هافانا - اف ب: توفي فيدل كاسترو أبو الثورة الكوبية الذي حكم بلاده بيد من حديد وتحدّى القوة الأمريكية العظمى لأكثر من نصف قرن قبل أن يسلم السلطة لشقيقه راوول، مساء الجمعة في هافانا عن تسعين عاماً. وأعلن راوول كاسترو في بيان تلاه عبر التلفزيون الوطني "توفي القائد الأعلى للثورة الكوبية. ولم يوضح راوول كاسترو أسباب الوفاة لكنه قال إن الجثة ستحرق. وقال "بناءً على رغبة عبر عنها الرفيق فيدل، سيتم حرق جثمانه في الساعات الأولى" أمس. وكان الزعيم الكوبي سلم السلطة في 2006 لشقيقه راوول، المسؤول الثاني في الحزب منذ تأسيسه في 1965، بعد إصابته بالمرض. وفي أبريل 2011 تخلى له عن آخر مسؤولياته الرسميّة بصفته السكرتير الأول للحزب الشيوعي الكوبي. وغاب فيدل تماماً عن الأضواء بين فبراير 2014 وأبريل 2015، ما غذّى حينها شائعات حول حالته الصحيّة. لكن منذ عام ونصف العام ورغم محدودية تنقلاته، عاد لنشر "أفكاره" وإلى استقبال شخصيات وأعيان أجانب في منزله. وفاجأ فيدل كاسترو الجميع بعدم استقباله رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، رغم الصداقة الكبيرة التي ربطته في الماضي بوالده بيار-اليوت ترودو، وذلك رغم أنه كان استقبل عشية وصول رئيس الوزراء الكندي الرئيس الفيتنامي تران داي كوانغ. وتأتي وفاة فيدل كاسترو بعد نحو عامين من الإعلان التاريخي عن التقارب بين كوبا والولايات المتحدة، ليطوي نهائياً صفحة الحرب الباردة التي أوصلت العالم إلى حافة النزاع النووي أثناء أزمة الصواريخ في أكتوبر 1962. ومع وفاة فيدل يجد راوول نفسه للمرة الأولى وحيداً في القيادة وهو الذي كان أكد عند تعيينه أنه سيستشير "القائد الأعلى" في كافة القرارات المهمّة. وبدا راوول (بلغ 85 عاماً في يونيو) منذ عشر سنوات عملية بطيئة لنزع بصمة فيدل على النظام، ترجمت في ابريل باعتماد مؤتمر تاريخي للحزب الشيوعي الكوبي مجموعة من الإجراءات الاقتصادية الهادفة لإنقاذ كوبا من الإفلاس. كما رتب في الخفاء تقارباً تاريخياً مع الولايات المتحدة أعلن في منتصف ديسمبر، ليكشف بذلك عن نزعة برجماتية تناقض مناهضة شقيقه فيدل العميقة للولايات المتحدة. وعرف فيدل كاسترو بمواقفه الصاخبة وخطبه المطوّلة وأيضاً بزيه العسكري الأخضر الزيتوني وسيجاره ولحيته الأسطورية. وكان رمزاً للكفاح ضد "الامبريالية الأمريكية" مع حصيلة رديئة في مجال الحقوق المدنية والحريات. وفيدل كاسترو نجل أحد كبار ملاكي الأراضي من ذوي الأصول الاسبانية، وقد فاجأ حتى أنصاره بتقرّبه من موسكو بعيد توليه الحكم في يناير 1959. وتحدى فيدل كاسترو 11 رئيساً أمريكياً ونجا من مؤامرات لا تحصى لاغتياله بلغت رقماً قياسياً، 638 محاولة بحسب موسوعة جينيس، إضافة إلى محاولة فاشلة لإنزال منفيين كوبيين مدعومين من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي ايه) في خليج الخنازير (جنوب كوبا) في أبريل 1961. وفرض جون كينيدي بعيد ذلك في فبراير 1962 حظراً تجارياً ومالياً على كوبا، لا يزال ساري المفعول حتى الآن ويؤثر بشدّة على اقتصاد كوبا رغم سلسلة من إجراءات التخفيف التي اعتمدتها إدارة الرئيس باراك أوباما. وفي أكتوبر 1962 وقعت أزمة الصواريخ التي تسبب فيها نصب صواريخ نووية سوفياتية في كوبا ما ولد مزايدات وضعت العالم على حافة التهديد الذري. وقررت واشنطن فرض حصار بحري على كوبا، وانتهى الأمر بسحب موسكو صواريخها مقابل وعد أمريكي بعدم غزو كوبا.
مشاركة :