قد يقول البعض إن الغرب هو من صنَع الإرهاب في المنطقة، ولكن كانت الوسيلة أبناء من الشعوب العربية والإسلامية التي رسّخت ونفذت هذا الإرهاب. إن المتطلع إلى وضع البلدان العربية وما تشهده من أحداث دامية؛ كالعراق، وسوريا، واليمن، ولبنان، وفلسطين، وما تشهده من قتل وتهجير واستهدافات، وتراكمٍ للأزمات، التي أُلبست لباس الدين الإسلامي الحنيف، الذي أرسى قواعده النبي محمد (عليه الصلاة والسلام)، بركائز عدة كالمحبة، والتسامح، ومحبة الآخرين، وسار على هذه الركائز سلفنا الصالح، إلا أنها أزيلت على أيدي مجاميع وأشخاص تدّعي أنها إسلامية, وأن منهجها على منهج النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الإسلام منهم براء، ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) منهم براء؛ ذلك لأنهم غيروا هذه الأُسس والقواعد، واستبدلوا الخبيث بالطيب، استبدلوا المحبة بالبغضاء، التسامح بالحقد والانتقام، تقبل الآخر بالقتل والتهجير والطائفية. إن المتأسلمين الجدد، من السُنة والشيعة على حدٍ سواء لا نفرق بين أحدٍ منهم؛ لأن التطرف الذي لبسه بعض السُنة بغض النظر عن مسبباته ومعطياته، كانت نتيجته جماعات إرهابية متطرفة تذبح وتهجّر وتعتقل باسم الاسلام السُّني. وفي المقابل، التطرف والغلو اللذان انتهجهما البعض من الشيعة، بغض النظر عن أسبابه ودوافعه، كانت نتيجته القتل والتهجير باسم المذهب والطائفة وآل البيت (عليهم السلام)، ونسينا نحن المسلمين أن هناك غرباً ينظر إلى تصرفات أفعال هذا العالم الإسلامي، الذي من المفترض أن يكون القدوة في المحبة والإخاء والتسامح والتعايش السلمي في المجتمع؛ فبدل أن ندعوهم لبلادنا من أجل أن يتأثروا بنا وبإسلامنا، أصبح ملايين المسلمين يهاجرون إليهم، من أجل أن يلوذوا بهم ويحتموا في بلدانهم من القتل والذبح والتهجير الذي يصنعه المتأسلمون بشعوبهم. وعندما نتكلم هكذا قد يستغرب البعض! ويقول هذه ليست أفعال المسلمين وصفاتهم؟ أقول لهم: نعم، هذه ليست أفعال المسلمين، ولكن الغرب يعرف أن بلاد العرب هي بلاد المسلمين، ويسمع أن بلدانهم دول إسلامية، ويشاهد مئات الآلاف من بلاد الغرب ممن أسلموا يتوجهون إلى بلاد المسلمين لأداء فريضة الحج أو العمرة، ولكن اليوم يستغرب الأوروبيون من تصرفات المسلمين. ووصل بنا الحال أن يخرج علينا المسؤول الأوروبي والأجنبي ويقول إن قواعد الإسلام وأخلاق نبي العرب تُطبق في بلداننا نحن الغرب؛ لأننا لم نقتل بعضنا بعضاً! ولم يفجّر بعضنا بيوت بعض! ولم نعدم الآلاف من الشباب الأبرياء في شوارعنا بحجج واهية كاذبة، ولأننا لم نشكل عصابات تحمل أسماء الرموز الدينية والمسميات الإسلامية ويقتل بها بعضنا بعضاً! الغرب أخذ المحبة والتسامح والتعايش السلمي المشترك بين أبناء شعوبهم من الإسلام العظيم، ولكن يبقى السؤال: هل ما يشاهده الغرب اليوم من مشاهد القتل وغيرها، يدعوهم لدخول الإسلام؟ الجواب: أكيد، لا! إذاً لا بد لنا من أن ننقل للغرب صورة جديدة عن الإسلام المعتدل الذي يؤمن بالمحبة والتعايش السلمي بين أطياف الشعب الواحد المختلفة، لا أن يُهجَّر المسيحيون، ويُغتصب الصابئيون، وتُهدد الأقليات باسم الدين والمذهب. ويبقى السؤال: هل سيقبل الغرب الدخول في الإسلام بعد هذه الأحداث التي تمر بالمسلمين، أم سنشهد خروجاً ممنهجاً ومبرمجاً من الإسلام بسبب هذا التشدد والغلو والتطرف الذي يمارسه بعض المتأسلمين من السنّة والشيعة، لا بد لنا من إظهار رسالة العفو والمغفرة لتصل الصورة واضحةً ساطعةً ببياض المحبة والتسامح. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :