وصل الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان أمس إلى بورما على رأس لجنة دولية للوقوف على ما تتعرض له أقلية الروهينغا المسلمة. وتزامن قدوم أنان مع تعرضأاونغ سان سو تشي الحائزة جائزة نوبل للسلام والتي تقود الحكومة الحالية، لانتقادات دولية لفشلها في التحقيق في ادعاءات بقيام الجيش بعمليات تطهير عرقي ضد الأقلية المسلمة، ورفض ناشطون لجنة التحقيق الجديدة التي شكلتها الحكومة البورمية، معتبرين أنها تفتقد المصداقية. وأعلن مكتب سو تشي، أن اللجنة ستحقق في سلسلة هجمات استهدفت مراكز للشرطة في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إضافة إلى «الاتهامات الدولية» بقيام الجيش بانتهاكات لحقوق الإنسان. وكانت قد قامت في أغسطس (آب) الماضي بتشكيل لجنة أخرى برئاسة كوفي أنان بهدف معالجة هذا الملف الحساس؛ الأمر الذي ندد به البوذيون المتطرفون بوصفه تدخلا أجنبيا. وقال أو هلا ساو، وهو سياسي كبير من حزب أراكان القومي، لوكالة الصحافة الفرنسية: إن «اللجنة الجديدة لن تقوم بأي أمر مختلف». وأضاف: «ليس لدي الكثير من الأمل بشأن ذلك». وقالت مجموعات حقوقية إن «اللجنة المؤلفة من 13 عضوا غير فاعلة، ولا يوجد فيها مسلمون، ويقودها نائب الرئيس مينت شوي، وهو جنرال متقاعد من الجيش الذي كان على اللائحة السوداء للولايات المتحدة». وواجهت سو تشي انتقادات شديدة على الساحة الدولية، حتى من قبل أشد مؤيديها، بسبب صمتها على القمع الذي يتعرض له هؤلاء المسلمون الذين تعتبرهم الأمم المتحدة الأقلية الأكثر تعرضا للاضطهاد في العالم. ومينت شوي حليف مقرب من رئيس الفريق العسكري السابق الجنرال ثان شوي المتقاعد، وكان رئيس العمليات الخاصة في يانغون عند قمع السلطات العنيف لـ«ثورة الزعفران» التي قادها عدد من الكهنة البوذيين في عام 2007. وأكد ماثيو سميث، من منظمة «فورتيفاي» غير الحكومية «لا نثق كثيرا في لجنة محلية، خصوصا إن كانت برئاسة رجل عسكري». وأضاف في تصريحات أوردتها الوكالة الفرنسية، أن «هذه اللجنة الجديدة لن تكون قادرة على إجراء تحقيق موثوق حول حقوق الإنسان، وبالتأكيد غير مستقلة. حان الوقت الآن لإجراء تحقيق دولي مستقل». وقال نائب مدير منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية في آسيا فيل روبرتسون إن اللجنة الجديدة «لا تبدو مستقلة ولا موضوعية». وقبل أيام أصدرت المنظمة الأممية تقريرًا وصفت فيه ما تتعرض له الأقلية المسلمة في بورما بالتطهير العرقي. وأكد ممثل للأمم المتحدة في بنغلاديش، أن السلطات البورمية تشن حملة «تطهير عرقي» ضد أقلية الروهينغيا المسلمين التي لجأ آلاف من أفرادها في الأسابيع الأخيرة إلى هذا البلد هربًا من ممارسات الجيش البورمي. وقالت منظمة الأمم المتحدة إن عشرة آلاف من أقلية الروهينغيا المسلمة عبروا من بورما إلى بنغلاديش في الأسابيع الماضية هربًا من أعمال العنف في مناطقهم بعد تدخل الجيش البورمي. الفريق الذي يقوده الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان وصل إلى ولاية راخين بشمال غربي ميانمار لبحث محنة الروهينغيا في ظل حملة يشنها الجيش وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 86 شخصا. وسيمضي أنان يوما في مدينة سيتوي عاصمة الولاية قبل أن يسافر إلى الشمال الذي فرض عليه حصار منذ أن بدأ الجيش حملة تمشيط للمنطقة بعد هجمات شنها متشددون على مواقع حدودية في التاسع من أكتوبر. وعينت الزعيمة السياسية سو تشي اللجنة قبل اندلاع المعارك الحالية لتقديم المشورة بشأن الولاية المضطربة، حيث يعيش البوذيون العرقيون من الراخين والمسلمون من الروهينغيا بشكل منفصل منذ اندلاع اشتباكات في 2012. وتمثل أحدث أعمال عنف أكبر تحد حتى الآن لحكومة سو تشي التي تشكلت قبل ثمانية أشهر، وجددت انتقادات دولية لسو تشي بأنها لم تقم بما يكفي لمساعدة الأقلية المسلمة المحرومة من حق المواطنة والحصول على الخدمات الأساسية. وكان رئيس وزراء الولاية ني بو في استقبال أعضاء لجنة عنان، وهم ستة من ميانمار وثلاثة أجانب بينهم عنان. وزارت اللجنة الولاية أول مرة في سبتمبر (أيلول) الماضي. واستقبل متظاهرون كوفي أنان عند وصوله وحملوا لافتات تدعو إلى منع لجنته من الوصول إلى هناك. وقال عضو لجنة التحقيق أي لوين لوكالة الصحافة الفرنسية إن الرحلة تأتي بهدف «جمع الحقائق...لن نعطي أي استنتاجات». وحمل المحتجون لافتات كتب عليها «امنعوا لجنة كوفي أنان» وهتفوا قائلين «لا نريد لجنة كوفي أنان». وبدا أن عدد أفراد الشرطة الذين كانوا يرتدون سترات واقية من الرصاص ويحملون بنادق أكبر من عدد المحتجين. وقال مزارع في الاحتجاج يدعى ماونج خين «لماذا لا نستخدم مواطنينا في شؤون بلادنا..لا نريد أي أجانب في هذا الأمر. إن هذا يظهر سوء تعامل الحكومة مع القضية». وتقول الأمم المتحدة إن «أعمال العنف أدت إلى تهجير ثلاثين ألف شخص وسقوط عشرات القتلى منذ بداية عملية الجيش البورمي بعد سلسلة هجمات استهدفت مراكز للشرطة مطلع أكتوبر». وشن الجيش البورمي مؤخرا حملة قمع في ولاية راخين، وتحدث آلاف من الروهينغيا الذين هربوا من بورما في نوفمبر (تشرين الثاني)، عن ارتكاب قوات الأمن البورمية عمليات اغتصاب جماعي وتعذيب وقتل. وحظر على الصحافيين الأجانب والمحققين المستقلين دخول المنطقة للتحقيق في المزاعم. ورفض الجيش والحكومة مزاعم السكان وجماعات حقوقية بأن جنودا اغتصبوا نساء من الروهينغيا وأحرقوا منازل وقتلوا مدنيين خلال العملية العسكرية.
مشاركة :