سجل الميزان التجاري في المغرب عجزاً مالياً للعام التاسع على التوالي، بسبب استمرار وتيرة الواردات بشكل أسرع من الصادرات، على رغم انخفاض أسعار النفط التي كانت تشكل قبل ثلاث سنوات ربع المبادلات الخارجية. وأفاد «مكتب الصرف» (الهيئة المشرفة على التجارة والاحتياط النقدي)، بأن المبادلات الخارجية للسلع قدرت بـ518 بليون درهم (51.3 بليون دولار)، وسجلت عجزاً في الميزان التجاري بلغ 150 بليون درهم (16 بليون دولار) خلال الأشهر الـ10 الأولى من السنة، بزيادة 15.8 في المئة قبل سنة، لتسجل الواردات 333.7 بليون درهم والصادرات 184 بليوناً. وعلى رغم تراجع مشتريات النفط بنحو 21 في المئة إلى 44 بليون درهم، أي أقل من نصف قيمتها قبل سنوات، زادت الواردات من سلع التجهيز والمواد الغذائية 2.5 بليون دولار خلال 10 أشهر، كما واصلت صادرات الفوسفات انخفاضها إلى 33 بليون درهم بسبب تراخي أسعار المواد الأولية وضعف الطلب الخارجي نتيجة ضعف النمو في أسواق الاتحاد الأوروبي. وساعدت مبيعات السيارات وأجزاء الطائرات في تحسين أداء الميزان التجاري وبلغت قيمتها 53 بليون درهم، تليها صادرات المواد الغذائية 38.5 بليون درهم، ثم الملابس الجاهزة بـ29.5 بليون درهم، لكن ذلك لم يمنع من تراجع مُعامل تغطية الصادرات بالواردات من 58.5 إلى55.3 في المئة. وحافظت تحويلات المغتربين على تدفقاتها المالية وزادت 4 في المئة إلى 53 بليون درهم، كما زادت عائدات السياحة بالنسبة ذاتها إلى 55.7 بليون درهم، على رغم المناخ الإقليمي غير المؤاتي. وتوقعت الدوائر السياحية ارتفاع عدد الزوار إلى نحو 11 مليون شخص والإيرادات إلى نحو 8 بلايين دولار نهاية العام الحالي، بعد نجاح قمة الأطراف حول التغيرات المناخية (كوب 22)، التي انعقدت أخيراً في مراكش بمشاركة نحو 40 ألف شخص من 200 دولة، حيث بلغت نسبة الإشغال في الفنادق 100 في المئة. وتراجعت الاستثمارات الخارجية المباشرة نحو 26 في المئة خلال الأشهر الـ10 الأولى من العام الحالي، ولم تتجاوز قيمتها الصافية 19 بليون درهم، أي نصف قيمتها قبل سنوات. وأشار تقرير «مكتب الصرف» إلى أن «التدفقات الاستثمارية واصلت تراجعها منذ العام 2012 وقدرت قيمتها بـ27.7 بليون درهم خلال العام الحالي، وتقل 12.6 في المئة مقارنة بعام 2015، حين تجاوز النمو 4.5 في المئة. ولكن الاستثمارات عموماً تراجعت في العالم 15 في المئة، وفقاً لتقرير «مؤتمر الأمم المتحدة حول التجارة والتعاون» (كنوسيد)، الذي اعتبر أن ضعف النمو في الاقتصاد العالمي وانخفاض أسعار المواد الأولية ومعها الطلب الخارجي على السلع والتجارة الخارجية، إضافة إلى الأوضاع غير المستقرة في عدد من المناطق والضبابية السياسية، تلقي بظلالها على حركة الاستثمارات الدولية وحجمها، والتي قدرت بـ1.7 تريليون دولار، حصلت الدول النامية على 44 في المئة منها، أي نحو 741 بليون دولار، في حين بلغت حصة المغرب 3.6 بليون دولار. ويمكن اعتبار ضعف النمو في الاقتصاد الأوروبي وانخفاض المساعدات الخليجية بسبب تراجع أسعار النفط، من العوامل المباشرة لتقلص التدفقات المالية الخارجية إلى المغرب، الذي ارتفع احتياطه النقدي إلى أكثر من 27 بليون دولار خلال الأشهر الأولى من السنة، مستفيداً من صمود إيرادات السياحة وتحويلات المغتربين، التي بلغت مجتمعة نحو 109 بلايين درهم، تكفي لتغطية ثلثي عجز الميزان التجاري.
مشاركة :