآخر واحترام الجيرة.. تنتقد لتقدم كوميديا سوداء تسخر فيها من الفوضى وكل المتناقضات بين لبنان وكندا. فكرة بسيطة حولتها الفنانة إلى فيلم قصير جداً لا تتجاوز مدته الدقيقتين وأحياناً أقل، والفيلم القصير صار سلسلة معروفة باسم الست نجاح تنشرها على يوتيوب ويتناقلها المعجبون وما أكثرهم عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي. يساعدها في عملها هذا المخرج علي ماجد، الذي عاش معها المغامرة ببساطتها، بلا رتوش وتقنيات مكلفة، فنشعر وكأن هناك من يصورها بكاميرا موبايل ليس أكثر. من كندا إلى لبنان، عادت عايدة حاملة معها الست نجاح لتكمل مشوار النقد الساخر بلا تجريح. أبدِن أبدِن (أي أبداً أبداً) لم تعجبها كندا بجمالها وهدوئها ونظامها والتزام الناس بالقوانين.. والمقصود طبعاً العكس. وتكملة حلقات السلسلة في بيروت، سيلفي وبلكون الجيران خلفي، كل شي وإلو شي وكثير من الحلقات الكوميدية التي تجسد المضحك المبكي بكل معانيه. يشارك في بعض الحلقات فنانون معروفون، ويحب الجمهور هذه العفوية والبساطة والأعمال التي تجعله يركز في مضمون الرسائل الموجهة إليه دون إلهاء البصر بأشكال وديكور وأزياء.. المهمة ليست سهلة، تقدم فيها عايدة صبرا تمثيلاً صعباً السهل الممتنع، لا تسقط في مطبات التفاهة، ولا تستخف بعقول الناس. الست نجاح ضحكة فنية عصرية موجعة، تتعمد أن تبدو بلهاء أحياناً، لتقول ما لا تجرؤ البرامج التي تبلغ تكلفتها الآلاف وأحياناً الملايين على قوله. الست نجاح تتحدى ابتذال الفضائيات لتكسر كل الأطر التقليدية وتقدم ما يصل إلى قلوب الناس ببساطة، مستغلة الوسائل الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي. بلا ادعاءات مذيعين ولا خدش حياء ولا صراخ، تحكي للمجتمع عن أحواله والأخطاء المنتشرة فيه وتلفت الدولة إلى معاناة الناس. marlynsalloum@gmail.com

مشاركة :