«عوماس»... خذوا الحكمة من أفواه المجانين! - مسرح

  • 11/25/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

قضايا اجتماعية وسياسية شائكة، تلامس الواقع الكويتي الذي نعيشه الآن، حملها في ثناياه العرض المسرحي «عوماس» لفرقة «باك ستيج» لمحمد الحملي، والذي دشن مساء أول من أمس عروض مهرجان أيام المسرح للشباب في دورته الحادية عشرة على مسرح الدسمة. القضايا تحاكي ما يجري في هذه المرحلة بالتحديد، لاسيما وأن البلاد تشهد عرساً ديموقراطيا ومنافسة ساخنة في الانتخابات البرلمانية... وكأن الصدفة انحازت لأفكار المؤلف الشاب عثمان الشطي، الذي عبّر من خلال هذا النص عن رؤى وتطلعات كل شرائح المجتمع الكويتي في هذه المرحلة المهمة من تاريخ البلاد، ضارباً على أوتار الوحدة الوطنية، ومشدداً على الألفة والمحبة بين أبناء الشعب بكافة أطيافه ومذاهبه، ليقف الجميع وقفة رجل واحد لمواجهة الخطر الآتي من حيث لا يعلمون. المسرحية من تأليف عثمان الشطي وإخراج عبدالعزيز التركي، في حين تشارك في بطولتها كل من ثامر الشعيبي، محمد الشطي، مشعل الفرحان، سعاد الحسيني، نوف جواد وسعد العوض، يعقوب حيات وعبدالعزيز السعدون. تدور الأحداث حول شعب خائف من الخطر الذي يحدق به، وأصبح لزاماً عليه إما المواجهة بكل حزم، أو الخنوع والاستسلام لقدره. فالكثير من الأمور إذا عرفنا كيف نتعامل معها، ومواجهة الحقيقة، فسوف نتمكن من معايشتها أو على الأقل معرفة ما قد نواجهه بسببها. ولعل مباشرة النص سهلت الكثير للمخرج عبدالعزيز التركي بتقديم رؤيته الاخراجية، من خلال ديكور تراثي جميل ومناسب للقصة التي تتحدث عن أبناء «فريج» الذين يعيشون مع بعضهم البعض، وهناك من بينهم رجل «مجنون» ينصحهم بأن الآتي من الأيام لا يتحملونه، ولكن لم يأخذوا أهل «الفريج» كلامه على محمل الجد، واعتبروه ضرباً من الجنون، متجاهلين المثل القائل «خذوا الحكمة من أفواه المجانين»، حتى حدث ما لم يكن في الحسبان، وانتشر مرض يشبه الطاعون في «الفريج» لا علاج له، لتتصاعد المشاكل بين أهالي «الفريج» وتنقلب حالهم إلى الأسوأ. نجح المؤلف الشطي في سرد الأحداث بصورة مباشرة، كما تجلت لمسات مؤسس فرقة «باك ستيج» الفنان محمد الحملي على السينوغرافيا، التي جاءت معبّرة عن المرحلة الزمنية التي تناولتها الأحداث، خصوصاً في فترة البحر والغوص على الرغم من حرص الكاتب على عدم الإشارة وتحديد المكان والزمان، لكن الإشارات التي جاءت على لسان الممثلين حملت إسقاطات واضحة يمكن أن نعتبرها مستوحاة من مجتمعنا، خصوصاً عندما حاول الشعب اللجوء إلى العزلة بعدما سمع أفراده بوجود خطر «الطاعون» يحدق بهم، فأرادوا الهروب وعدم المواجهة... فهم مثلما ذكر المخرج في كلمته: «مرض الإنسان الطبيعي بأنه يعلم الحقيقة ويمتلكها، ولكن ينحرف عنها». أما الأزياء التي صممتها رابعة اليوسف، فلم تشر من خلالها إلى زمان ومكان، فظهرت مبهمة لا تنتمي إلى حقبة معينة، ما جعلها تسير على الوتيرة نفسها التي اختارها المؤلف، في حين تماشت الموسيقى بشكل سليم مع العرض، فلم يلجأ إليها المخرج بشكل عشوائي، إنما تم توظيفها بشكل رائع وجاءت معبّرة بحسب الفعل فوق الخشبة. ندوة تطبيقية أعقبت العرض ندوة تطبيقية، في قاعة الندوات، أدارتها المذيعة إسراء جوهر، وشارك فيها مخرج العرض عبدالعزيز التركي والمؤلف عثمان الشطي، وكان معقبها الرئيسي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للفنون المسرحية بقسم النقد الدكتور محمد زعيمه الذي شكر فريق العمل على هذا العرض، «الذي حمل الكثير من القضايا الحساسة، ولكن كانت بحاجة لانتظام»، موضحاً أنه «لو كان التركيز على قضية واحدة لكان مفعول هذا العرض أقوى على الجمهور، خصوصاً أن معظم المشاركين فيه من طلبة المعهد المسرحي، وهذا أمر نفتخر به». من جهته، قال الناقد عبدالمحسن الشمري: «إن الحماسة أفقدت بعض الممثلين عن شخصياتهم الفنية»، بينما امتدح المخرج العراقي رسول الصغير المخرج عبدالعزيز التركي لسيطرته على 27 ممثلاً على الخشبة، وهذا أمر يحسب له، مؤكداً على أن العمل كان فرجة بصرية. من جهته، تمنى الدكتور طارق جمال «لو كان النص يحمل قضية واحدة حتى يتمكن من توصيلها المخرج بشكل كبير، بدلاً من هذه الزحمة التي شتتت بعض عقول الجمهور». ومن ثم شكر مؤلف المسرحية عثمان الشطي المخرج عبدالعزيز التركي والممثلين على أدائهم الجميل، لافتاً إلى أن لديه قاعدة يسيرعليها، وهي أن المخرج هو مؤلف آخر للنص يبني رؤيته حسب ما يرى من دون تدخل منه. من زاويته، شكر المخرج عبدالعزيز التركي فرقة «باك ستيج» على ثقتهم لتقديم هذه المسرحية في مهرجان أيام المسرح للشباب، حيث أنه قدم رؤيته الإخراجية على خشبة المسرح وللجمهور الحق في وجهات نظرهم «سواء أعجبتهم رؤيتي الإخراجية أم لا»، مؤكداً أن جميع الملاحظات سيأخذها بعين الاعتبار.

مشاركة :