بعد خمسة أيام ماراثونية من مناقشات مجلس النواب الأردني الثامن عشر لبيان الثقة بحكومة هاني الملقي التي تشكلت منتصف تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حاز الملقي على ثقة مريحة بعد رده على خطابات النواب. وصوّت مجلس النواب الأردني في وقت متقدم من مساء الخميس على الثقة بحكومة الملقي التي جرى تشكيلها بعيداً عن المشاورات النيابية، وقبل انعقاد المجلس الجديد في منتصف الشهر الماضي. وحظيت حكومة الملقي بـ 84 صوتاً، فيما حجب عنها الثقة 40، وامتنع عن التصويت أربعة نواب، وهو ما أشارت إليه تقديرات المراقبين الذي توقعوا «ثقة سهلة» للحكومة الثانية للملقي. وفيما حجب نواب الحركة الإسلامية في البرلمان الأردني الثقة عن الحكومة، فإن نواباً مستقلين تزعموا تيار المعارضة داخل المجلس، وأبرزهم عضوا قائمة «معاً» الليبرالية خالد رمضان وقيس زيادين. ونجح الملقي في عقد صفقات سياسية مع كتل نيابية طيلة أيام مناقشة النواب بيان الثقة بالحكومة، غير أن نواباً أكدوا لـ «الحياة» أنهم حجبوا الثقة عن الحكومة بعيداً عن التزام كتلهم منح الثقة، وهو ما جاء مطابقاً لنتائج التصويت. وكان رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة الذي أدار جلسة الثقة بالحكومة، يتزعم تياراً معتدلاً، كما علمت «الحياة»، حتى لا تتجاوز أرقام الثقة بالحكومة سقف الرقم 80، وحاول أن يعرض صفقة على نواب محسوبين عليه حتى يمتنعوا عن التصويت، وهو ما يصب في مصلحة الحكومة ولا يضر بسمعة مجلس النواب. فالامتناع بموجب الدستور الأردني، لا يحسب لصالح الحاجبين، لكنه لا يخصم من حساب المانحين للثقة، وبالتالي، بحسب فقهاء الدستور، يعطي معنى الحياد في الموقف السياسي، وهو «تعليق الثقة مشروطاً بالتزام الحكومة تنفيذ وعودها». وعلى مدار الأيام الخمسة الماضية، غطت خطابات أعضاء مجلس النواب الأردني مساحات واسعة من النقد الموجه للحكومة، على أن الخطابات تراجعت فيها المساحات السياسية لصالح المطالب الخدمية لمناطق النواب. إلا أن مداخلات نيابية برامجية عوّضت جانباً من الضعف السياسي لأعضاء المجلس، فزعيم تيار «الدولة المدنية» خالد رمضان الذي حجب الثقة عن الحكومة حتى تتبنى نهج شروط الدولة المدنية، ورئيس كتلة «الإصلاح» عبد الله العكايلة التي تضم نواب الحركة الإسلامية الذي حجب الثقة حتى تمتلك الحكومة ناصية الولاية الحكومية، كانا من أبرز مفاصل خطابات الثقة بالحكومة. وعلى رغم الإسهاب في نقد اتفاقية استيراد الغاز عبر شركة إسرائيلية، وتعديلات المناهج الدراسية التي تسببت في احتجاجات واسعة في الشارع الأردني، وأمام تأكيد الملقي مضيّه في القرارات «غير الشعبية» خلال رده على خطابات النواب، إلا أن ذلك لم يؤثر في حجم الثقة، بحسب تقديرات المراقبين. وفي حين انشغلت الصحافة الأردنية والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي بما التقطته عدسات المصورين الصحافيين لبرقيات عدة بين النواب، والتي لم تخل من الطرافة بعد أن طلب أحد النواب، في رسالة خطية، من وزير الداخلية سلامة حماد المعروف بصرامته أن يبتسم كشرط منح الثقة، معلقاً على «كشرته» بأنها «بتقطع الرزق»، فيما التقط مصور صحافي رسالة بين نائبين سيدتين تسأل الأولى فيها الثانية عن مكان لبيع «الملوخية الناشفة». وكان من اللافت، على رغم ذلك، حجب ما يقارب نصف سيدات المجلس الثقة عن الحكومة، فيما دافع الملقي مطولاً عن اتفاقية الغاز الإسرائيلي، قائلاً إنها لا تحتاج إلى موافقة مجلس النواب، وأن الحكومة أبرمت الاتفاقية لسد احتياجات البلاد من الطاقة، مشيراً إلى غياب أي عروض مقدمة من مصادر أخرى. وخلافاً للسائد، قدم هاني الملقي بياناً اعتبره المراقبون الأطول من بين البيانات الوزارية، واستغرق عرضه أكثر من 90 دقيقة، وقوبل بتصفيق حار من النواب عند الانتهاء من تلاوته، في سابقة نيابية غير مألوفة.
مشاركة :