بالأمس تحدثنا عن بدايات معالي وزير النفط السابق الأستاذ علي النعيمي ومعاناته في بدايات حياته وكفاحه إلى أن وصل إلى منصب رئيس أرامكو كأول رئيس للشركة بدعم من الدولة لتوفير فرصة للكفاءات السعودية لقيادة أرامكو. في مقال اليوم سأتحدث عن رحلة النعيمي منذ رئاسته للشركة مطلع العام 1984، ولعل أول تحدٍّ كان الانخفاض الحاد في أسعار النفط حتى وصلت إلى مستويات متدنية جدا، ومن ثم حرب الخليج الثانية والتي جميعها كان لها تأثير على أسعار النفط وتستوجب استجابة عالية لوضع أسواق النفط وابتكار حلول حديثة. كانت رؤية النعيمي للشركة البحث عن أسواق جديدة، وكانت البوصلة تتجه للشرق، ونجح فريق أرامكو في شراء حصة من مصفاة تكرير في كوريا الجنوبية لتكون موطئ قدم، ومن ثم بدأت رحلة نمو الشركة والبحث عن أسواق جديدة في الشرق والتي كانت لا تخلو من تحديات كبيرة لا سيما بعد مفاوضات استمرت لعامين لشراء حصة من مصفاة تكرير في اليابان ولم تفلح. تمتاز سيرة النعيمي أنها لم تسلط الضوء على شخصه بقدر تسليطها الضوء على عدد من قيادات أرامكو السابقة والحالية، ولعل ما لفت الانتباه حديثه عن دور رئيس شركة أرامكو الحالي نظمي النصر الذي نجح في توفير أكثر من مليار دولار في مشروع حقل شيبة الذي كانت توقعات تكلفة تنفيذ المشروع ما بين 5 إلى 6 مليارات دولار ونفذ المشرع بأقل من 4 مليارات دولار. يتناول النعيمي الحديث بفخر واعتزاز كبير لقيادات أرامكو وثقته بوجود كفاءة وطنية مميزة في الشركة، ولعل ذلك كان واضحا في حديثه للملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- عندما كان لدى الملك رؤية لتأسيس جامعة عصرية متقدمة علميا، تلعب دورا في نهضة العلم كما كان العالم الإسلامي في عهود مضت، فاقترح على الملك عبدالله أن تتولى أرامكو تأسيس الجامعة لخبرتها في المشروعات العملاقة، وهو ما تم، حيث تمت زيارة عدد من الجامعات العالمية ومنها جامعة ستانفورد الرائدة عالميا وجامعة سنغافورة الوطنية وغيرها من الجامعات في الشرق والغرب حتى تمت بلورة رؤية الجامعة واختيار مدير جامعة سنغافورة الوطنية رئيسا للجامعة لخبرته الفريدة. سيرة علي النعيمي هي نافذة للعالم عن أرامكو والمملكة من الداخل ووضع أسواق النفط ارتفاعا وهبوطا وأهم الأحداث السياسية والاقتصادية إقليميا وعالميا وتأثيرها على أسعار النفط، وكيف استجابت المملكة لكل هذه التحديات، وبصدق أشعر باعتزاز بكل من يعمل في عملاقنا الوطني أرامكو ولمدون السيرة الذاتية الذي عمل بصمت وأتحفنا بسيرة ذاتية مميزة. maghrammba@gmail.om
مشاركة :