** قد تشي مفردة «القيصرية» للجيل الناشئ بما يعونه عن أمهاتهم وأخواتهم وربما «أنفسهن» بما تعطيه من دلالات «عُسر الولادة» والحاجة إلى دفع خارجي يتطلبُ عمليةً مقلقةً ومضنيةً وذات امتدادٍ ذاتي مؤطر بغدٍ غير مفتوح، بينما هي لجيلنا ذاكرة مورقة بالجمال تعني الكدَّ والجِدَّ والتخصص؛ فالقيصرية - كما ألفناها - مكانٌ مستقل لنشاط تجاري عام أو مختلط، وفي ذهن صاحبكم ما أُسمي في مدينته: «قيصرية الحريم» التي كانت النساء يبعن فيها ويشتري منها الجميع، وتبيّن له - ببحث سريع - أن مفهومها كما منطوقها موجودان في كل مدن الوطن، بل وخارجه بمسمى: قيسارية أو قيصارية «بالمد والقصر» منتسبًا إلى موروث حضارات سابقة، وأساسه سوق القيصر، ويفترض أن تكون مسقوفة وذات نشاط تجاري مستقر. ** وفي حوار مع الصديق الدكتور عبدالله الكعيد قال: إن هناك مشروعًا يُعتزم تنفيذُه بعد إقراره واسمه: «القيصرية الثقافية» قد يبدأ من الرياض ويمتد ليشمل مناطق الوطن ومحافظاته بسعي دؤوب من الدكتور سعد الراشد ومآزرة منه وأملٍ في أن يجد استجابةً من مجلس منطقة الرياض ودعمٍ من مثقفيها. ** خطوة مهمة لو تمت فستقدم حفزًا للشباب كي يجدوا ما يبتغونه من معارف ومهارات تحت مظلة: الكتاب والوثيقة والمخطوطة والبحث والتسجيل واللوحة والقصيدة، ومعها أو بجانبها المؤلفون والباحثون والشعراء والفنانون وفق ترتيبات مجدولة؛ فكأنها سوقٌ مفتوحة متخصصة بشؤون الثقافة والمثقفين لا تكتفي بالفعل بل تطمح إلى التفاعل. ** تبقى تفاصيل الفكرة لدى أستاذنا الراشد وصديقنا الكعيد غير أن مؤشرات نجاحها سبقتها حين نظّمت أمانة الرياض مشروع «الشارع الثقافي» خلال إجازة منتصف الفصل الأول (وهي إجازة بلون باهتٍ وطعم مرٍ أعاقت سير الحركة التعليمية وأبطأت انتظامها غير أن هذا حديث آخر). ** ولأن شارع التحلية مفتتح فكرة الشوارع الثقافية فإن الطموح إلى تطويره وتعميمه وتنويعه سيتحقق بعد نجاح نسخته الأولى، وقد حرص صاحبكم على زيارته بنفسه مع حفيده «فيصل» ذي العامين فلم يملَّ كلاهما بالرغم من الفارق العمري والمعرفي؛ إذ فيه ما لفت انتباه الكبير والصغير معًا؛ فالشخوص التاريخية والخط العربي والمكتبة المتنقلة والحائط المتاح للكتابة واللوحة المُنشَدةُ والخيمة الشعبية ووسائط الوصل الرقمي ومعها اللطف والابتسامة والمقهى ولُعب الأطفال والحافلة السياحية وغيرُها عواملُ اجتذابٍ للأسرة واستعادةٍ للحضور الثقافي. ** نجاح الشارع المحدود سيضمن نجاح القيصرية الممدودة دون أن نهاب ضعف البدايات وقصورها؛ متمنين أن تولد «القيصرية» دون عملية طويلة، والظن أنها ستكون مزارًا ومدارًا يأخذ بعض شبابنا من مسارات العزلة المَرَضية والانتماءات المذهبية والطائفية والإقليمية والقبلية؛ فالثقافةُ تشعل أضواء الرؤية وتعزِّز أجواء الرويَّة وتخلق إيقاعًا يرقى بالعقل نحو الذرى. ** يسكن النِّجاد من لا يحفل بالوِهاد.
مشاركة :