إيمان محمد (أبوظبي) قال الكاتب والمترجم السعودي سعد البازعي إن مصطلح «الحداثة السائلة»، كما يقترحه الكاتب زيغمونت باومان يشرح غموض ما بعد الحداثة، وهو يدلل على ذوبان الحدود بين الكثير من الظواهر القائمة كما نعرفها. وكان أستاذ الأدب الإنجليزي المقارن يتحدث أمس الأول في ندوة مصاحبة لاحتفالية مشروع «كلمة» للترجمة بالـ900 إصدار المقامة حالياً في ياس مول. وناقشت الكاتبة مريم الساعدي معه ترجمته كتاب «الأخلاق في عصر الحداثة السائلة» مع المترجمة بثينة الإبراهيم وصدر عن «كلمة» مؤخراً. واعتبر البازعي أن الحدود بين الدول لم تعد محمية في ظل تدفق الأموال والشركات العابرة للقارات، وتدفق المهاجرين، وشبكات الاتصال الإلكتروني، إذ يقول باومان في الكتاب «كل دولة في العالم هي مجموع من الشتاتات»، وهذا نوع من السيولة التي تتعلق بالهويات التي لم تعد صلبة. وأوضح البازعي أن أطروحة الكتاب تساعدنا في فهم ما بعد الحداثة لنكتشف أننا نعيش في عالم استهلاكي لا يثبت على المفاهيم، فشبكة الاتصالات حلت محل الجماعة، إذ يجمع العالم الافتراضي أناساً لا يعرفون بعضهم، ويشاركون بعضهم الصور الخاصة والآراء الشخصية التي ربما لن يشاركوها مع من يعرفون، وهذا نموذج للسيولة وتغير القيم والأخلاق. وينقسم الكتاب إلى 6 فصول غير مترابطة ولكن مكتوبة بأسلوب البانوراما، إذ يطرح الموضوع من زوايا مختلفة وغير معتادة، مثل نظرته إلى الإبادة النازية لليهود، رغم أنه يهودي ولكنه متهم بمعاداة السامية. ويرى البازعي أن الكاتب يحلل الحداثة السائلة وفق تجربته في أوروبا، فهو بولندي من مواليد 1925 ويعيش في بريطانيا منذ الثمانينيات، ويرصد في الكتاب تحولات مجتمعات أوروبا الغربية التي قد تكون قريبة من طبيعة المجتمعين الأميركي والكندي، لكن العالم اللاتيني والآسيوي والأفريقي لا زال لم يدخل العالم السائل بعد، فهي مناطق لا تزال تعيش بعض القيم، مما قبل الحداثة مثل المرجعية الدينية الراسخة والأخلاق القبلية والطائفية. ولفت أن باومان ليس سعيداً في رصده الظواهر السائلة، خاصة موقف أوروبا غير المضياف من المهاجرين، وقرارات رفض الآخر، ويرى أن عليها أن تكون منفتحة على العالم كما كانت تغزوه سابقاً، في إشارة إلى عدم إعطاء الأخلاق فرصة في عالم السيولة.
مشاركة :