«ذاكرة الظل»...عندما يعيش الإنسان في عباءة آلام الماضي - فنون

  • 11/26/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

الظل لا يُخلق إلا من النور... ويبدو أن مسرحية «ذاكرة في الظل» ستكون أولى الخطوات المضيئة لكل من المؤلفة مريم نصير والمخرج مصطفى محمود في أول تجربة مسرحية لهما في الحياة العملية بعدما تخرجا من المعهد العالي للفنون المسرحية، رغم ما حملته من سلبيات. هذا العرض المسرحي الذي تشارك به فرقة الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب ضمن فعاليات مهرجان أيام المسرح للشباب في دورته الحادية عشرة، تتناول فكرته العامة كيفية عيش الإنسان في عباءة آلام الماضي، وتدور حول طفل عانى في طفولته من عنف أبيه، ما انعكس عليه حين وصل إلى مرحلة الشباب، فتأثرت سلوكياته وأفعاله وأصبح معقداً. فهو لديه نظرة دونية للمرأة، وفي العمل لا يرحم العمال ولا يريد أن يتوقف العمل. لديه إحساس بأن هناك ظلاً خلفه، لكنه في الحقيقة يعيش ذاكرة ظله ولا يوجد خلفه أحد. الأحداث في المسرحية كانت ثرية ومزدحمة للغاية، وقد نجح المخرج في تقسيم المسرح إلى خشبتين، حتى يستطيع إيصال الفكرة عبر خيال الظل و«الفلاش باك»، فقد حول الجزء السفلي لأحداث الماضي وكان يشرح فيها تسلسل الأحداث، والعلوي إلى الحاضر وهو منجم للفحم فيه عمال يتعاملون مع الحياة بتلقائيتهم، إلا أن هذا الشاب الذي عانى في طفولته، سرعان ما يأتي ليتسلط عليهم بسلوكياته. وبالرغم من أن المسرحية حملت في أحداثها بعض الملامح الرومانسية التي كانت تدور في خيال هذا الشاب، إلا أن النص كان أشبه «بالديلوج»، والذي ينتمي غالباً إلى مسرح المونودراما، لكن المخرج استطاع أن يضيف العديد من الشخصيات، من بينها شخصية الطفل، وأن يجعل الفنانة روان المهدي تقدم أكثر من شخصية «الحبيبة»، «العشيقة»، «الأم» و«العاملة». كذلك، كان هناك انضباط في الحركة بين بدر الحلاق وبدر البناي اللذين شكلا الشخصية الرئيسية وظلها، وإن غابت الروح في الحركة المسرحية لهما، فضلاً عن استغلاله لمساحات المسرح وجنباته بوعي وذكاء، ما شكل رؤية بصرية مهمة للمتفرج، ساهمت في البناء الدرامي للعرض، بالإضافة إلى أن الموسيقى كانت موفقة إلى حد كبير. أما الأهم في مسرحية «ذاكرة في الظل»، أنها لا تنتمي إلى زمان أو مكان، وهو ما يعني أن القضية إنسانية وتهم الجميع. لكن الحوارات في بداية العرض كانت إذاعية، فضلاً عن الأخطاء اللغوية التي كانت تعوق بطل العرض. كذلك، سقط إيقاع العرض أكثر من مرة، وهو أمر وارد كون هذه هي التجربة الأولى لكل من المؤلفة والمخرج، لكن يبقى أن العرض حمل جهداً واضحاً وملامح تنبّئ بجيل مسرحي واع ستكون له خطوات مستقبلية متميزة، لا سيما مجموعة الشباب الممثلين الذي أجادوا الكوميديا في التعبير عن همومهم وحياتهم بشكل مقبول، خصوصاً فاضل النصار، عبدالرحمن الفهد، ميثم جبر، فهد الخياط وأحمد الرفاعي، وكان أداء الطفل عبدالمحسن الحداد أكثر من رائع. الجدير بالذكر أن المشرف العام على هذا العرض نصار النصار. الندوة التطبيقية بعد العرض، عقدت الندوة التطبيقية الخاصة بالمسرحية في قاعة الندوات بمسرح الدسمة، وقدمتها الكاتبة فنون الفيلكاوي وضمت كلاً من الدكتور يحيى عبد التواب، الأستاذ في المعهد العالي للفنون المسرحية كمعقب على العرض، بالإضافة إلى المؤلفة مريم نصير والمخرج مصطفى محمود. وقد استهلت الفيلكاوي الندوة مرحبة بالحضور ومثنية على فريق المسرحية. من جانبه، أوضح الدكتور عبدالتواب أن مسرحية «ذاكرة في الظل» هي الذاكرة التي لا يعرف عنها أحد أي شيء، لأنها تعيش في ظل الشخصية التي قدمتها وليست في حاضره، فالصراع الداخلي وتفاصيله التي ظهرت على الخشبة يؤكد أن هذه الخطوة الأولى للمخرج والمؤلفة كانت موفقة للغاية من الناحية العملية بفضل المهرجان، مشيداً بجهود فريق العمل في التدريب والمحاولات التي بذلت من أجل أن تكون هناك لغة عربية صحيحة على المسرح رغم «الهنات». وأضاف عبدالتواب أن العلاقة بين النص والإخراج في هذا العرض تكمن في أشياء كثيرة وتغيرات مهمة وتقديم وتأخير من خلالها استطاع المخرج رغم كل ذلك أن يقنعنا بوجهة نظره في ربطه بين البيئة وذروة الشخصية والعلاقة مع الأرض، إذا ما وضع في الاعتبار أن الأم والطفل لم يكونا موجودين في النص، وإن كانت الأم ظهرت في شكل بسيط، لكن كان ظهورها مقنعاً، فضلاً عن أن المؤلفة استطاعت أن تربط بين الخيال والحوار واللغة الأدبية، لافتاً إلى أن وجود مستويات على خشبة المسرح ساهم في وجود أجواء بالعرض متميزة. من جانبها، قدمت المؤلفة مريم نصيرالشكر لفريق العمل وكل من شارك في النقاش خلال الندوة التطبيقية، وقالت: «سأضع كل النقاط التي أثيرت بعين الاعتبار في التجارب المقبلة ولن أتوقف عن التأليف في المستقبل». كذلك، أشاد المخرج مصطفى محمود بكل من شارك معه وعاونه في هذا العرض وكل من قدم ملاحظات له في الندوة وقال: «القادم سيكون أفضل».

مشاركة :