كشف هاوارد ويب رئيس دائرة التحكيم في الاتحاد السعودي لكرة القدم الذي قاد نهائي كأس العالم بجنوب أفريقيا 2010 عن محطات هامة في مشواره مع التحكيم من الشعارات والأهازيج والأجواء التي تسبق المباريات من قبل الجماهير الغاضبة إلى اللاعبين الغشاشين الذين يخططون للضحك على الحكام بشتى الحيل والأساليب. مشيرًا إلى كيفية التعامل أيضا مع اللاعبين المشاغبين. ويب كشف في حوار نشرته صحيفة "تيلجراف" البريطانية ظروف وملابسات توجهه للتحكيم. تحدث أيضا عن أجمل أداء شاهده على الملاعب فضلا عن أجمل هدف رآه خلال مشواره الطويل إضافة إلى العديد من القضايا الخاصة بالتحكيم فإلى مضابط الحوار. ـ هل كنت تحلم بأن تصبح حكماً؟ لا لم أكن أحلم بالتحكيم.. ففي مرحلة الطفولة كنت أحلم بأن أكون لاعب كرة.. لم يكن التحكيم يراود نفسي ولم تكن طموحاتي وعمري يتراوح بين الثامنة والتاسعة أن أتجه نحو التحكيم فقد كنت ضمن كثيرين كانوا يحلمون بالوقوف على منصات التتويج حاملين كأساً لبطولة عالمية رغم أنه لم يكن حلما سهل المنال للكثيرين من الشباب الإنجليز آنذاك. وفي هذا الصدد ولتحقيق حلم العمر كافحت كثيرا ولكن وصلت إلى قناعة فيما بعد بأنني على بعد آلاف الأميال من تحقيق ذلك الحلم فتوقفت رافعاً الراية البيضاء. ـ هل سبق أن اتجه أحد من أسرتك إلى التحكيم؟ كان والدي حكماً وحينما بلغت السابعة عشرة سألني إن كنت أرغب الانخراط في دورات تدريبية والتوجه بعدها إلى عالم التحكيم.. ولكنني لم أكن أرغب ولم أفكر في التحكيم وقتها.. لم تعجبني أشكالهم خاصة فإن رؤوسهم خاوية على عروشها من الشعر.. ولعل هذا سبب رفضي لمهنة رؤوس شاغليها صلعاء.. ولكن مع إلحاح وإصرار والدي ورغبته مع اكتشافي فيما بعد بأن ليس كل الحكام عديمي الشعر فكرت في التوجه للتحكيم.. وبالفعل فأمام بعض الإغراءات قررت أن أخوض التجربة بتلقي بعد الكورسات حيث نجحت وتأهلت للعمل في مجال التحكيم عام 1989. ـ هل كنت تستلم مالاً مقابل التحكيم؟ في البداية وفي عمر التاسعة عشرة والعشرين كنت أدفع من جيبي لتلقي المزيد من الدروس عن التحكيم وكنت في مرحلة تكوين شخصيتي.. ولكن لم أكن أمتلك ضمانات بأنني سأتلقى المال مقابل التحكيم.. كنت أقوم بتغيير ملابسي تحت شجرة أو بجانب سيارتي.. وفيما يتعلق باستلام الأجر نصحني والدي بأن أمسك الكرة بعد نهاية المباراة وأحتفظ بها كضمان حتى يدفعوا لي أجري. ـ هل سبق أن تعرضت لتهديد واعتداء جسماني؟ لم يحدث أن تعرضت لتهديد باعتداء جسماني باستثناء حادثة واحدة في الطفولة تعرضت فيها للتعدي من قبل أحد أولياء الأمور خلال مباراة.. ولكن لم تكن تلك ظاهرة شائعة.. أحيانا وتحت التهديد تفكر جديا في ترك المهنة ولكن تنسى الحادثة في اليوم التالي فتتراجع.. في تقديري فإن السيطرة على النفس وعدم العمل بردود الفعل هام وضروري في عالم الكرة وأعتقد أنه المفتاح نحو النجاح. ـ هل حدثتنا عن المباراة التي قمت بتحكيمها في ذكرى الهدنة بين أيرلندا وإنجلترا والتي جرت في ذكرى الحرب العالمية الأولى؟ حينما بدأت التحكيم في المقاطعات الشمالية كانت لي غرفة خاصة أنيقة لتغيير الملابس مجهزة بحمام وأعتقد أن توفير مثل هذه المستلزمات والضروريات تشعر الحكم بأنه تحت الحماية والعناية وتشجعه في الاستمرار. ـ ما هو أجمل الأهداف التي شاهدتها؟ الأهداف الجميلة كثيرة.. والحكم ربما يتميز عن الآخرين وبالأخص المشاهدين في أنه يتمتع بموقع قريب من أداء اللاعبين الأمر الذي يضاعف من المتعة.. ولكن على الصعيد الشخصي فإن أجمل أداء شاهدته كان للمهاجم البرتغالي كريستيانو رونالدو وذلك في المباراة المؤهلة لكأس العالم 2014 وكانت أمام السويد وجرت في نوفمبر 2013 حيث أحرز رونالدو هاتريك لتنتهي المباراة لصالح البرتغال 3ـ2 .. كانت المباراة تنزلق بعيداً عن أحلام المنتخب البرتغالي حينما أمسك بزمامها رونالدو بمهاراته العالية وبأداء أسطوري وإصرار وقوة.. ولكن دعني أصارحك وأقول لك إن أجمل هدف شاهدته في حياتي كان في الدوري الإنجليزي وتحديدا خلال مباراة بين قطبي مانشستر (يونايتد وسيتي) وكان صاحبه أسطورة أخرى اسمها بيتر كراوش.. المباراة جرت في مارس 2012 وكانت أمام مانشستر سيتي فقد سدد أزمير بيجوفيك تمريرة عالية تلقاها ساحر يونايتد كراوش بالصدر ثم سددها على الطاير من على بعد 40 ياردة فعانقت شباك الحارس جوهارت كصاروخ أرض جو لا يصد ولا يرد.. بعدها ولمدة عشر دقائق كان الملعب يضج بهتافات وتصفيق الجماهير التي لم تكتف بذلك بل اتجهت إلى جوالاتها وهي ترسل صورا من الهدف لزملائهم خارج الملعب. ـ يقولون إنك تعاني من اضطرابات نفسية قبل الإقدام على قيادة المباريات ما تعليقك؟ دعني أقول لك إنني لا أؤمن بالخرافات ولكن عانيت كثيرا من مرض اضطراب الوسواس القهري وبالذات في فترة الطفولة.. فحينما كنت أرتدي ملابس التحكيم كنت أسعى وأخطط لكي أكون هادئا ومستقر نفسياً ولكن كانت تسيطر على بعض الأحيان مشاعر غريبة كان مصدرها وسببها الأخطاء التي ارتكبتها في المباراة السابقة فأسقط في أنياب الاضطراب النفسي الأمر الذي كان يدعوني لنزع وخلع زي التحكيم لوضع حد للقلق الذي كان ينتابني. ـ هل سبق أن تعرضت لتهديد من مدرب؟ الأمر يتوقف على المدرب لأن هناك اختلافات وتباينات بينهم.. يحدث ذلك قبل ساعة من المباراة وفي فترة تغيير الملابس.. في هذه الفترة يعتقد الكثير من المدربين بأنك تفتقر إلى الشخصية ولذلك يفكرون في فرض آرائهم عليك. والبعض الآخر يطلق الكذب على مسامعك بالذات في فترة الراحة بين الشوطين ويوجه لك الاتهامات بأنك ارتكبت أخطاء ما كان ينبغي أن تقع فيها.. ولعل مدرب مانشستر يونايتد البرتغالي جوسيه مورينيو أحد هؤلاء.. فكثيراً ما يقول لك إن قراراتك لم تكن صائبة وأن الشك يحوم حول مدى صحتها وكان عليك أن تحسم الشك لصالح الفريق الذي ارتكبت ضده المخالفة.. أمام هذه الاتهامات على الحكم أن يكون صلباً لا يتراجع عن قراراته ولا يشك في مدى صحتها.. عليه أن يفرض شخصيته. ـ في رأيك هل هناك دور يمكن أن يلعبه قائد الفريق في السيطرة على انفعالات وتجاوزات اللاعبين؟ نعم لابد من وجود قائد قوي الشخصية يتدخل في الوقت المناسب وقبل انفلات العقد ويجب ألا يترك هذا الأمر للحكم وحده فكثيرا ما صارحت قائد الفريق بأنه يفهم سلوك وردود فعل لاعبيه أكثر مني وعليه أن يتدخل وبالذات حينما يتعرض فريقه للخسارة للسيطرة على الموقف قبل أن تفلت الأمور إلى ما لا يحمد عقباه.. من هؤلاء اللاعبين أشير إلى الفرنسي باتريس إيفرا الذي كثيرا ما كان يتدخل لمساعدتي.. كما أنه لا يفوت على ذكر فرانك لامبارد وفيليب جاجيلكا ودورهما في تهدئة المشاعر الغاضبة. ـ هل يحكم الحكم على اللاعبين بسمعتهم؟ لا.. هذا خطأ.. فمن مهارات الحكم معرفة اللاعبين الذين يقوم بقيادة المباراة التي يشاركون فيها.. عليه ألا يتغاضى عن هذا الجانب لأن التعامي عن هؤلاء اللاعبين يورط الحكم في أخطاء، فهناك لاعبون محترفون في الضحك على الحكم بإلقاء أنفسهم على الأرض وفي منطقة الجزاء للحصول على ركلات جزاء.. الأمر هنا يتطلب يقظة وهي مهمة للحكم.. إضافة إلى ذلك فلا يفترض أن يدخل الحكم إلى المباراة وهو يختزن أحكاما مسبقة عن سلوك اللاعبين.. هناك بعض اللاعبين يصعب التعامل معهم ولكني أتعامل معهم بهدوء وأجد استجابة منهم .. من هذه الفئة اللاعبين جوي بارتون وروبي سفج .. هؤلاء يصطدمون مع الحكم بداية ولكنهم جاهزون للحوار وهناك لاعبون متحجري الرؤوس يصعب التعامل معهم. أود أن أشير هنا أيضا إلى ضرورة ممارسة الحكم لعب الكرة لأن من شأنها رفع اللياقة البدنية.
مشاركة :