لا أذكر أنني قرات سيرة ذاتية بروعة مذكرات الأستاذ علي النعيمي وزير النفط السابق والتي تعكس درجة عالية من التواضع ومحاولة الإيضاح للقارئ الغربي أن السعوديين على درجة عالية من العمل الجاد وسرعة التعلم، وكان ذلك واضحاً عندما تحدث أننا جميعاً بدو والجميع سريع التعلم وعمليون، وهذا بالطبع يوضح للقارئ الغربي أن البداوة لا تعني التخلف أو عدم الرغبة في الحياة، بل على العكس تماماً أنهم بشر كغيرهم ويطمحون لحياة أفضل كغيرهم من البشر حول العالم، وهذا ما أوضحه بدقة في مقدمة مذكراته وهي قمة الوفاء للوطن. يبدأ سيرته الذاتية بإيضاح سبب تدوينها موضحاً أنه لو نجح في تحفيز شاب أو شابة سعودية أو من أقرانهم العرب فيرى أنه حقق الهدف من كتابتها، والتي يروي فيها معاناته كطفل بدوي عاش في الصحراء في سنوات عمره الأولى في ظروف معيشية صعبة ومن ثم بدأ العمل في أرامكوا كمراسل وهو في سن 12 عاماً مع أخيه الأكبر عبدالله - رحمه الله - دون أن يتقاضى راتباً حتى توفى أخوه ومن ثم قررت الشركة صرف راتب له عن الفترة التي عمل فيها نظراً لحاجته وأسرته للمال. حصل النعيمي على بعثة حكومية للدراسة في الجامعة الأميركية في بيروت والتي كانت تعد أحد أهم الجامعات في العالم العربي ثم حصل على بعثة أخرى من أرامكو لدراسة ماجستير في الجيولوجيا في جامعة ستانفورد – أحد أهم الجامعات في العالم - وذكر أنه عند تواصله مع رئيس القسم وسؤاله كيف يمكن له الحصول على فرصة الدراسة في الجامعة، قال له أعمل معنا لأسبوعين وبعدها نقرر، ويوضح النعيمي أنه لا يذكر أنه في حياته عمل بمثابرة وبجد كتلك الأسبوعين. أما وصفته للنجاح فيقول أنها خليط بين: العمل الجاد، الحظ، وأن تجعل مديرك يظهر بشكل جيد، ففي هذه الحال قد يترقى ومن ثم تحصل على وظيفته. تنقل النعيمي بين عدد من الأقسام داخل الشركة وتسلم مهام مختلفة ولعمله الجاد حصل على ترقية استثنائية لأربعة درجات وظيفية وهي المرة الأولى في تاريخ الشركة تقديراً للمجهود الكبير الذي قام به في الشركة. وفي العام 1983 أوضح معالي وزير البترول والثروة المعدنية السابق الأستاذ أحمد زكي يماني للقيادة الأجنبية في أرامكوا رغبة الحكومة في تعيين رئيس سعودي للشركة قبل غروب شمس آخر يوم من العام، وهو ما تم فعلا حيث تواصل مع النعيمي بعد اجتماع مجلس إدارة أرامكوا وأفاده بتوجيه الملك فهد - رحمه الله - بأن يتولى رئاسة شركة أرامكوا ومن هنا بدأت رحلة أخرى وهو ما سنرويها في المقال المقبل. maghrammba@gmail.com
مشاركة :