أمرت الصين سكان منطقة "شينجيانغ" الحدودية الغربية بتسليم جوازات السفر الخاصة بهم، ما يشكل أحدث خطوة في سلسلة من التحركات التعسفية في المنطقة المضطربة التي تؤوي 11 مليون مواطن من الأقلية المسلمة. ويعني القرار أنه يتوجب على مواطني منطقة شينجيانغ، وهي منطقة غنية بالنفط ومنقسمة عرقياً تبلغ مساحتها 6 أضعاف مساحة المملكة المتحدة، أن يسلموا مستنداتهم للشرطة وأن يتقدموا بطلب لاستعادتها مرة أخرى إن أرادوا السفر، حسبما نشرت صحيفة "غلوبال تايمز" الحكومية الخميس 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وأوضحت الصحيفة أن الغرض من تلك الخطوة هو "حفظ النظام الاجتماعي"، وفق ما ذكرت صحيفة بوليسي. فيما يواجه شعب الأويغور-وهم مسلمون مرتبطون بتركيا لغوياً وثقافياً ويبلغ تعدادهم ما يقرب من نصف التعداد السكاني لمنطقة شينجيانغ البالغ عدد سكانها 23 مليون نسمة- تزايداً في القيود على السفر والملابس وممارسة الشعائر الدينية خلال السنوات الأخيرة؛ إذ تفرض السلطات قيوداً مشددة على المظاهر الرمزية للإسلام مثل اللحية والنقاب، كما يُحظر على الموظفين الحكوميين، البالغ عددهم 800 ألف موظف، المشاركة في الأنشطة الدينية. المواطنون غاضبون وقد استُقبل الإعلان عن قرار تسليم جوازات السفر بالغضب والارتياع من جانب مستخدمي الإنترنت الصينيين، الذين اشتكوا من أنهم سيكونون في حاجة إلى التقدم بكمية غير عادية من المعلومات الشخصية ووثائق السفر لكي يستعيدوا جوازات السفر الخاصة بهم مرة أخرى. كما استقبل بعض سكان شينجيانغ الذين يعملون في مناطق أخرى بالصين مكالمات هاتفية تخبرهم بأن يعودوا إلى ديارهم ليسلموا جوازات السفر. كتب أحد مستخدمي موقع Weibo الصيني للتغريدات "ما الذي يجري في شينجيانغ؟ هل يتمتع الناس هنا بحقوق الإنسان أم لا؟ ألا يمكن للحكومة أن تتركنا نعيش حياة أسهل؟ إنني أشعر بالغضب الشديد". "سياسات استعمارية في وطننا ويعارض كثير من شعب الأويغور الذين يعيشون في شينجيانغ الحكم الصيني وما يرونه سياسات استعمارية في وطنهم، فيما انتشرت موجات من التمرد العنيف في مناسبات متقطعة على مدى الأعوام الماضية، وفي الوقت نفسه لجأ مئات المواطنين من شعب الأويغور إلى معسكرات تهريب البشر الموجودة في جنوب شرقي آسيا، أو بجوازات سفر مزيفة في تركيا. لوم بكين تلقي بكين باللوم على عاتق شعب الأويغور لتزايد الانجذاب نحو الإسلام الراديكالي بينهم، والذي تسبب في سلسلة من الهجمات المميتة خلال السنوات الأخيرة. وفي المقابل، يُحمّل شعب الأويغور الصين الخطأ نتيجة حكمها القمعي والمشاكل الأخرى، مثل الاستيلاء على الأراضي دون تعويض أصحابها، وهو ما تسبب في تلك الحالة من الاضطراب. قالت قوات أمن الدولة في قرغيزستان إن الميليشيات المسلحة من الأويغور، التي تتخذ من سوريا قاعدة لها، كانت السبب في التفجير الانتحاري الذي ضرب السفارة الصينية في العاصمة القرغيزستانية "بيشكك" في سبتمبر/أيلول الماضي. حملة مكافحة الفساد تضر الخصوم السياسيين على صعيد آخر خارج شينجيانغ، امتدت حملة مكافحة الفساد الصينية لتطال ملايين من المواطنين العاديين، وهو ما تسبب في فرض قيود على السفر يُعاقَب بها في الغالب المعارضون السياسيون و"المتسببون في المشاكل". وقد أُجبر كثير من الموظفين الحكوميين على تسليم جوازات السفر الخاصة بهم خلال السنوات الماضية؛ إذ إن كثيراً منهم كانوا يسافرون خارج البلاد في نزهات قصيرة أو لكي ينقلوا بعض الأغراض، وهو ما شكّل أكثر صور الفساد الحكومي شيوعاً وإغضاباً للشعب في الصين. على الرغم من أن الصين تصدر جوازات سفر رسمية وشخصية، أُجبر الموظفون في بعض الحالات على تسليم كلا جوازي السفر. صُممت تلك الإجراءات لمنع الفساد الحكومي، إلا أن متطلبات تطبيقها أجبرت بعض الجماعات البعيدة عن هذا النطاق للخضوع للقرار. فقد عبّر معلمو المدارس في مدينة "تشنغدو"، التي تقع جنوب غربي البلد وتشتهر بمؤسساتها التعليمية، عن غضبهم من القرار الداعي لتسليم جوازات السفر الخاصة بهم في مارس/ آذار الماضي. وباعتبارهم موظفين لدى الدولة، يبدو أن بعضهم يأتي تحت تصنيف "المسؤولين". تأثير مخيف على تبادل البعثات الأكاديمية في هذا السياق، كان للقيود التي فرضت على السفر للخارج تأثير مخيف على تبادل البعثات الأكاديمية، ما اضطر أساتذة جامعيين صينيين لأن يلغوا حضورهم بعض المحافل الدولية. ففي بعض الحالات، لا تقتصر القيود على جوازات السفر وحسب؛ بل إنها أيضاً تطال التشريعات الصارمة المتعلقة بالسفر. على سبيل المثال، تُفرض قيود لعدم تجاوز عدد معين من الرحلات الخارجية في العام الواحد. فضلاً عن التشريعات الأخرى التي تقضي بأن الرحلة الدولية ينبغي أن تنتهي خلال 24 ساعة من نهاية النشاط أو الغرض من الزيارة، وهو ما يمنع العلماء الصينيين من حضور مؤتمرين في أي مكان بالخارج في بداية أو نهاية العطلة الأسبوعية. - هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Financial Times البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط .
مشاركة :