«موضوع شائك» لا تصيغ العاطفة حلوله!

  • 3/20/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الحديث عن هذا الموضوع الشائك يستلزم مهنية علمية وبحثية رصينة، بعيداً عن العواطف الجياشة، فهناك من يكتفي بالتركيز على الآثار من دون اهتمام بوجهة النظر الأخرى، وربما التشنيع عليها، وهناك من يبدي مخاوف مشروعة من المبالغة في الاهتمام بتلك الآثار؛ خوفاً من توجيهها والانحراف بها عن مسارها الشرعي والعلمي، والوقوع في مستنقع البدع. وتستحق المدينة النبوية الشريفة من الجميع إبراز تاريخها الناصع نقياً من الزيف، والخرافة، والدجل؛ مما يسوق حتماً إلى قراءة جديدة لتاريخ خالٍ من بقايا آثار الصراع المذهبي التي انضوت المدينة تحت تأثيره في فترات زمنية مختلفة، وأوجدت آثاراً مزعومة؛ لذا لابد من فتح نقاش معمق، وموسع، يشارك فيه المتخصصون من كل الفنون الشرعية، والتاريخية، والأثرية، من أجل الوصول إلى رؤية علمية مشتركة تنهي الجدال حوله. ويجب التفريق بين الآثار والمواقع، فغالب الآثار في المدينة محدودة جداً، ولم يتبق سوى المواقع، وعندما نقول "موقع كذا" فلا وجود لأثر فيه، كموقع الخندق، هو موقع ولا يوجد له أثر، وتم الاختلاف على الموقع، وكذلك مسجد الجمعة يعتبر موقعاً وليس أثراً؛ لأنّ المسجد الذي بناه أسعد بن زرارة هل هو فعلاً المسجد الحالي؟، مبيّناً أنّ الأثر هو الذي له وجود حتى اليوم، مثل جبل أحد، والبقيع، وشهداء أحد؛ لذلك لا ينبغي أن نخلط في التسمية، ومن الخطأ تنزيل منهجية النظريات البحثية الغربية على مواقع مجردة من آثار ملموسة؛ لأنّها مجرد حفر، وتنقيب، وقراءة النقوش، وتفكيك الحروف، وقراءة اللغة، ليس لديهم مصادر أخرى توصلنا للحقيقة، مثل علم البحث المقارن والإسناد الذي يثبت بالدليل على وجود الموقع الصحيح. وتبلغ المجازفة العلمية مداها عند محاولة تنزيل الواقع المشاهد نظيراً ومثيلاً أو بديلاً للماضي التليد؛ نظراً لانعدام أدوات المقارنة والمقابلة العلمية الدقيقة، وأحسب أنّه ليس ثمة بعد -أياً كان نوعه- وراء ذلك سوى عدم وجود مبادرات علمية جادة، ومن هذا المنطلق فإنّ المؤسسات العلمية مطالبة بايجاد بحث علمي دقيق على مستوى علمي شامل يمكن أن يصل إلى الهدف العظيم. ولابد من احترام التخصص، ولدينا الآن مؤسسات علمية كثيرة جداً، مثل: أقسام التاريخ، والمراكز البحثية، والدارة، فواجب العلماء هو التوجيه وأخذ هذا البحث في مساره الصحيح، والمشاركة من الجهة الشرعية، ووضع احترازيات وشروط وضوابط، فهذا واجب العلماء، سواءً هيئة كبار العلماء أو المتخصصين في الفنون الشرعية، والمدينة فيها مواقع وآثار، لكن كيف نثبت صحة هذه الآثار والمواقع؟، وكيف نزيل الخرافات والدجل؟، ويجب أن تكون هناك منهجية علمية، وليس مجرد فتوى تعارض الاهتمام بالآثار، حيث تكون عن طريق المؤتمرات، وورش العمل، والندوات؛ مما يوصلنا لرؤية مشتركة. * أستاذ كرسي الأمير نايف للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالجامعة الإسلامية

مشاركة :