دمّر التحالف الدولي، أمس، جسراً يعبر نهر دجلة في وسط مدينة الموصل، لوقف عمليات تنقل المتطرفين عبر الضفتين، في وقت أعلنت الأمم المتحدة أن أكثر من 68 ألف شخص نزحوا من الموصل، منذ بدأت القوات العراقية عمليتها العسكرية الشهر الماضي لطرد التنظيم من المدينة. محافظ صلاح الدين طالب بالسماح بعودة آلاف الأسر النازحة إلى مناطقها المحرّرة. وأعلن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة أنه شن غارة، أمس، أدت إلى تدمير جسر حيوي يعبر نهر دجلة في وسط الموصل، ما قيد حركة المتشددين بين الأجزاء الغربية والشرقية من المدينة. وقال المتحدث باسم التحالف الدولي، الكولونيل جون دوريان، إن «السبب هو أن (داعش) كان يستخدم تلك الجسور كخطوط اتصال لدعم قواته على الجانب الشرقي من المدينة، وتعزيز عديده، خصوصاً في عمليات التبديل». وأضاف «لذا لن نسمح بحدوث هذا الأمر». وبهذه الغارة، يبقى فقط أقدم جسر في الموصل، وهو الذي بناه البريطانيون، من بين خمسة في وسط المدينة، بحسب ما أفاد سكان. لكن المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، أبدت قلقها من أن يعطل تدمير الجسور إجلاء المدنيين. وقال المتحدث باسم المنظمة، جول ميلمان، للصحافيين في جنيف: «هذا مبعث قلق للمنظمة الدولية للهجرة، لأنه سيترك مئات الآلاف من دون طريق مختصرة للخروج من منطقة القتال». وتركزت المعارك داخل المدينة حتى الآن في الأحياء الشرقية، حيث توغلت قوات مكافحة الإرهاب والجيش في وقت سابق من الشهر الجاري. وأبدى «داعش» مقاومة شرسة للدفاع عن آخر معاقله في العراق. وتتقدم قوات مكافحة الإرهاب العراقية، التي دربتها القوات الأميركية في شرق الموصل، آخر مدينة كبيرة يسيطر عليها التنظيم المتشدد في العراق، في حين تحاصر وحدات من الجيش والشرطة، ومقاتلون شيعة وأكراد المدينة من الغرب والجنوب والشمال. في السياق، ارتفع عدد النازحين من الموصل بشكل ملحوظ خلال الأسبوع الماضي، مع توغل القوات العراقية إلى عمق المدينة المكتظة. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في بيان، إن «هناك 68 ألفاً و550 مشرداً حالياً بحاجة إلى مساعدة إنسانية». وأوضح أن الاستجابة الإنسانية للهجوم الذي بدأ في 17 أكتوبر الماضي، ازدادت وتعقدت، في ظل الاحتياجات المتنوعة لفئات مختلفة من المدنيين. وأضاف أن «الاحتياجات الإنسانية كبيرة بين العائلات النازحة داخل المخيمات وخارجها، وبين السكان الذين يعانون وضعاً صعباً في المناطق التي تمت استعادتها، بالإضافة إلى الأشخاص الفارين من القتال العنيف في مدينة الموصل». وفي بودابست، قال وزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري، للصحافيين، إن عدد النازحين منذ بدء هجوم الموصل «أقل من المتوقع، ويجب أن نكون قادرين على التعامل بسهولة مع هذا العدد القليل نسبياً». وكانت الأمم المتحدة أشارت بداية الشهر الجاري إلى أنها تسلمت تقارير تفيد بأن مقاتلي «داعش» يرغمون آلاف المدنيين على المجيء إلى الموصل لاستخدامهم على الأرجح كدروع بشرية. وقالت المتحدثة باسم «المجلس النرويجي للاجئين» بيكي بكر عبدالله، لـ«فرانس برس»، إنه «في ظل استمرار تعرض الموصل لهجوم كثيف، لا يوجد حالياً أي طرق آمنة للخروج من المدينة». وأضافت أن «المدنيين يواجهون قراراً صعباً للغاية بين البقاء في منازلهم عالقين على خط النار، أو المخاطرة بحياتهم في محاولة إيجاد وسيلة للخروج من المدينة». من ناحية أخرى، طالب محافظ صلاح الدين، أحمد الجبوري، أمس، رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، والقيادات الأمنية، و«الحشد الشعبي»، بالسماح بعودة آلاف الأسر النازحة إلى مناطقها المحرّرة. وأكد في بيان، أن أغلب المناطق المحررة تتمتع بأمن وأمان، وبنسب عالية جداً قد تصل إلى 100%، وهي مناطق بيجي ومكحول شمالي تكريت والعوجة وأطراف بلد ويثرب جنوب المحافظة ومناطق آمرلي وسليمان بيك في قضاء طوز خورماتو شرق تكريت. ودعا الجبوري قيادات الحشد الشعبي والقوات الأمنية إلى النظر الجاد بمعاناة النازحين، لاسيما ما يعانيه الأطفال من برد الشتاء وفتك الأمراض بهم. وترفض قيادات «الحشد الشعبي» عودة النازحين إلى ديارهم، على الرغم من مرور أكثر من سنتين على طرد عناصر «داعش» منها، وهو ما يفسره الكثيرون بأنه لأسباب طائفية، على الرغم من أن أغلب المدن مدمرة، ولا تصلح للعيش فيها، إلا أن سكانها يريدون العودة لإعمار منازلهم، والتخلص من التهجير القسري والشبهات التي تلاحقهم في المدن التي نزحوا إليها، وهو ما يعرضهم دائماً للمضايقات والاستفسارات من قبل الجهات الأمنية، فيما تتصاعد الاغتيالات ضدهم، خصوصاً في طوزخورماتو شرق تكريت.
مشاركة :