أحمد بهاء شعبان الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري القاهرة: عصام فضل رغم التعقيدات التي تسيطر على المشهد الإقليمي العربي. وما تخوضه المنطقة من حرب على الإرهاب خاصة ضد ما يعرف بتنظيم داعش فإنه سيظل العنوان الأبرز لمواجهة الإرهاب هو البحث عن أسباب انتشار الأفكار المتطرفة في المجتمعات العربية. ولماذا فشلت القوى السياسية المدنية وخاصة اليسار في مواجهة هذه الأفكار؟ وهل أدى فشل اليسار العربي وتراجع دوره إلى انتشار الأفكار المتطرفة؟ وهل يمكن لليسار أن يستعيد عافيته مرة أخرى أم أنه خرج من المعادلة السياسية؟ أسئلة كثيرة يجيب عليها الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري أحمد بهاء شعبان في مقابلة مع «المجلة». * هل يمكننا القول إن فشل اليسار العربي في مواجهة الأفكار المتطرفة أدى إلى ظهور «داعش»؟ نعم. يمكننا القول إن اليسار فشل في القيام بدوره التنويري مما أدى لانتشار الأفكار المتطرفة وتصاعد دور الجماعات الإرهابية وصولا إلى ظهور ما يسمى «داعش». لكن الموضوع خليط من الفشل وعدم وجود الظروف الموضوعية للقيام بالدور التنويري المأمول. فاليسار ليس لديه إمكانيات مادية. في حين أن التنظيمات الدينية المتطرفة لديها إمكانيات مادية كبيرة. لكن هذا لا يعفي اليسار من تحمل مسؤولية الفشل. * هل المواجهات الدائمة بين اليسار والدولة أدت إلى عدم الاهتمام بالخصم الرئيسي وهو التيارات المتطرفة؟ نظريا اليسار خصم رئيسي للتطرف الفكري الديني. لأن التطرف الديني عنصري ومعادٍ للعقل والمنطق. وهو ما يتناقض مع اليسار وأفكاره التقدمية. ولو كانت الظروف طبيعية وعادية كان يمكن لليسار أن يلعب دورا مهما في توعية المجتمع وتقوية أفكاره ومواجهة الأفكار المتطرفة. لكن اليسار العربي تعرض منذ نشأة الدولة الوطنية للملاحقة حيث تعاملت معه الدولة الوطنية كعدو يجب التصدي له. خاصة عندما جاءت بعض الفرص التاريخية التي كان يمكن خلالها لليسار أن يكون فاعلا. وهذا هو حال أحزاب اليسار في معظم الدول العربية. فالحزب الشيوعي العراقي كان من أقوى الأحزاب الشيوعية. لكنه اصطدم مع النظام البعثي. وكذلك الحزب الشيوعي في سوريا. وأيضا اليسار المصري تعرض للملاحقة التي وصلت ذروتها مع بداية حكم الرئيس الراحل أنور السادات. * لماذا تراجعت شعبية اليسار المصري لدى الجماهير؟ أحد أهم الأسباب أن نظما عربية تحالفت مع التيار الديني لمواجهة اليسار. بل إن هذه الأنظمة نفسها كانت ترفع شعارات دينية للمتاجرة بمشاعر الجماهير. وما حدث عقب وصول السادات للحكم وتحالفه مع التيارات الدينية. ثم سياسة الانفتاح التي دمرت الفئات الحاملة للفكر اليساري، من عمال وفلاحين. وتم تفكيك المصانع وبيعها. وموجات الهجرة الواسعة التي شهدها المجتمع المصري في هذه الفترة.. أدى كل ذلك إلى تراجع شعبية اليسار وقيام الجماعات الدينية المتطرفة بملء الفراغ الذي تركته الدولة. * لماذا فشل اليسار في مصر وتونس – كنموذجين – في تقديم رؤية مختلفة تقود الجماهير خلال الثورة؟ في مصر وتونس لعب اليسار دورا كبيرا في الثورة. وكذلك في الجهود التي مهدت لهذه الثورة. ففي مصر على سبيل المثال كانت حركة كفاية التي تأسست عام 2004 أول من كسر حاجز الخوف ونقلت المظاهرات والاحتجاجات من سلالم نقابتي الصحافيين والمحامين إلى الشارع. وكان لشباب اليسار دور بارز في تحضيرات الثورة أو خلال أحداثها. لكن للأسف بسبب الضعف التنظيمي لليسار ومحدودية إمكانياته المادية لم يتمكن من المساعدة على تطوير الثورة ودفع مسارها إلى الأمام. * ما الذي يحتاجه اليسار للخروج من أزمته؟ يحتاج اليسار العربي إلى بناء نفسه تنظيميا حتى يستطيع أن يكون فاعلا. كما يحتاج إلى التفكير في أدوات جديدة للعمل غير تلك التي لم تعد صالحة لهذا الظرف التاريخي. وأيضا لا بد من تجديد خطاب اليسار. فما زال الخطاب «خشبيا جافا» يستخدم مصطلحات قديمة غير مفهومة لمعظم الناس. وهو خطاب ثابت في عالم متغير. ويجب أيضا على اليسار أن ينفتح على الأجيال الجديدة لأنهم مستقبل التغيير.
مشاركة :