«يوم الشهيد».. يوم الفخر والانتماء

  • 11/27/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

«أقرأ عن وطني» مساحة من المعرفة تخصصها «الإمارات اليوم» لتعريف القرّاء من مختلف الأعمار بدولة الإمارات، من خلال طرح موضوعات ترتبط بالهوية الوطنية، وتاريخ الدولة وثقافتها، وتراثها ولهجتها وإنجازاتها، وكل ما يرتبط بهوية ومكونات الدولة، والشخصية الإماراتية، وهو ما يصبّ في تحقيق أهداف نشر المعرفة والثقافة التي يستند إليها «عام القراءة». بدقيقة صمت ودعاء تُحيي دولة الإمارات العربية المتحدة «يوم الشهيد»، الذي يوافق 30 نوفمبر من كل عام، لتشارك الدولة بكل مؤسساتها وسكانها من مواطنين ومقيمين في تحية شهداء الفداء والواجب، الذين جادت بهم دولة الإمارات في ميادين البطولة، وذلك تنفيذاً للقرار الذي أصدره صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، بأن يكون يوم 30 نوفمبر من كل عام يوماً للشهيد، تخليداً ووفاءً وعرفاناً بتضحيات وعطاء وبذل شهداء الوطن وأبنائه البررة، الذين وهبوا أرواحهم لتظل راية الإمارات خفاقة عالية، وهم يؤدون مهامهم وواجباتهم الوطنية داخل الوطن وخارجه في الميادين المدنية والعسكرية والإنسانية كافة، كما قرر سموّه اعتبار هذه المناسبة الوطنية إجازة رسمية على مستوى الدولة. من أقوال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ «إن تضحيات شهداء وأبطال دولة الإمارات العربية المتحدة ستبقى محفورة في ذاكرتنا عنواناً للفخر والعزة والمنعة، ونماذج مشرفة في البذل والعطاء، ومنارة تضيء درب المستقبل المزدهر لوطننا، وستبقى دروساً عميقة لإلهام الأجيال القادمة بأسمى معاني التضحية والولاء والانتماء للوطن، والحفاظ على أمنه واستقراره وعزة وكرامة شعبه». جاء اختيار «يوم الشهيد» في الإمارات ليتزامن مع تاريخ استشهاد أول جندي إماراتي، وهو سالم سهيل بن خميس، الذي استشهد في 30 نوفمبر عام 1971، عندما استيقظ سكان جزيرة طنب الكبرى على هدير الطائرات العسكرية، وبمجرد اقتراب الغزاة من مركز شرطة الجزيرة بادر سالم بن سهيل، وهو عسكري أول من شرطة رأس الخيمة، وزملاؤه الخمسة بإطلاق النار عليهم، ثم تجمع وزملاؤه حول سارية العلم للذود عن علم الوطن لكي لا ينزله الغزاة عن ساريته، وبقوا مصرّين على ذلك حتى الرمق الأخير، غير آبهين بالغزاة ولا بقوتهم، حتى روى سالم بدمائه الطاهرة تراب وطنه، فسجل التاريخ اسمه بأحرف من نور بعد معركة غير متكافئة على الإطلاق، بحسب ما ورد في كتاب «التسوية القانونية للنزاع الإماراتي - الإيراني على الجزر الثلاث» الصادر عن الأرشيف الوطني، من تأليف عبداللطيف الصيادي، الذي ذكر معلومات مفصلة عن تلك المعركة التي استخدمت فيها إيران قوات برمائية مدعومة بطائرات وحوامات وبوارج بحرية في مواجهة حامية لا يزيد عدد أفرادها على ستة أفراد. وكان الشهيد سالم يحلم منذ طفولته بأن يكون رجل شرطة، وقد تحقق له الحلم حين التحق بمديرية شرطة رأس الخيمة، وهو في الـ16 من عمره، وتميز بكفاءته في حمل السلاح، ثم انضم إلى الجنود الأغرار، وحمل الرقم 190، وعُرف بين زملائه بالانضباط والالتزام