الفنانة المصرية الراحلة معالي زايد (1953/2014) متابعة جيدة لحركة التشكيل المصري إلى آخر يوم في حياتها، كما لم تنقطع عن ممارسة الرسم وأقامت لأعمالها معرضا وحيدا قبل وفاتها، وإحياء لذكراها تحتفي أسرتها حاليا بإقامة معرضها الثاني في مركز “محمود مختار الثقافي” في وسط العاصمة المصرية القاهرة. يستمر المعرض الذي افتتحه نقيبا التشكيليين والسينمائيين حتى نهاية شهر نوفمبر الجاري، ويضم أكثر من 30 لوحة مرسومة بخامة الألوان الزيتية، واتسمت أعمال الفنانة المعروضة بالتلخيص الشديد في العناصر والمفردات التي قامت بتوظيفها على سطح العمل، كما غلبت الدرجات القاتمة على المعالجات اللونية لمعظم الأعمال المرسومة، وهي انعكاس على ما يبدو للحالة النفسية التي كانت تمر بها الفنانة الراحلة خلال السنوات الأخيرة من حياتها، وهي الفترة التي انقطعت فيها عن آداء أي أدوار درامية أو سينمائية، وقضت ما يزيد عن العامين حتى وفاتها في عزلة تامة عن الناس، إلاّ من بعض المقربين منها. وعن تلك الفترة في حياة الفنانة الراحلة تقول شقيقتها جي جي زايد “لم تكن معالي زايد ترسم في تلك الفترة بوازع التسلية، فالرسم كان هوايتها المفضلة ومصدر سعادتها، وكانت تمارسه من وقت لآخر كلما سنحت لها الفرصة، وكثيرا ما أبدت رغبتها في التفرغ نهائيا للرسم،غير أن انشغالها بالتمثيل كان يحول دون ذلك”. اللافت في أعمال الفنانة هو تنوع أسلوبها في بناء العمل وكأنها كانت تبحث عن نسق ما يميزها، فهي تنتقل من التناول المباشر للعناصر في اللوحة إلى التجريد في لوحة أخرى، مكتفية بإضافة بقع من اللون على المساحة هنا أو هناك، مرورا بصياغات أخرى تميل إلى الرمزية والتعبيرية في رسمها للوجوه، وهو سلوك من البحث في الأساليب تتسم به البدايات الأولى لتجارب الفنانين. الدرجات القاتمة غلبت على أعمال المعرض، مما يعكس الحالة النفسية التي كانت تمر بها زايد خلال سنواتها الأخيرة وفي ما يخص تجربة معالي زايد فقد كان لانقطاعها وعودتها إلى الرسم بين الحين والآخر السبب في عدم تواصل خيوط التجربة واستقرارها، لكنها رغم ذلك بدت ممتلكة لأدواتها ومدركة لطبيعة الخامة التي ترسم بها. وللفنانة معالي زايد بصمات لا تنسى في مجال السينما والدراما التلفزيونية، فقد كانت فنانة تتمتع ببنية تؤهلها لأداء كافة الأدوار الصعبة، إذ برعت الفنانة في أداء أدوار الإغراء والشر وبنت البلد، واتسمت أدوارها بالتنوع في الأداء، من المرأة القوية المسيطرة في فيلم “السادة الرجال” مع محمود عبدالعزيز، إلى دور الفتاة العمياء المنكسرة في مسلسل “دموع في عيون وقحة”. وهي الزوجة المشاكسة خفيفة الظل في فيلم “الشقة من حق الزوجة”، والابنة المخلصة لذكرى والدها ولوطنها في فيلم “كتيبة إعدام” مع نور الشريف وممدوح عبدالعليم ومن إخراج عاطف الطيب. وقدمت الفنانة عبر مشوارها الفني حوالي 90 فيلما سينمائيا، بالإضافة إلى العشرات من المسلسلات، كما شاركت أيضا في العديد من الأعمال المسرحية. ومن المعروف عن معالي زايد أنها تنتمي إلى أسرة فنية، فوالدتها الفنانة آمال زايد التي قامت بآداء دور أمينة في ثلاثية نجيب محفوظ الشهيرة على شاشة السينما، وخالتها الفنانة جمالات زايد، وكان والدها اللواء عبدالله المنياوي، وهو أحد الضباط الأحرار الذين شاركوا في ثورة يوليو 1952. يذكر أن الفنانة معالي زايد تخرجت في كلية الفنون الجميلة قبل التحاقها بمعهد الفنون المسرحية، وهي ليست الوحيدة بين الفنانين المصريين الذين كانت لهم علاقة بالتشكيل، فهناك العديد من الفنانين المعروفين من خريجي كليات الفنون، ومن أشهر هؤلاء على سبيل المثال الفنانان الراحلان فريد شوقي وكمال الشناوي والفنان عبدالمنعم مدبولي، وكان الأخير أستاذا لقسم الحفر في كلية الفنون التطبيقية. ومن الجيل الحالي تبرز الفنانة علا غانم، وهي من خريجي قسم التصوير في الفنون الجميلة، والمطربان محمد منير وعلي الحجار، والفنان عمرو سعد، وكذلك الفنان بيومي فؤاد الذي لا يزال إلى اليوم يرأس قسم ترميم الأعمال الفنية في وزارة الثقافة المصرية، غير أن الفنانة معالي زايد تعد أكثر هؤلاء الفنانين ارتباطا بالتشكيل ومداومة على ممارسته، وهو ما كان معروفا بين أصدقائها والمقربين منها. :: اقرأ أيضاً الكاتبة العمانية ليلى البلوشي تضيء القصص بكائنات الهامش الكتابة الشعرية مرجل يغلي لا غطاء له ولا يتلاشى بُخاره الذات والتاريخ في الملتقى العربي الأول للرواية بالمغرب أركون الذي أفصح عما سكت عنه الآخرون
مشاركة :