على وقع «اشتعال» أسعار السكر في السوق المصرية، يبدو أن مصانع ومتاجر الحلوى لم تجد حلاً لمعالجة غلاء المادة الأساسية لمنتجاتها سوى زيادة الأسعار. هذه الأزمة والارتفاعات القياسية بالأسعار، هزت الأسواق في موسم «حلوى المولد النبوي»، وهي مناسبة سنوية تروج خلالها صناعة أنواع معينة من الحلوى. وتواجه صناعة الحلويات ومنتجاتها تحدياً كبيراً، وخصوصاً البسكويت، بعد القرار المفاجئ للحكومة، برفع سعر السكر للقطاع الصناعي إلى 10 آلاف جنيه للطن، بدلاً من 7000 جنيه للطن، مقارنة بنحو 4 آلاف ونصف خلال الشهر الماضي. وقال خبراء لـ «الراي» إن أسعار الحلويات والمنتجات التي تعتمد على السكر كمادة خام سترتفع بنحو 43 في المئة، نتيجة هذه الزيادة، فضلاً عن صعوبة التصدير، لفقدان الثقة من جانب المستوردين لعدم استقرار الأسعار. من جهتها، كشفت الشركة القابضة للصناعات الغذائية، أنها اضطرت إلى رفع أسعار السكر، نظراً لاستمرار زيادة الأسعار العالمية، موضحة أن الشركة تطرح 100 ألف طن سكر شهرياً، منها 50 ألف طن للقطاع الصناعي. من ناحيته، أشار عضو مجلس إدارة جمعية مستثمري العاشر من رمضان، وصاحب مصانع «الشنواني» للحلويات عادل الشنواني، إلى أن هذا القرار وقع على المصانع كالصاعقة، وأن المصانع فوجئت يوم الأربعاء الماضي بهذا الارتفاع عند الحصول على طلبياتها، مضيفاً أن الحكومة رفعت السعر بحجة زيادة سعر السكر في البورصات العالمية، ووصوله إلى مستويات 600 دولار. وتساءل «هل لو تراجع سعر السكر في البورصة العالمية، ستخفض الحكومة سعر الطن مرة أخرى للمصانع؟»، موضحاً في الوقت نفسه أن «الحكومة عندما ترفع السعر لا تقوم بتخفيضه مرة أخرى». وتابع «نحن لا نعترض على رفع سعر توريد السكر للمصانع، ولكن طالما أن الحكومة تتعامل بسعر البورصة العالمية، فيجب أن تتعامل به مع المصانع في الصعود والهبوط، فمثلاً لو تراجع سعر السكر في البورصة العالمية إلى 400 دولار، ستغير الحكومة الأسعار أم ستظل مرتفعة، ومن سيعوض المصانع في ظل هذه التذبذات؟». وأوضح أن أسعار المنتجات سواء الحلويات بمختلف أنواعها أو البسكويت وغيرها ممن تعتمد على السكر، سترتفع بعد هذا القرار، بنحو 43 في المئة، وهي نسبة الزيادة في سعر الطن، كما أن أصحاب المصانع في حالة ارتباك، لضرورة ارتفاع أسعار بسكويت المدارس، ولا ندري كيف تتخذ الحكومة قرارات، دون دراسة عواقبها؟ وأشار إلى أنه ليس من المعقول أن يتم تغيير سعر التكلفة في أوقات قصيرة للغاية، بسبب عدم استقرار الأسعار الحكومية التي تتعامل بها المصانع، مؤكداً أن مصانع الحلويات غيرت سعر التكلفة مرتين خلال أيام، وهذا يؤثر سلباً على المصانع، ويسبب فقدان الثقة بالأسواق ومن قبل التجار، ولكنها مضطرة حتى لا تعمل بخسارة. أما عضو المجلس التصديري للصناعات الغذائية، هاني برزي، فقد رأى أن ارتفاع سعر السكر 10 جنيهات للكيلو في القطاع الصناعي يهدد استثمارات قطاع الصناعات الغذائية، موضحاً أن 7 جنيهات للكيلو سعر عادل بالنسبة للسكر المنتج محلياً من القصب والبنجر، وكذلك للسكر الخام عند استيراده، وأن السعر قبل الزيادة بنحو 5 جنيهات للكيلو كان منخفضاً للغاية. وأضاف لـ «الراي» أن الدولة كانت محقة في الزيادة إلى 7 جنيهات للكيلو بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج والاستيراد على المصانع والشركات، لكن الزيادة التالية لتصل 10 جنيهات للكيلو مبالغ فيها، مردفاً أن «زيادة الأسعار بهذا الشكل سترفع تكاليف الإنتاج باختلاف الاحتياجات، والشركات لن تستطيع تحديد نسبتها، لاختلاف نسب الاستخدام من منتج لآخر، لكنه سيزيد أعباء الشركات فى كل الأحوال». في المقابل، قال رئيس لجنة الصناعات الغذائية بجمعية مستثمري العاشر من رمضان، السيد بسيوني، إن مصر لديها مخزون استراتيجي من السكر يكفيها 6 أشهر، واحتياجاتها السنوية نحو 3 ملايين طن، وجميع الشركات سواء القابضة التابعة للحكومة أو القطاع الخاص تنتج نحو 2.4 مليون طن، أي هناك فجوة تمثل نحو 600 ألف طن، يتم استيرادهم من الخارج. وأكد أن هناك بعداً قومياً يجب أن تنظر إليه الدولة في أزمة السكر، متعلقاً بالعمالة في مصانع البسكويت والحلويات، إذ إن 60 في المئة من المادة الخام في هذه المصانع يعتمد على السكر، وفي ظل عدم توافر الكميات التي تحتاجها الخطوط الإنتاجية في المصانع، فهذا أمر يُنذر بتوقف العمالة، منوهاً بأن البعد القومي الآخر، هو ضرورة إلزام الحكومة، بتسليم السكر بالسعر الرسمي للمصانع التي تنتج البسكويت الشعبي، لأن أطفال القرى والنجوع، يشترون البسكويت الذي يبلغ سعره 25 قرشاً ونصف جنيه، ومن ثم يجب على المستثمرين، الحفاظ على هذه الأسعار للأطفال في القرى. وأفاد بأن «التعامل مع هذه المصانع بالأسعار المرتفعة للسكر حالياً، سيؤدي إلى مضاعفة أسعار البسكويت الرخيص، وبالتالي التأثير على تغذية الأطفال الفقراء، لأنه قد يمتنع البعض عن شراء البسكويت، أو قد يشترى عبوة واحدة فقط، لافتاً إلى أن أطفال مصر مهددون بسبب أزمة السكر الحالية، مطالباً بضرورة ترشيد الاستهلاك خلال الوقت الحالي للخروج من الأزمة.
مشاركة :