خلص تقرير متخصص إلى أن ضبط الإنفاق الحكومي- خاصة في جانب الإنفاق الرأسمالي - مقروناً مع تحسن الإيرادات غير النفطية، قد يؤدي إلى أن يأتي عجز الموازنة لعامي 2016 و2017 أصغر مما كان مقدّراً، ولكن ضبط الإنفاق سيؤثر سلباً على حجم الاستهلاك ومن ثم نشاط القطاع الخاص، مما يؤدي إلى خفض نمو الناتج الإجمالي للقطاع غير النفطي. كما وسيحقق شروع المملكة في برنامج إصدار سندات دين دولية فائدة مزدوجة؛ حماية الاحتياطيات المالية التي تتمتع بها المملكة حالياً، والتخفيف من الضغط على السيولة المحلية. وأكد التقرير الذي أعدته شركة جدوى للاستثمار أنه ورغم ارتفاع أسعار الطاقة المحلية في نهاية عام 2015، بقي التضخم في مسار متباطئ، ويعود هذا الأمر في اعتقاد الشركة إلى تباطؤ الاستهلاك. كما وبذلت الحكومة العديد من الجهود ـ إلى جانب إصدار سندات الدين الدولية، قادت إلى وقف الارتفاع المستمر في تكلفة التمويل، وتمثل ذلك في الاستقرار الذي شهده مؤخراً سعر الاقتراض بين البنوك السعودية. وأدى تمتع المملكة بسجل ائتماني قوي واحتياطيات ضخمة، بالتزامن مع معدلات فائدة منخفضة بدرجة نسبية، إلى جعل تكلفة تمويل السندات الصادرة مؤخراً جاذبة، حيث جاءت السندات السعودية أعلى من سندات الخزانة الأمريكية لأجل 5 و10 و30 سنة بفارق 135، 165 و210 نقطة أساس، على التوالي. وكانت عائدات سندات الخزانة الامريكية قد هبطت إلى النصف تقريباً خلال السنوات السبع الماضية، حيث تراجعت العائدات على السندات أجل 5 سنوات من 2,346 بالمئة في أكتوبر 2009 إلى 1,234 في أكتوبر 2016. كما وتعتقد جدوى للاستثمار أن النتيجة التي ستكون أكثر إيجابية للأسعار هي التوصل إلى اتفاق داخل أوبك لخفض الإنتاج بالحد الأقصى (إلى 32,5 مليون برميل في اليوم)، يعقبه التزام صارم من قِبل الدول الأعضاء بعملية الخفض في الشهور التي تلي الاجتماع مباشرة. هذا الاتفاق قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار خام برنت إلى مستوى 60 دولاراً للبرميل، ولكنه سيقود أيضاً إلى انتعاش إنتاج النفط الصخري الأمريكي، وبالفعل زاد عدد منصات الحفر الأمريكية بمستوى يعتبر الأكبر خلال عامين. وهناك مجموعة من القضايا يجب حلها حتى يمكن التوصل إلى أي نوع من الاتفاق داخل أوبك بشأن الخفض، أهمها معالجة قضية الدول التي سيتم استثناؤها من الخفض، في حال كان هناك استثناء، حيث تسعى كل من نيجيريا وليبيا وإيران والعراق إلى الحصول على الاستثناء. ويتمثل التحدي الرئيسي لأوبك خلال الأسابيع القادمة في محاولة استيعاب استثناءات جميع أو بعض تلك الدول المشار إليها. لن يكون لاحتمال ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة خلال الشهور القليلة القادمة تأثير كبير في إضعاف السيولة المحلية، خاصة مع اتخاذ ”ساما“ مؤخراً العديد من الإجراءات لتعزيز السيولة في النظام المالي المحلي، حيث أعلنت في سبتمبر أنها ستطرح سعرا جديدا لإعادة الشراء (الريبو) لأجل 3 شهور وستخفض حجم الإصدار الأسبوعي لأذونات ”ساما“ إلى 3 مليارات ريال، بدلاً عن 9 مليارات ريال سابقاً. يتوقع، خلال الشهور القادمة، أن تتضمن الإجراءات الجديدة من قِبل ”ساما“ تعديل الطريقة التي يحسب بها سعر الاقتراض بين البنوك السعودية (سايبور)، بحيث يعكس بطريقة أفضل بيئة التمويل الفعلية. ويبدو أن تلك التغييرات المشار إليها، إضافة إلى إصدار سندات دين دولية واستئناف الحكومة دفع استحقاقات المقاولين- وفقاً لإعلان رسمي صدر في أكتوبر- قد أسهمت في وقف الارتفاع في تكلفة التمويل، حيث بدأ سعر الاقتراض بين البنوك السعودية (سايبور) في التراجع، كما أن عرض النقود الشامل تحوّل إلى الخانة الإيجابية لأول مرة خلال عام 2016.
مشاركة :