بكل الأوامر العسكرية. وعبر تاريخها قدمت دولة الإمارات العديد من الشهداء الذين أقسموا على العمل لرفعة وطنهم والدفاع عنه بالغالي والنفيس، من هؤلاء: الشهيد سيف غباش الذي كان واحداً من أعلام دولة الإمارات العربية المتحدة وشخصياتها البارزة، واستشهد في 25 أكتوبر 1977، وكان يشغل في ذلك الوقت منصب وزير دولة للشؤون الخارجية، وهو يرافق وزير الخارجية السوري، عبدالحليم خدام، إلى مطار أبوظبي لوداعه، وإذ برصاصات غادرة كانت تقصد اغتيال الوزير السوري، إلا أنها أردت سيف غباش شهيداً. أيضاً الشهيد خليفة المبارك الذي أسهم بشكل كبير في تطوير العلاقات الثقافية والدبلوماسية لدولة الإمارات على الصعيد العالمي، إلى أن اغتيل عام 1984 وكان عمره آنذاك 37 عاماً، حيث عُيّن سنة 1980 سفيراً لدولة الإمارات في باريس، ومندوباً دائماً لدولة الإمارات لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) في باريس، وشغل في فترة وجوده سفيراً للدولة في باريس منصب نائب رئيس «معهد العالم العربي» الذي يتخذ من باريس مقراً له، ولعب دوراً رئيساً في تأسيس المعهد الذي منحه وسام «جوقة الشرف» تقديراً لجهوده، وتم اغتيال المبارك أمام منزله في باريس في الثامن من فبراير، عام 1984 وهو متوجه إلى مقر عمله. كذلك قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة، على مدى السنوات الماضية، عدداً من أبنائها الذين ضحوا بأرواحهم الطاهرة من أجل نصرة الوطن ونصرة الحق، في حروب ومواجهات مختلفة خاضتها القوات المسلحة الإماراتية، مثل «حرب لبنان»، عامي 1976 و1977، وحرب «تحرير الكويت» عام 1991م، كما شاركت الإمارات ضمن قوات حفظ السلام «إعادة الأمل» في الصومال عام 1992، وصولاً إلى مشاركتها المشرفة ضمن قوات التحالف العربي في اليمن لمساندة الشرعية. وتقديراً لتضحيات أبناء الوطن، وتجسيداً لمعاني التلاحم بين شعب الإمارات وقيادته؛ أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بإنشاء مكتب في ديوان ولي عهد أبوظبي يعنى بشؤون أسر شهداء الوطن. ويختص المكتب بمتابعة شؤون واحتياجات أسر الشهداء، بالتنسيق مع الجهات الرسمية الأخرى في الدولة، وتقديم الدعم اللازم لأسرة وأبناء الشهيد، وتأمين كل أوجه الرعاية والاهتمام لهم، كما أمر سموه بإنشاء نصب تذكاري للشهداء في مدينة أبوظبي، لتظل ذكرى شهداء الوطن الأبرار وبذلهم وتضحياتهم بأرواحهم الغالية محفورة في صفحات وذاكرة الوطن ووجدان أبناء الإمارات، وحتى تستلهم الأجيال الحاضرة والمقبلة عطاءهم وبذلهم وأعمالهم الجليلة. واعتمد سموه مسمى «واحة الكرامة» لموقع النصب التذكاري، الذي يقع مقابل جامع الشيخ زايد الكبير من ناحية الشرق، ويتضمن مساحات واسعة لإقامة مختلف الفعاليات والمناسبات الوطنية، أما تصميم نصب الشهيد فيشمل ألواحاً معدنية يصل عددها إلى 31 لوحاً معدنياً، تستند إلى بعضها ضمن تصميم يعبر عن معاني القوة والوحدة والتضامن، وهي القيم التي تميز العلاقة المتينة بين قيادة وشعب الإمارات مع جنودها وأبطالها، الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن ونصرة للحق والمظلوم.

مشاركة :