لا تعني مناسبة «يوم الأم» اليوم كثيرا عند بعض الأمهات اللاتي اكتوين بنار الأبناء، فتقدمن بقضايا العقوق للمحاكم وهيئة التحقيق والادعاء العام، في وقت صدرت تعليمات بتشديد وتغليظ العقوبة في قضايا عقوق الوالدين، لكثرتها وخطورتها، كونها من الجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف، فيما كشفت إحصائيات عن رصد 1500 حالة عقوق للوالدين بمختلف المناطق العام الماضي. وتشير المعلومات إلى أن شكاوى عقوق الأمهات أكثر من عقوق الآباء، وأن الأم لا تصل إلى المحاكم لتقديم شكوى ضد فلذة كبدها إلا بعد أن يطفح بها الكيل، كما أن 99% من القضايا التي يحكم فيها على العاق تتراجع فيها الأم فورا وتسامحه وتطلب من المحكمة عدم سجنه. ورغم صدور أحكام في قضايا عقوق الوالدين إلا أن رحمة زرعت في قلوب الأمهات تحد من تطبيق الأحكام حيث تتراجع غالبية الأمهات الشاكيات ويتنازلن عن حقهن في الدعوى بمجرد الحكم بسجن أبنائهن. وثمة تأكيدات أن ما يصل المحاكم وهيئة التحقيق والادعاء العام هي حالات لا تعكس حقيقة الواقع، حيث إن كثيرا من حالات العقوق لا تصل للجهات المختصة خشية الفضائح، اضافة لعدم قدرة أمهات طاعنات في السن من التواصل مع الجهات المختصة، لتبقى بعض الامهات على أمل أن «ينصلح الحال». وهناك قصص مدوية في أروقة القضاء يندى لها الجبين في ملف عقوق الوالدين، شاب يرفع السكين في وجه أمه لتهرب من أمامه وتغلق الباب، وآخر يضرب أمه في الشارع ويتسبب في كسر أحد أسنانها ويحكم عليه بالسجن 5 سنوات مع كسر سنه بالمثل، وآخر عاق يصرخ في وجه أمه السبعينية، وهذا مدمن مخدرات تلفظ أمام والدته بألفاظ تقشعر لها الأبدان. وأصدرت محكمة جدة وحدها العام المنصرم 343 حكما في قضايا إيذاء أو عقوق أحد الوالدين، فيما لا تزال نحو 40 قضية عقوق منظورة يتوقع الانتهاء منها خلال شهر. وعاقبت المحكمة الجزائية في جدة 3 إخوة من عائلة بالسجن والجلد عقب إدانتهم بعقوق والدتهم وحبسها في غرفة وإرهابها وتخويفها بوضع كلب حراسة لمنعها من الخروج بسبب خلافات في تقسيم إرث، ونظرت المحكمة ذاتها قضية قدمتها أم تطلب معاقبة ابنها بتهمة عقوقها وعدم طاعتها وتجاهلها فضلا عن البصق عليها والتلفظ عليها بألفاظ غير لائقة. وقدر عدد حالات عقوق الوالدين التي حققت فيها هيئة التحقيق والاداء العام بأكثر من 1500 قضية خلال العام في مختلف المناطق، منها 1074 في محاكم المملكة، وكشفت المعلومات ان نسبة قضايا عقوق الوالدين الواردة إلى المحاكم كانت النسبة الأعلى فيها بجدة 280 قضية، تليها الرياض 233، مكة المكرمة 117، تبوك 66، فيما بلغت قضايا عقوق الوالدين في المدينة المنورة 60 قضية والطائف 49 وسكاكا 42 والدمام 39 وحائل 36 وخمس مشيط 27 وأبها 18 والأحساء والخبر 15 ونجران 14 والخرج 12 وعرعر 11 قضية. وسجلت محاكم بريدة وجازان 7 قضايا لكل منهما و6 في ينبع، بينما سجلت محاكم الدرعية وعنيزة وصبيا 4 قضايا لكل محكمة، و3 في محكمة أبوعريش، فيما تساوت محاكم الرس والقطيف والخفجي وضمد بواقع قضيتين في كل محكمة، وكانت الجبيل وأبقيق الأقل نسبة في قضايا عقوق الوالدين خلال العام الماضي بواقع قضية لكل منهما.