روت (س . ف) لـ عكاظ تجربتها المريرة في أفغانستان التي خرجت إليها برفقة زوجها بداعي الجهاد.. وكيف أنها عادت من هناك لتخلع عباءة التشدد إلى الأبد بقناعة تامة، بعد أن أيقنت أن ما يفعله زوجها مخالف لأمور ديننا الذي يحذرنا من أن نرمي بأنفسنا إلى التهلكة. تقول (س . ف): قبل عدة سنوات اصطحبني زوجي مع طفلي إلى أفغانستان التي قصدها بدعوى الجهاد آنذاك، ولم أتردد في الأمر نظرا لحبي له وثقتي العمياء به، وكان زوجي يحارب مع المجاهدين، فيما أنا أمكث مع ابني في المخيمات حيث أقوم بتطبيب الجرحى والكشف على المرضى، خاصة أن تخصصي الدراسي كان في مجال الطب، كما كنت أطهو الطعام للموجودين في المخيمات النسائية. وتضيف: لا أعلم كيف وافقت على الذهاب إلى أفغانستان، دون موافقة أهلي بل دون علمهم، وكيف كنت أشاهد الموت بعيني مع طفلي اللذين لم يعيشا طفولتهما في أمان ورخاء كما هو حال الأطفال في بلدي، فقد كانت الحياة في المخيمات صعبة جدا وتفتقر الى أهم متطلبات الحياة.. الأمن والاستقرار، فضلا عن انعدام النظافة والكثير من الضروريات، وكنت أتنقل مع زوجي من مخيم لآخر وصوت القنابل والرشاشات يدوي فوق رؤوسنا، فيما مشاهد الجرحى والقتلى تعتصر قلبي وتشعرني بالرعب، وكنت لا أنام الليل بسبب الخوف من أن تأتي قذيفة على المخيم تقتلنا جميعا وتحولنا إلى أشلاء. وتعلمت كيف أقوم بحلب الماعز والبقر حتى أتمكن من إطعام أولادي الحليب، كما تعلمت الحياكة والخياطة حتى أخيط ملابسنا، تعلمت من نسائهم الصبر وحسن التصرف رغم أنهن أميات منعزلات تماما عن عالم النساء، ولا يعلمن شيئا عن الموضة وأدوات التجميل والجينز والـ تي شيرت. وتستطرد: كنت أذهب الى الأنهار لجلب الماء العذب وأقوم بغليه حتى نتمكن من شربه، ورغم كل هذا الحرص أصيب ابني الأكبر -كان عمره في ذلك الوقت ست سنوات- بمرض منتشر هناك بسبب الأجواء الملوثة برائحة الجثث والمرضى والجرحى، ومكث على هذه الحال فترة طويلة قبل أن يتماثل للشفاء، بعدها قررت العودة إلى المملكة، وبعد إلحاح وإصرار استطعت إقناع زوجي المتشدد والمتشبث بالجهاد بضرورة العودة إلى ديارنا لأن ما يفعله بنا لا يقبل به أحد خاصة بعد أن علم والدي بذهابي إلى أفغانستان فخفت من غضبه وأصررت على العودة، عدت إلى المدينة المنورة، حيث اتخذت قراري بالابتعاد عن التشدد، وذلك عن قناعة تامة بعد أن أيقنت أن ما يفعله زوجي مخالف لأمور ديننا وأن الإسلام ينهانا عن رمي أنفسنا في مواطن التهلكة، وأن الأبناء والأسرة أحق بالجهاد والرعاية.
مشاركة :