مخاطر الديون السيادية

  • 11/27/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

د. أيمن علي تستعد مؤسسات التصنيف الائتماني من الآن لإصدار تصنيفاتها الائتمانية لاقتصادات أغلبية الدول عن الربع الأخير من العام، ومتوسط تصنيفاتها للعام كله وتوقعاتها للعام المقبل. وتبدأ في جمع وتحليل البيانات والأرقام على مدى الشهرين المقبلين لإصدار تقاريرها النهائية، خاصة عن التصنيف السيادي للدول أي تقييم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها فيما يتعلق بالديون السيادية. وعلى أساس تلك التقارير يتحدد وضع الدولة المعنية في سوق الائتمان بحيث يتم إقراضها من السوق على أساس تصنيفها السيادي، سواء اقتراض مباشر أو عبر إصدار سندات دين سيادية. ومنذ بدء انهيار أسعار النفط في صيف 2014، والهزات التي شهدتها الأسواق خلال العامين الأخيرين، تغير التصنيف السيادي لعدد من الدول صاحبة الاقتصادات الرئيسية والصاعدة. وشهدت بداية العام التأثير الأكبر، خاصة على الدول المصدرة للمواد الأولية، إلا أن مؤشرات الربع الثالث من العام تدل على أن الأزمة الناجمة عن هبوط أسعار النفط وصلت لقمتها وبدأ المنحنى يعتدل. وبالفعل بدأت تصدر تقارير عن مؤسسات كبرى تؤكد على هذا التوجه، منها تقرير مراجعة المخاطر السيادية الصادر عن آي إتش إس ماركت (الذراع الاقتصادي لمؤسسة جمع وتحليل المعلومات IHS). وحسب الأرقام الواردة فيه، بلغت معدلات خفض التصنيف السيادي للدول مستويات قياسية حتى الربع الثاني من العام الجاري. وبدأ التراجع في عدد تقديرات الخفض في الربع الثالث من العام يشير إلى أن الفترة الأسوأ ربما انتهت. وحسب التقرير بلغ عدد عمليات خفض التصنيف السيادي 24 مقابل 16 رفع تصنيف سيادي في الفترة من يونيو/حزيران إلى أغسطس/آب. وكان العدد الأكبر لعمليات خفض التصنيف السيادي لقارة إفريقيا، بينما ظلت تركيا ومنغوليا في وضع زيادة مخاطر سيادية مستمرة. ومن ملامح العام المقبل أن مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد تؤثر سلباً على التصنيف السيادي لبريطانيا. أما روسيا والبرازيل فيقدر التقرير أن وضعهما آخذ في التحسن، بما قد يعدل من عمليات تقييم التصنيف الائتماني للاقتصادات الصاعدة في 2017. وبالنسبة للاقتصادات الخليجية، يرى تقرير آي إتش إس أن النمو فيها أفضل من غيرها بشكل واضح، رغم ان ضغوط هبوط أسعار النفط جعلت أغلبية الدول الخليجية تلجأ للاقتراض وإصدار سندات دين سيادية، للمرة الأولى بالنسبة لبعض دول التعاون، ولم تمض أيام على صدور تقرير آي إتش إس ماركت حتى أصدرت مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني تقريرها الفصلي حول مخاطر الديون السيادية في العالم لعام 2017 مشيرة إلى زيادة كبيرة متوقعة في تلك المخاطر. واستند تقرير موديز إلى عدة عوامل تؤدي إلى زيادة المخاطر منها استمرار النمو البطيء ولجوء الحكومات لإجراءات التحفيز المالي مما يزيد من ديون القطاع العام (الحكومي) المرتفعة جدا بالأساس إلى جانب زيادة المخاطر السياسية والجيوسياسية. ورجح التقرير أن تتعرض الاقتصادات الصاعدة لمزيد من خروج رؤوس الأموال أكثر من تدفقها. ومن بين 134 اقتصاداً تضع موديز تصنيفها السيادي، بأن 26 في المئة من تقييمها سلبي، مقارنة مع 17 في المئة العام الماضي. وتلك أكبر نسبة تصنيف سلبي للديون السيادية منذ 2012. أما نسبة الاقتصادات التي تحمل تقدير مستقر فقد انخفضت إلى 65 في المئة من 75 في المئة العام الماضي، فيما هناك 9 في المئة تحمل تقدير تصنيف سيادي إيجابي تقريباً كما العام الماضي (8 في المئة). كذلك أصدرت مؤسسة موديز (وهي واحدة من مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية الكبرى مثل ستاندرد آند بورز وفيتش) تقريراً حول نظرتها لنمو الاقتصاد العالمي، قدرت فيه أن يرتفع معدل النمو العالمي إلى 3 في المئة العام المقبل و2.9 في المئة عام 2018 وذلك من 2.6 في المئة حالياً. ورغم تقدير موديز لاستقرار النظرة لمستقبل الاقتصاد العالمي إلا أنها قدرت زيادة كبيرة في المخاطر على المدى المتوسط، رغم أن تقديراتها تستند إلى نمو جيد للاقتصاد الأمريكي والاقتصادات الصاعدة. وتظل الأعين مركزة على الصين واقتصادها الذي سيحسم ما يحدث له النظرة المستقبلية للاقتصاد العالمي ككل على المدى القصير والمتوسط. وبانتظار ما سيعلن عنه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بشأن سياسته الاقتصادية، وتحديداً ما يتعلق بالصين، تبقى الأسواق في حالة ترقب وغير حاسمة. والواضح من الآن أن سوق العملات ستكون المؤشر الأهم، رغم أن موقف فريق ترامب من السياسة النقدية ليس واضحاً بعد. لكن المخاوف من الشعارات حول السياسة الحمائية واحتمال أن تضر بالتجارة التي ميزت حملة ترامب الانتخابية لم تعد قائمة، خاصة وأن الأرقام الأولية للعام الحالي تشير إلى تراجع التجارة العالمية بالفعل بغض النظر عن عامل ترامب. أما سوق الائتمان، وبالتالي المخاطر المحيطة بالديون السيادية، فلا يبدو أن هناك ما يؤشر على تراجعها تماما، إلا أنها الفقاعة الأكثر غلياناً في الأعوام القليلة الأخيرة ومن الصعب تقدير مدى تأثير انفجارها على الاقتصاد العالمي كله.

مشاركة :