موفدان ملكيان سعوديان في بيروت غداً لتهنئة عون وتأكيد «احتضان» لبنان - خارجيات

  • 11/20/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

حجبتْ الزيارة التي يقوم بها الأمير خالد الفيصل يرافقه وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان لبيروت يوم غد الأضواء عن المسار المتعثّر لتشكيل الحكومة الأولى في عهد الرئيس ميشال عون والتي بدا امس انها تحتاج الى «معجزة» كي تولد اليوم او غداً بما يسمح بإحياء ذكرى الاستقلال الثلاثاء بـ «نصاب مؤسساتي» مكتمل. وتكتسب الزيارة التي يبدأها الفيصل والسبهان موفديْن من خادم الحرميْن الشريفيْن الملك سلمان بن عبد العزيز أهمية استثنائية انطلاقاً من عنوانها المعلن وهو تقديم التهنئة لعون بانتخابه رئيساً وتأكيد الدعم للبنان واستقراره، الى جانب توجيه دعوة له لزيارة المملكة العربية السعودية. وتشير أوساط سياسية الى ان «الاحتضان» السعودي للتسوية الرئاسية والذي كان برز بقوّة عشية انتخاب عون من خلال زيارة السبهان لبيروت، يعكس قراراً من الرياض بمعاودة وضع لبنان على خريطة اهتماماتها بعد مرحلة من الانكفاء بدا معها الواقع اللبناني وكأنه فقدَ بالكامل «توازنه» الذي كانت الرياض تشكّل نقطة الاتكاز فيه مقابل النفوذ الايراني المتقدّم الذي يُعتبر «حزب الله» رأس الحربة فيه. وبعد زيارة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف لبيروت قبل نحو اسبوعين، ستكرّس المباركة السعودية المباشرة للتسوية الرئاسية دخول لبنان مرحلة من «المساكنة الاختبارية» بين طهران والرياض، يبقى محكّها الفعلي اكتمال مسار استيلاد الحكومة التي كُلف الرئيس سعد الحريري بتشكيلها، وسط مخاوف من ان يؤدي تأخير إعلانها الى إدخالها في مدار انتظار تبلور ملامح السياسة الخارجية الحقيقية للادارة الاميركية الجديدة فيما خص أزمات المنطقة والعلاقة مع دولها ولا سيما ايران. وفيما يفترض ان يجول الموفدان السعوديان على كل من عون ورئيس البرلمان نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال تمام سلام والرئيس الحريري، فإن مناخاً يسود بيروت بأن أوّل إطلالة عربية للرئيس اللبناني والتي ستكون من الرياض رغم تلقيه دعوة من نظيره المصري عبد الفتاح السياسي لزيارة القاهرة، ستترافق مع إحياء هبة الـ 3 مليارات دولار المخصصة لتسليح الجيش اللبناني من فرنسا والتي سبق ان تم تجميدها قبل نحو عشرة أشهر على خلفية موقف الخارجية اللبنانية الذي خرج عن الإجماع العربي في ما خص إدانة الاعتداء على السفارة السعودية في طهران، وهو ما سيعني إزالة كل الغيوم التي تلبّدت في سماء علاقة «بلاد الأرز» بالمملكة ودول الخليج عموماً والتي يضع عون إعادة تزخيمها أولوية لديه باعتبارها من «خطوط الدفاع» الأساسية لنجاح عهده. ولم يكن ممكناً يوم امس الجزم بما اذا كان الأمير الفيصل والسبهان سيقدمان تهنئة مزدوجة بانتخاب عون وولادة الحكومة، باعتبار ان مسار التأليف بدا أمام مرحلة «التقاط الأنفاس» بعد «الشحنة السلبية» التي شكّلها انفجار «القلوب المليانة» مجدداً بين عون وبري، في «معركة» تصل امتداداتها الى النائب سليمان فرنجية وسط ملامح «نفَسي ثأري» يتحكّم بها على خلفية ذيول الانتخابات الرئاسية التي وقف بري وفرنجية فيها بقوّة بوجه وصول عون. ناهيك عن التطوّر الخطير الذي تمثّل في الردّ غير المألوف من المرجعية الدينية الشيعية على البطريرك الماروني الكادرينال مار بشارة بطرس الراعي في ضوء انتقاد الأخير محاولة استبدال «سلّة التفاهمات المسبقة» لانتخاب الرئيس بـ «فيتوات» على تولي بعض الأطراف حقائب معينة (في اشارة الى الرفض الشيعي لتولي «القوات اللبنانية» حقيبة سيادية) وبتمسّك بحقائب معيّنة. علماً ان هذا الردّ عكس أهمية «المعركة» التي يخوضها الثنائي الشيعي - بري و«حزب الله» - لانتزاع إقرارٍ بأن حقيبة المال السيادية ستبقى «مكرَّسة»، ولكل المرّات، للطائفة الشيعية باعتبارها عنصر «التوازن الميثاقي» في السلطة التنفيذية مع رئاسة الجمهورية (المارونية) ورئاسة الوزراء (السنية) من بوابة كونها تمنح هذه الطائفة التوقيع الثالث على المراسيم والقوانين، وهو المكسب الذي يوازي عملياً ما يمكن تحصيله من اي «مؤتمر تأسيسي» او إعادة نظر في توزيع «كعكة السلطة». وفيما لم يُسجل أمس أيّ تحرّك علني في ما خص اتصالات تأليف الحكومة، فإن «بورصة» التشكيل كانت رست على استمرار عقدتيْن أساسيتيْن هما: الحقيبة التي سينالها تيار «المردة» (يتزعّمه النائب سليمان فرنجية) الذي يصرّ على حقيبة وازنة من بينها الأشغال، التي صار حزب «القوات اللبنانية» يعتبر انها باتت من حصته رغم محاولة بري معاودة وضعها في «بازار التفاوض»، و»الصحة» التي يتمسّك بها بري اذا بقيت «الأشغال» لـ «القوات»، والطاقة التي يصرّ عليها «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس)، علماً ان حقيبة التربية هي التي عُرضت على «المردة» ويرفضها. اما العقدة الثانية، فتتمثّل في تمسُّك رئيس الجمهورية بأن يكون من ضمن حصته وزيران سني وشيعي، وهو ما يريد الرئيسان بري والحريري ان يكون مقابلهما وزير مسيحي لكل منهما. علماً ان الحريري سيكون له بذلك على الأقل وزيران مسيحيان باعتبار انه يرى ان طبيعة تياره (المستقبل) وكتلته البرلمانية تستدعي ان يتمثّل اصلاً بوزير مسيحي الى جانب الحصة السنّية، في حين ان رئيس البرلمان يرفض منطق ان يكون توزير شخص من «المردة» هو التعويض المسيحي عن انضمام شيعي الى حصة رئيس الجمهورية، وهو ما لا يقبل به ايضاً فرنجية. وانطلاقاً من هذا التشابك، تم التداول مجدداً بخيار العودة الى حكومة من 30 وزيراً عوض صيغة الـ 24 التي يجري العمل عليها حالياً، على قاعدة ان توسيع الحكومة عددياً سيكون كفيلاً بإدخال وزير مسيحي عن الحزب السوري القومي الاجتماعي كبديل عن الوزير الشيعي من حصة عون الى جانب توزير شخص من «المردة». علماً ان دوائر مطلعة ترى ان اي ارتداد الى «حكومة الـ 30» سيحتاج الى مزيد من الوقت لمعاودة تدوير زوايا المطالب ولن يحلّ مثلاً تمسُك فرنجية بحقيبة وازنة يدعمه فيها حتى النهاية الثنائي الشيعي الذي يطلق اشارات سلبية واضحة حيال ما يعتبره «تضخُّم» حصة «القوات اللبنانية»، الشريكة المسيحية والرئاسية لعون، والتي تخوض بدورها في الحكومة معركة «تثبيث حقّها»... مرّة ولكل المرات.

مشاركة :