الرئيسة الفرنسية مارين لوبن بقلم: سلام سرحان

  • 11/24/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

الكابوس الأكبر، هو انتخاب زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة مارين لوبن لرئاسة الجمهورية الفرنسية في أبريل المقبل، وهو احتمال مرجح ومخيف لأنها يمكن أن تنقل العنصرية إلى مستويات خطيرة. العربسلام سرحان [نُشرفي2016/11/24، العدد: 10465، ص(8)] لا يمكن لأحد أن ينظر إلى النصف الملآن والنصف الفارغ من الكأس في وقت واحد، ولهذا ينبغي التحذير من أنني سأنظر إلى النصف الفارغ من “الربيع الغربي” الذي سيكون أقسى على العالم من الخريف العربي. شرارة الخريف المقبل تفجرت في صدمة البريكست البريطاني، التي أشعلت شرارة تمرد الهامشيين وحرفت قطار التاريخ عن مساره، لتوقف زخما سياسيا واقتصاديا عالميـا يمتد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. البريطانيون الذين صوتوا للانفصال عن الاتحاد الأوروبي نفذوا عملية “انتحارية” ضد مصالحهم وعموم الاقتصاد البريطاني والأوروبي والعالمي، وقد تؤدي إلى نهاية المملكة المتحدة بانفصال اسكتلندا وإيرلندا الشمالية. تلك الشرارة امتدت إلى الولايات المتحدة الأميركية، وحدث البريكست الأكبر بانتخاب دونالد تـرامب مستندا إلى الجموع الانعزالية والعنصرية التي صـدقت أوهاما غير واقعية، لا يمكن تحقيقها، لولا البريكست البريطاني. كرة الثلج كبرت عشرة أضعاف على حد تعبير دونالد ترامب، وربما أكثر، وأصبح أنصارها يحلمون بـ”ربيع أوروبي” يقلب طاولة المؤسسات الحكومية والسياسية في جميع البلدان الغربية. كانت فرصة إيقاف كرة البريكست البريطانية ممكنة لو فازت هيلاري كلينتون، لكن يبدو أن فرصة إيقافها قد ضاعت، ومن شبه المؤكد أن أوهام الغاضبين والهامشيين ستتضاعف في بلدان غربية كثيرة. أقرب الكوابيس المقبلة الآن هو وصول الزعيم اليميني المتطرف نوبرت هوفر إلى رئاسة النمسا في انتخابات 4 ديسمبر المقبل، لكنه لن يكون أسوأ الكوابيس. بعد ذاك سنصحو على كابوس أكبر، وهو انتخاب زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة مارين لوبن لرئاسة الجمهورية الفرنسية في أبريل المقبل، وهو احتمال مرجح ومخيف لأنها يمكن أن تنقل العنصرية إلى مستويات خطيرة. بعد ذلك قد تزداد الكوابيس رعبا وتتساقط أحجار الدومينو واحدا تلو الآخر، ليصل حزب البديل القائم أساسا على معاداة المسلمين والأجانب إلى الحكم في ألمانيا، ويعيد شبح النازية المخيف. وستصل بعد ذلك أحزاب يمينية متطرفة إلى الحكم في هولندا والدنمارك والنمسا، وعدد آخر من البلدان الأوروبية. الحديث عن انقسام المجتمع البريطاني والأميركي بدرجة لم يسبق لها مثيل منذ الحـرب العالمية الثـانية، لم يعد كلام ليبراليين متطرفين، بل أصبح حديث الشارع العام. بل إن الحديث وصل بالفعل إلى أزمة في النظام الديمقراطي الغربي برمته، رغم الإقرار بعدم وجود بديل له. ويشير المتشائمون إلى أن أدولف هتلر وبينيتو موسوليني وصلا إلى السلطة من خلال صناديق الاقتراع. ولم يقف التشاؤم عند ذلك الحد بل وصل إلى الحديث عن تهديد الحضارة الغربية، وهو ما قاله دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي منذ تصويت البـريكست البريطاني. فما الذي يمكن أن يقوله بعد الزلزال الأميركي والسيناريوهات الأوروبية السابقة. الأوهام التي تحلم بها جموع الغاضبين والمتمردين لا يمكن أن تؤدي سوى إلى مضاعفة تذمرهم وغضبهم لتعميم الدمار على الجميع. لا يدرك الغاضبون أن مغادرة الملايين من المهاجرين من بريطانيا أو الولايات المتحدة ستؤدي إلى خلل كبير في النشاط الاقتصادي قد يصل إلى الركود وانهيار أسعار العقارات، وأزمات كثيرة من كل الأنواع يصعب حصرها هنا. أما فرض قيود على التبادل التجاري وزيادة الرسوم الجمركية على السلع المستوردة من الصين مثلا، فسوف يؤديان فقط إلى ارتفاع أسعارها وانفجار التضخم وركود خطير وغير مسبوق في الاقتصاد العالمي. وسيؤدي ارتفاع العداء للأجانب إلى انهيار حركة السياحة، التي أصبحت اليوم من أعمدة النشاط الاقتصادي في العالم. النظام الاقتصادي والمالي العالمي اليوم لا علاقة له بما كان عليه قبل سنوات قليلة. وهو لم يعد يحتمل حتى تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني من 7 بالمئة إلى 6.7 بالمئة رغم أنها نسبة مرتفعة جدا. فكيف إذا انهار الاقتصاد الصيني؟ الحديث عن المهمشين والمنسيين تحت عجلات العولمة، لا يكفي لتبرير ما يحدث، فالحرمان والبطالة وحتى الجوع مظاهر كانت منتشرة على مر التاريخ، في حين أن معدلات الاستهلاك لدى جميع الطبقات وحتى العاطلين عن العمل، تعادل اليوم عشرات أضعاف ما كانت عليه قبل 30 عاما. أوهام الغاضبين تفاقمت بسبب التغير الهائل في وسائل الاتصال وما تعرضه من إغراءات، والشعور بأن أي شخص يمكن أن يصبح مليونيرا بمجرد شـراء تذكرة يانصيب أو الظهور في برنامج لتلفزيون الواقع أو حتى احتلال عناوين الأخبار من خلال فضيحة تستقطب اهتمام الرأي العام. المعضلة أن الدول الغربية لا تملك أي حل واقعي لكبح هذه الموجة العارمة من التمرد والتذمر على المؤسسات الرسمية، وهي لا تملك سوى التفرج على بوادر انهيار لم يسبق له مثيل. ويبدو أن كرة الثلج الخطيرة ستكبر كلما تدحرجت أكثر، ولن تتوقف حتى تصل إلى نهاية المنحدر. حينها سينهض بعض ضحاياها لبلورة قوة اجتماعية كبيرة تحاول استيعاب الدرس القاسي وبدء موجة جديدة من حركة التاريخ. هذه كوابيس النصف الفارغ من الكأس. أما النصف الملآن فله حديث آخر. كاتب عراقي سلام سرحان :: مقالات أخرى لـ سلام سرحان الرئيسة الفرنسية مارين لوبن, 2016/11/24 التلفزيون يبتلع السينما, 2016/11/18 تونس تروج لقمتها الاستثمارية 2020 في لندن, 2016/10/14 المصارف المركزية فقدت أسلحتها وأصبحت تتسابق في اتجاه واحد, 2016/10/10 العنصرية الطائفية المحرك العميق للظواهر الإرهابية, 2016/09/24 أرشيف الكاتب

مشاركة :