استبعد العاهل المغربي الملك محمد السادس وجود أي ربط مباشر بين جولاته الأفريقية المتكررة ومساعي العودة إلى منظمة الاتحاد الأفريقي.. وقال، في تصريحات صحافية أدلى بها في العاصمة الملغاشية أنتاناناريفو: «أعلم أن الحضور المغربي في أفريقيا، وبشكل خاص الجولة التي أقوم بها حاليا، لا تروق للبعض. ولكن الكل يعترف بأننا لم ننتظر الإعلان عن عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي من أجل العمل والاستثمار في أفريقيا». وأضاف العاهل المغربي: «لقد اتخذت مبادرة القيام بهذه الزيارات، من دون شروط مسبقة. وعاينت بكل بهجة وسرور ردود الأفعال المؤيدة والإيجابية، التي عبرت عنها البلدان المضيفة». وبخصوص العودة المرتقبة للاتحاد الأفريقي، أعلن العاهل المغربي أن «جميع الدول، سواء تعلق الأمر بالأصدقاء القدامى أو الأصدقاء الجدد، لا سيما في شرق أفريقيا، أجمعوا على دعم إعادة اندماج المغرب في الاتحاد الأفريقي». وحول نموذج التعاون الذي يقترحه المغرب على البلدان الأفريقية، قال العاهل المغربي: «في الواقع أتطلع إلى إقامة نموذج للتعاون جنوب - جنوب قوي ومتضامن، بين عدد من بلدان القارة الأفريقية. وكما قلت في خطابي بأبيدجان (كوت ديفوار)، في فبراير (شباط) 2014، إن أفريقيا مطالبة اليوم بأن تضع ثقتها بأفريقيا. وفي إطار تعاون خال من العقد يمكننا جميعا بناء المستقبل». وأشار العاهل المغربي إلى أن المغرب يتوفر على مشاريع في عدد من بلدان أفريقيا. وقال بهذا الخصوص: «نحن نحرص على أن نعطي ونتقاسم من دون أي تعال أو غطرسة، ولا حس استعماريا. وأحث المقاولات المغربية على اللجوء إلى مكاتب الدراسات واليد العاملة المحلية»، مضيفا أنه «من أجل تجسيد هذا النموذج للتعاون الأفريقي على أرض الواقع أحرص على التنقل باستمرار داخل القارة، هذه القارة التي ينتابني بها شعور بالارتياح، وأعرب بشكل خاص عن تقديري لمظاهر الحفاوة واللطف التي يعبر عنها السكان اتجاهي»، مشيرا إلى أن «كل زيارة لأفريقيا تشكل بالنسبة لي مناسبة لربط الصلة من جديد بالساكنة الأفريقية التي أكن لها كل التقدير والاحترام. إنها تعلمني الغنى الحقيقي، ألا وهو غنى القلب. المغرب وأفريقيا كيان واحد، والفصل بينهما يعد اقتلاعا للجذور وخطأ. فخلال الزيارات التي أقوم بها لأفريقيا أو عبر المشاريع التي أقوم بإطلاقها بها، لا يتعلق الأمر البتة بإعطاء دروس، بل في المقابل أقترح أن نقوم بتقاسم تجاربنا». وشدد العاهل المغربي على «أن الرهانات التي يتعين علينا كسبها في أفريقيا هي رهانات كبرى»، مضيفا أن «النساء والرجال والأطفال الذين التقاهم خلال زياراتي يمنحونني القوة من أجل المواصلة، ويشعرونني كلهم بالافتخار بكوني أفريقيا». وعبر العاهل المغربي عن افتخاره بأفريقيته، واعتزازه بوصف «ابن البلد» الذي أطلقه عليه الرئيس الملغاشي، وقال: «أشعر على الدوام باعتزاز متزايد ومتنام بكوني أفريقيا. كما أشعر بتعلق قوي اتجاه هذه القارة». وعن زيارته لمدينة أنتسيرابي التي أقام بها جده الملك الراحل محمد الخامس ووالده الملك الراحل الحسن الثاني خلال منفاهما القسري من المغرب إبان النضال من أجل الاستقلال، قال العاهل المغربي: «لقد كانت الزيارة التي قمت بها يوم الأربعاء مؤثرة للغاية. لقد عاش جدي والأسرة الملكية سنتين بأنتسيرابي. وعلى عكس ما يكون عليه الأمر عادة بالمنفى، احتفظت أسرتي بذكريات رائعة بخصوص هذه الإقامة القسرية، كما احتفظت بأواصر متينة مع مدغشقر، لا سيما مع أنتسيرابي. إنه السبب الذي جعلني أحرص على زيارة المدينة، وأقرر إطلاق مشاريع لفائدة ساكنتها: أسعى لإحداث مركز للتكوين المهني في السياحة والبناء والأشغال العمومية وتشييد مستشفى للأم والطفل، الذي سيؤمن أيضا تكوين الأطر الطبية». ولم تفت العاهل المغربي الإشارة إلى أن المشاريع الاجتماعية التي أطلقها في مدينة أنتسيرابي موجهة لجميع سكان المدينة بكل انتماءاتهم الدينية والإثنية. وقال بهذا الصدد: «أود رفع كل لبس: الشائعات التي تفيد بأن هذه المشاريع لن تعود بالنفع سوى على الطائفة المسلمة لا أساس لها من الصحة. فهذه المشاريع موجهة بطبيعة الحال لمجموع الساكنة»، مشيرا إلى أن «ملك المغرب هو أمير المؤمنين، المؤمنين بجميع الديانات». واستطرد قائلا: «الشعب الملغاشي شعب منفتح، شعب يمتلك قلبا نقيا. وبلدي المغرب لا يقوم البتة بحملة دعوية ولا يسعى قطعا إلى فرض الإسلام. في الدولة المغربية، الإسلام معتدل وسمح».
مشاركة :