في الأحياء التي لا تزال تحت سيطرة مقاتلي المعارضة في شرق حلب، تملأ الجثث الشوارع، وقد قتلوا في القصف العنيف الذي يستهدف هذه الأحياء من قوات النظام، بحسب مشاهدات لمراسل لوكالة فرانس برس. ويعيش من تبقى في هذه الأحياء من دون مستشفيات ووقود وسيارات إسعاف منذ بدء الهجوم العنيف وحملة القصف المكثف قبل أسبوعين الذي تمكنت خلاله قوات النظام من السيطرة على حوالي %40 من مناطق المعارضة. وقال مراسل فرانس برس إن القذائف كانت تتساقط كـ «المطر» في شوارع عدة من القطاع الجنوبي من الأحياء الشرقية في ثاني المدن السورية، وتقتل من لم ينجح في الاختباء منها. في أحد الأحياء تسقط قذيفة في شارع تصيب فتاة كانت تسير على الرصيف على بعد أمتار عدة بجروح بالغة، قطعت يدها على الفور وأصيب رأسها بشظايا، وانهارت فاقدة وعيها وقد غطت الدماء وجهها وجسدها. ولم يعد لدى متطوعي «الخوذ البيضاء» الإمكانات الكافية ليهرعوا لإنقاذ المصابين. بعد وقت قصير من إصابة الفتاة ينجح شبان من الحي في نقل الضحية على دراجة. في وقت لاحق أبلغت عائلتها وكالة فرانس برس أن منى (10 سنوات) توفيت متأثرة بجروحها. وأشار مراسل فرانس برس إلى شبه انقطاع تام للكهرباء والإنترنت عن مناطق الفصائل التي تتعرض لقصف عنيف. حتى الآن، كان المدنيون يحاولون الاحتماء في أماكن آمنة خلال ساعات القصف، لكن حدة القصف من جهة وقلة الملاجئ وتقدم قوات النظام السريع أقنعت الآلاف منهم بالفرار، وغالبا ما طالتهم القذائف وهم يحاولون العبور إلى المنطقة الواقعة تحت سيطرة النظام أو أحياء أخرى في القطاع الجنوبي. ويقول المراسل إنه شاهد خلال الأيام الأخيرة عددا من الجثث في الشوارع المدمرة التي تحيط بها أبنية منهارة أو مثقوبة بفجوات ضخمة. ففي حي الشعار يجد الناس صعوبة بالغة في التحرك حتى من أجل الفرار، وقال بعضهم -وهم يحملون بعض الحاجيات المجمّعة على عجل- لمراسل فرانس برس أثناء مرورهم بالقرب منه إن «القصف لا يتوقف. الانتقال إلى حي الصاخور أمر مستحيل». وقد سيطرت قوات النظام أخيرا على حي الصاخور. وفي شريط فيديو بثه مركز حلب الإعلامي التابع للمعارضة يمكن رؤية جثث مدماة وأطراف بشرية وأحذية تملأ أحد الشوارع، وسط بقع من الدماء، ويسمع صراخ أطفال فيما تمر صورة جثة وقد قطعت من النصف، ويظهر فتى في الشريط يبكي إلى جانب جثتين إحداها تعود لوالدته. ويقول للكاميرا وهو يجهش بالبكاء: «قصفت المدفعية مرة أولى، ركضنا، ثم رأيت والدتي ميتة». ويقول والده وقد جثا بالقرب من زوجته: «سنخرج بسبب الظلم والقصف الجوي والقذائف ونقص الطعام». ثم يلف الرجل وابنه الجثتين بغطاءين من البلاستيك البرتقالي يزودهما بهما مسعفون في المكان. وفرّ أكثر من 50 ألف شخص من شرق حلب خلال الأيام الماضية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقتلت في شرق حلب منذ بدء هجوم قوات النظام قبل أسبوعين أكثر من 300 شخص بينهم 33 طفلا، بحسب المرصد.;
مشاركة :