أقرأ عن وطني مساحة من المعرفة تخصصها الإمارات اليوم لتعريف القرّاء من مختلف الأعمار بدولة الإمارات، من خلال طرح موضوعات ترتبط بالهوية الوطنية، وتاريخ الدولة وثقافتها، وتراثها ولهجتها وإنجازاتها، وكل ما يرتبط بهوية ومكونات الدولة، والشخصية الإماراتية، وهو ما يصبّ في تحقيق أهداف نشر المعرفة والثقافة التي يستند إليها عام القراءة. التسامح في دولة الإمارات ليس جديداً أو طارئاً كما يعتقد البعض، لكنه يمتد لسنوات طويلة تعود إلى عمق تاريخ الساحل المتصالح. وكما اتخذت الإمارات في الوقت الحاضر العديد من الخطوات، لتعزيز نهج التسامح على مستوى الدولة والأفراد، مثل تشكيل أول وزارة للتسامح على مستوى العالم، وإطلاق البرنامج الوطني للتسامح، الذي يهدف إلى غرس قيم التعايش والوئام في المجتمع، عبر العديد من المبادرات التي تهدف إلى نشر قيم التسامح، ومكافحة ثقافة العنف والتطرُّف والتعصب. من أقوال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ــــــــــــــــــــــــــــــــ من رسالة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بمناسبة اليوم العالمي للتسامح: أكثر ما نفاخر به الناس والعالم عندما نسافر ليس ارتفاع مبانينا ولا اتساع شوارعنا ولا ضخامة أسواقنا بل نفاخرهم بتسامح دولة الإمارات... نفاخرهم بأننا دولة يعيش فيها جميع البشر - على اختلافاتهم التي خلقهم الله عليها - بمحبة حقيقية وتسامح حقيقي... يعيشون ويعملون معاً لبناء مستقبل أبنائهم دون خوف من تعصب أو كراهية أو تمييز عنصري أو تفرقة، بناء على لون أو دين أو طائفة أو عرق. وشهدت المنطقة دلائل على ما يتسم به أهلها من تسامح وتعايش منذ عصور قديمة، من بينها ما كشفته التنقيبات الأثرية من احتضان الإمارات، وتحديداً جزيرة صير بني ياس، لأقدم دير مسيحي في المنطقة. ولقد اهتم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بتوفير كل الإمكانات للتنقيب عن هذا الموقع الأثري المهم، وإعداده ليصبح مزاراً تاريخياً وسياحياً، مؤشراً مهماً إلى ما كان يتسم به فكر زايد من تسامح، وحرصه على أن يرسخ قيمة التسامح والتعايش في نفوس الجميع. ويُعتقد أن الدير الذي جرى اكتشافه للمرة الأولى في عام 1992، بالتزامن مع بدء مرحلة جديدة من عمليات التنقيب عن مواقع أثرية جديدة في جزيرة صير بني ياس، أسس في نهاية القرن السادس الميلادي، وتم هجره نحو عام 750 ميلادية، ويقع الدير في الجانب الشرقي من جزيرة صير بني ياس، وتتجه بوابته الرئيسة نحو الشرق بالقرب من خور صغير على الشاطئ، الذي يبعد بضع مئات من الأمتار. وكان سكان هذه الرهبانية ينتمون إلى كنيسة الشرق، حيث كان لهم دور فاعل في حركة التجارة البحرية الممتدة من أقصى شمال الخليج إلى الهند، كما أسهموا في تجارة اللؤلؤ التاريخية في منطقة الخليج العربي. وكان الرهبان من أتباع المعلم نسطور (نسطوريوس)، رئيس أساقفة القسطنطينية (إسطنبول حالياً) في النصف الأول من القرن الخامس، والذي كان على خلاف مع بابا روما حول مسائل عقائدية، حيث كانوا على الأرجح خليطاً من السكان المحليين ومن شعوب بلاد الرافدين، وغيرها من المناطق، وكانوا يتكلمون السريانية والعربية، وربما غيرهما من لغات المنطقة. ويعتقد أنهم بدأوا ببناء الكنيسة نحو عام 600 ميلادية. ويحيط بموقع الدير سور خارجي، يضم بداخله صوامع للكهنة ومطابخ ومخازن وحظائر للحيوانات، تتوزع جميعها حول فناء مركزي يتوسطه مبنى الكنيسة، بينما زينت جدران الكنيسة بالزخارف والتصاميم الجصية. وعلى بعد بضع مئات من الأمتار، لاسيما إلى الشمال والشمال الغربي من الموقع، توجد مبانٍ عدة أصغر حجماً، قد تكون منازل لكبار الرهبان، إضافة إلى خزان كبير للمياه موصول بقناة. ويكتسب الدير أهمية كبيرة، نظراً لأنه يلقي الضوء على المجموعات البشرية التي استوطنت الجزيرة منذ آلاف السنين. 1992 اكتشف الدير للمرة الأولى، بالتزامن مع بدء مرحلة جديدة من عمليات التنقيب عن مواقع أثرية جديدة، في جزيرة صير بني ياس. سلام.. وتفاهم تمثل دولة الإمارات، حالياً، نموذجاً فريداً لمفهوم المجتمع الكوزموبوليتانى، الذي تتعايش فيه العديد من الجنسيات والثقافات في سلام وتفاهم، إذ تحتضن أكثر من 200 جنسية مختلفة، بكل ما يحمله هذا العدد من اختلاف في الفكر والثقافة والديانة، ورغم هذا يعيش الجميع في تسامح، كما يولي قادة الدولة اهتماماً كبيراً لتعزيز وتأصيل مشاعر وسلوكيات التسامح والتعايش والتعددية وقبول الآخر ونبذ العنف والكراهية، وأثمرت هذه الجهود أن الإمارات احتلت المركز الأول إقليمياً، والثالث عالمياً، في مؤشر التسامح المدرج ضمن منهجية تقرير الكتاب السنوي العالمي لعام 2016، الصادر عن معهد التنمية الإدارية بسويسرا. بشكل عام؛ يذكر باحثو الآثار أن جزيرة صير بني ياس ظلت مأهولة بالسكان على مدى أكثر من 7500 عام، وتتضمن المكتشفات الأثرية في الجزيرة مدفناً دائرياً، يعتقد أنه يعود لـ4000 عام وبرج مراقبة ومسجداً وأدلة على صناعة اللؤلؤ القديمة في الجزيرة. وبعض المواقع الأثرية فيها تعود للعصر الحجري قبل 7000 سنة ومنها ما يعود إلى العصر البرونزي أي قبل 4000 سنة ثم الحقبة التي تعود إلى 600 ميلادي حيث بني الدير الكنسي المكتشف؛ فإلى الشمال يمتد لسان طبيعي في البحر يسمى رأس الدنان، وسكنه إنسان العصر الحجري، واستمر مؤهولاً حتى العصر الإسلامي حيث نهضت عليه قرية الزاهر وفي ما تبقى من آثار هذه القرية عثر المنقبون عن الآثار على بقايا مسجد يعود إلى 300 سنة خلت، وعدد من المقابر، وبقايا عظام حيوانات، وحوض ماء. وظلت هذه الجزيرة التي صارت قبلة صيادي اللؤلؤ ومحطة استجمام الطيور المهاجرة مأهولة بالسكان منذ أكثر من 5000 عام. كما يرجح العلماء أن اسم جزيرة صير بني ياس ذكر لأول مرة في عام 1590؛ ما يعني وجود قبيلة بني ياس قبل هذه الحقبة.
مشاركة :