بسمة النمري: الأسئلة الصعبة تثير شهيتي للكتابة بقلم: حنان عقيل

  • 12/1/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ثمة أفكار فلسفية وتجارب روحية وغوص عميق في أغوار النفس البشرية تتكئ عليها أعمال النمري القصصية. هنا تلفت ضيفتنا إلى أن الكلمة جسد، والمعنى فيها هو الروح، وقد تستوفي القصّة شروطها، لكن يبقى هناك شيء ما ناقص فيها، إنْ لم تنهض بها روحٌ خلاّقةٌ تهزّها وتحييها. السرد الجميل وحده لا يصنع قصّةً، إذْ لا بدّ لها أنْ تجترح جديداً يغيّر شيئاً في الكون ويضيف إليه، فيغدو بعدها مختلفاً عمّا كان قبلها، وإلاّ فَلِمَ الكتابة؟.. لذا على الكاتب أنْ يثري الفكرة التي تسكن عقل قصّته”. وتنوه النمري بأن على القاص الحقيقي أنْ يكون شجاعاً أوّلاً، متمرّداً ثائراً على الضحالة، يلقي سؤاله الصعب، ويلهث سعياً وراء إجابةٍ تقنعه، دون أنْ يلقي بالاً للحدود المفروضة سلفاً، والتي تكبّل العقل وتحدّ إبداعه وقدرته على الخلق، ويضمّن قصّته كلّ ذلك، تلك هي مهمّته الأصليّة التي وُجد لأجلها. توصف أعمال بسمة النمري القصصية بـ”الوصفية الشعرية” وهي فنانة تشكيلية إلى جانب عملها القصصي، وهنا تؤكد النمري أنها لا تستطيع أن تنكر أنّ اللّوحة قد أثْرَتْ قصّتها وأضافتْ إليها الكثير. هذا الامتزاج بين الفنّين وتزاوج الكلمة باللّون أنتجا جنساً أدبيّاً جديداً، بالنسبة إليها على الأقل، تتداخل فيه الحدود بين التشكيل والقص، لتغدو اللّوحة قصّة مكتوبة باللّون، والقصّة ترسم لوحةً بالكلمات. الكتابة أحد وجوه الإبداع البشري وتشير النمري إلى أن الأسئلة الجائعة إلى إجاباتٍ تسدّ نهمها هي التي تثير شهيّتها وتدفعها إلى الكتابة، تلك الأسئلة مطارق تنهال على عقلها وتلحّ عليه، ترهقه، تضنيه، حتى أنها لا تترك لها فسحةً تمارس فيها فعل الحياة، أو حتّى فعل العيش دون أنْ تبحث في أمرها، وتعمل فيها فكرها. هي أسئلة الحياة، وأسئلة ما بعد الحياة، وكلّ ما لا تستطيع إدراكه بحواس المادّة الخمس يشكّل هاجساً لديها، يحثّها على محاولة النجاة من الوقوع في فخ ما هو عاديّ. تبيّن النمري أن الكتابة هي أحد وجوه الإبداع البشري، والأصل فيها هو الحس الإنساني الذي يحكمه عقل الكاتب، قبل أنْ نلتفتَ لاسم مَن وضعه أو جنسه. وتتابع “تلك التسميات؛ الأدب النسوي، الأدب النسائي…، لا أؤمن بها بتّةً، إلاّ في حال أنْ أضافتْ إلى ثقتي بأن الكاتبة الأنثى هي الأكثر قدرةً ومهارةً على تناول الموضوعات والقضايا التي تتعلّق بها، وذلك لأنها تحياها حقيقةً، تحسّ بها وبأثرها عليها فلا تُنظّر من بعيدٍ حين تكتبها، وبالتالي، دون تقصّدٍ منها، سينعكس ذلك على نصّها الذي بالضرورة سيحكيها بصورة أفضل ممّا لو كتبه أحدٌ غيرها، لذا حين تكتب المرأة ذاتها تنحاز بذلك إلى كتابة ما تتقنه وتبدع أكثر فيه، وهذا لا يدينها، ولا يستوجب أبداً أنْ تُثار قضيّة ضدّها تدفعها إلى تبرير نفسها وتبرئة منجزها”. تقول “في نهاية الأمر لا يسعني إلا أنْ أشفق على مجتمع ذكوري ظالم يقيّد حرّية المرأة فيما تكتب وترسم وتبدع، يدينها إنْ تجلّتْ روحها بمنجزٍ، وبنصوصٍ تحلّق عالياً في سماء الإبداع الإنساني الصافي، تلك الإبداعات المدهشة التي لو أتيحتْ لها الفرصة أنْ تنطلق بكلّ طاقتها الكامنة فيها، بعيداً عن أساليب التورية والترميز والتلميح”. :: اقرأ أيضاً عالم الإنتلجينسيا العراقية المشوهة في روايات علي بدر مصر وتونس والمغرب وفرنسا في جائزة الشيخ زايد فرع الترجمة الاستثمار في الثقافة بمسقط مؤتمر وقضية أي مصير ينتظر الدراما المصرية بعد رحيل الكبار

مشاركة :