أعواد الكبريت لوحات تروي حكايات الحصار

  • 11/20/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بعد أن قهرته أزمات غزة القاسية، وحرمته من إيجاد فرصة عمل مناسبة لتخصصه الجامعي، حلق الشاب الغزي محمد سلام خارج السرب، متكئاً على موهبة يمتلكها منذ نعومة أظافره، لتكن قبلته في إكمال مشوار حياته دون الاعتماد على غيره. موهبة الفن التشكيلي كانت الخيار الوحيد للشاب سلام، لمجابهة أزمة البطالة التي تعصف بآلاف الخريجين، والتي كان هو إحدى ضحاياها، مبتكراً أسلوباً جديداً، وشكلاً إبداعياً في صناعة اللوحات الفنية، وذلك باستخدام أعواد الكبريت، للتعبير عن الواقع الأليم للشعب الذي يتعرض منذ 10 سنوات لحصار هو الأطول، ويواجه حالة انقسام تبدد حياة الفلسطينيين. ودمج الفنان سلام في لوحاته المصنوعة من أعواد الثقاب بين موهبته في الفن التشكيلي ومهنة التصوير التي يتقنها، فبعد الانتهاء من تشكيل أعواد الكبريت، مستوحياً لوحته من مآسي وأزمات الشارع الفلسطيني، يلتقط صورة لها مع إضافة صورة تعبيرية عن الحالة التي تجسدها اللوحة. «الإمارات اليوم» التقت الشاب سلام داخل غرفته البسيطة، التي حولها إلى مرسم خاص بأفكاره الحديثة، فقد كان منشغلاً منذ ساعات بتجميع أعواد الكبريت المتناثرة على طاولة صغيرة، ليصنع منها مجسمات فنية تحاكي واقعه المعيش بطريقة إبداعية، وفي الجانب الآخر من غرفته علق العديد من لوحاته، التي تروي حكايات غزة المتعددة بأدق تفاصيلها. يقول الشاب سلام، الحاصل على شهادة البكالوريوس في العلاقات العامة والإعلام: «موهبتي في البداية كانت التصوير الفوتوغرافي، لكنني أردت صناعة لوحات فنية مميزة على خلاف الصور التقليدية التي تمتلئ بها الصفحات والمواقع الإلكترونية، لأعبر عن الواقع الذي يعيشه قطاع غزة، أما استخدام أعواد الكبريت فكان عن طريق الصدفة، وذلك عندما رأيت أخي الصغير يلعب بها أثناء فترة انقطاع الكهرباء، حيث فكرت جيداً في الاعتماد عليها في صناعة لوحات فنية تخرج عن نطاق المألوف». ويبين الفنان الغزي المراحل التي تمر بها صناعة لوحاته الفنية، قائلاً: «أرسم الصور التي تدور في مخيلتي بشرط أن تحمل مضموناً معبراً، ثم أجمع مجموعة من ثقاب الكبريت، وألصقها باستخدام (فرد السليكون)، فيما أقطعها حسب ما يتطلب المجسم باستخدام مجموعة من الأدوات كالمقص والغراء». ويضيف «بعد الانتهاء من تشكيل أعواد الكبريت وفق قالب فني مميز، أصور المجسم بشكله النهائي باستخدام كاميرا تقنية، لأنقلها على جهاز الحاسوب، مضيفاً إليها اللمسات الأخيرة، قبل أن تصبح لوحة فنية معبرة». أول لوحة صنعها محمد باستخدام أعواد الكبريت، كانت تجسد معاناة الخريجين الغزيين، والمصير المجهول الذي ينتظرهم في ظل انعدام الحلول الخاصة بإنهاء مأساتهم. فقد حول أعواد الكبريت بأنامله إلى شابين خريجين، ينقلان قبعة التخرج إلى سيارة الإسعاف، في إشارة إلى تبخر أحلامهم دون رجعة، في ظل واقعهم الصعب. ومن بين القضايا التي أتقن سلام تجسيدها في قالب فني إبداعي، مأساة الشعب الفلسطيني بفعل الانقسام الداخلي، كذلك قضية الهجرة الفردية والجماعية لفئات مختلفة من المجتمع، بالإضافة إلى أزمات انقطاع الكهرباء والوقود وإغلاق المعابر. ويأمل الشاب محمد المشاركة في معارض محلية ودولية، يستطيع من خلالها إيصال رسالته إلى العالم بأن شباب غزة، وعلى الرغم من واقعهم المذل، فإنهم يمتلكون رصيداً كافياً من التميز والإبداع، ولهم الحق الكامل في تحقيق طموحاتهم كبقية شعوب العالم.

مشاركة :